مناطق سيطرة الحكومة في نهاية 2022.. تقارب سياسي وانهيار اقتصادي

غرفة الأخبار – نورث برس

 لم ينته عام 2022 إلا وحمل معه أحداثاً جديدةً في مناطق سيطرة الحكومة السورية، منها ما كان متوقعاً حسب صيرورة الأحداث على الساحة السورية كالأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعيشها، ومنها ما كان حدثاً سياساً بارزاً والذي تمثل بجلوس وفد رسمي من دمشق وآخر من أنقرة على طاولة واحدة.

وشهدت مناطق سيطرة الحكومة السورية في الشهر الأخير من عام 2022 أزمة اقتصادية شديدة تمثلت في انهيار الليرة السورية وفقدانٍ للمحروقات وانقطاع شبه كليٍ للكهرباء وغيرها من الأزمات.

وما كان في نهاية 2022، إلا والتقى وزيرا الدفاع السوري والتركي في العاصمة الروسية موسكو، بعد انقطاعٍ في جميع العلاقات بين الطرفين دام حوالي أحد عشر عاماً، ووصل أحياناً إلى الصدام المسلح في جبهات القتال على الأرض السورية.

في حين لم تشهد الخارطة العسكرية في عام 2022 بمناطق سيطرة الحكومة السورية أي تغيرات، وسط استمرار الفلتان الأمني في مناطق الجنوب السوري والاحتجاجات.

2022 سياسياً

لم تكن الأحداث السياسة في مناطق سيطرة الحكومة السورية ذات أهمية كبيرة، خلال العام، ولكن قبل نهاية العام الماضي، دخلت منعطفاً جديداً في تاريخ الحرب السورية.

حيث خلصت جهود روسيا منذ أشهر عدة، لعقد لقاءات رسمية بين حكومتي أنقرة ودمشق، إلى عقد لقاء على مستوى وزراء دفاع البلدين الجارين المتخاصمين، بعد أنْ كان الحديث عن احتمال لقاءات على مستويات أعلى.

والأربعاء، الثامن والعشرين من كانون الأول/ديسمبر الماضي، التقى وزيرا الدفاع السوري والتركي برعاية روسية في العاصمة موسكو.

وقال وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، إن “الأعمال التي سيتم تنفيذها في الأيام المقبلة ستساهم بشكل جاد في إحلال السلام والاستقرار في المنطقة وسوريا”، وأنه اتفق مع نظيره السوري على “استمرار الاجتماعات“.

وشددت البيانات الصادرة من الأطراف الثلاث على أنه تم بحث سبل حل الحرب السورية ومشكلة اللاجئين، والجهود المشتركة لمكافحة الجماعات المتطرفة في سوريا، واستمرار الاستقرار في سوريا والمنطقة.

بدوره، شدد وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، على أنه يجب عقد اللقاءات واستمرارها وتطويرها من أجل نجاح عملية التطبيع مع سوريا.

أكد وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، أنه يجب عقد اللقاءات واستمرارها وتطويرها من أجل نجاح عملية التطبيع مع سوريا.

وقال أوغلو: “عند الحديث عن التطبيع لا يوجد شيء اسمه لقاء لمرة واحدة فقط. إذا حصل لقاء لمرة واحدة فقط، فلا يمكن إحراز أي تقدم على أي حال”.

ودعا أوغلو، لعقد اجتماع ثلاثي مع نظيره السوري فيصل المقداد، والروسي سيرغي لافروف في النصف الثاني من كانون الثاني/ يناير 2023.

ومن ضمن ما شهدته الساحة السياسية السورية خلال العام الماضي من تطورات، زيارة الرئيس السوري بشار الأسد، للإمارات العربية المتحدة، سبقها زيارة وزير خارجية سلطنة عمان لسوريا.

ففي نهاية كانون الثاني/يناير العام الماضي، زار وزير خارجية سلطنة عُمان بدر بن حمد البوسعيدي العاصمة السورية دمشق والتقى الرئيس السوري.

وفي الثامن عشر من آذار/مارس، زار الرئيس السوري بشار الأسد، دولة الإمارات العربية المتحدة والتقى بمسؤولين إماراتيين وذلك في أول زيارة لبلد عربي منذ بدء الحرب في سوريا.

وسبقها بأشهر، زيارة وفد إماراتي رفيع المستوى بقيادة وزير الخارجية الشيخ عبدالله بن زايد، إلى دمشق، وكانت أول زيارة من نوعها منذ بدء الأزمة السورية.

وفي أيلول/ سبتمبر الماضي، دعت مصر على لسان وزير خارجيتها سامح شكري، لضرورة دعم الحل السياسي في سوريا، لكن في الوقت ذاته استبعد عودتها لجامعة الدول العربية، مشدداً على ضرورة اتخاذ الحكومة السورية خطوات تساعدها في العودة.

2022 اقتصادياً

رغم أن الحكومة السورية أنهت عامها بإنجاز سياسي وذلك بلقاء الوفد التركي في موسكو، ولكنها اقتصادياً وصلت إلى “الحضيض”، فانهارت الليرة السورية وفقدت المحروقات إضافة إلى غياب الكهرباء شبه الكامل عن كامل مناطق سيطرة الحكومة.

فمع نهاية العام الماضي، فقدت الليرة السورية قيمتها بنسبة 100% تقريباً، ووصل سعر صرف الليرة السورية إلى حولي 7.000 ليرة مقابل الدولار الأميركي الواحد.

وأما أزمة المحروقات فتعتبر أزمة متجددة في المناطق الحكومية، فبين الحين والآخر تزداد لتعود وتختفي شيئاً فشيئاً ثم تعود وتظهر من جديد، وسط فشل الحكومة في كل مرة بالوصول إلى حل جذري لها، رغم الوعود السورية والإيرانية بإنهاء الأزمة.

وخلال الشهر الأخير من عام 2022، شهدت مناطق سيطرة الحكومة السورية أزمة حادة في الوقود، وأسفرت عن توقف كثير من الفعاليات والصناعات والأعمال، وسط فشل الحكومة في تأمينها.

الحكومة لجأت إلى اتباع سياسة العُطَل في محاولة لتدارك الأزمة، وخلال الشهر الجاري، أصدرت عدة قرارات بتعطيل الجهات العامة.

أزمة المحروقات أدت إلى تعطل أفران في عموم مناطق سوريا وإغلاق لبعضها، فيما اضطر البعض الآخر إلى تخفيض الطاقة الإنتاجية لديهم في ظل عدم حصولهم على كامل مخصصاتهم من المحروقات وغلاءها في السوق السوداء.

يأتي ذلك رغم أنه في أيلول/سبتمبر الماضي، أعلنت إدارة مصفاة بانياس التابعة للحكومة السورية امتلاء خزانات النفط الخام في المصفاة حتى آخر قطرة، وأن قدوم النواقل لم يغيّر شيء في عملية الإنتاج.

وفي تموز/يوليو الماضي، أعلنت شركة المحروقات التابعة للحكومة السورية عن البدء بتطبيق الآلية الجديدة لتوزيع المحروقات.

ورغم تصريحات المسؤولين عن الآليات الجديدة لرسائل المحروقات، إلا أنَّ أزمة المحروقات لم تلقَ حلولاً.

لكن المستشارية الثقافية الإيرانية في سوريا، قالت الاثنين الماضي، إن أزمة المحروقات في سوريا تتجه إلى الانفراج.

ومع استمرار الأزمات في مناطق سيطرة الحكومة ترتفع تكاليف المعيشة، وقال تقرير اقتصادي, في أيلول/سبتمبر، إن وسطي تكاليف المعيشة لأسرة مكونة من 5 أشخاص تجاوز الـ3.5 مليون ليرة شهرياً، رغم أن سعر صرف الليرة مقابل الدولار وقتها لم يكن قد تجاوز 5.000 ليرة.

وخلال 2022، باتت الطوابير البشرية السمة الرئيسية لمناطق سيطرة الحكومة، ففي مواقف السيارات بات مشهد التزاحم الذي يصل لحد الشجار في بعض الأوقات لحجز مقعد في وسيلة نقل عامة، اعتيادياً.

في حين ترى أمام أبواب الأفران المئات من النساء والأطفال والرجال يقفون للحصول على أرغفة من الخبز لا تكفيهم لنهاية اليوم.

أما أزمة الغاز التي لا يغفل عنها أحد، “فحدّث ولا حرج”، حسب تعبير سكان، حيث تتجاوز رسائلها الـ 100يوم، في ظل التقنين الحاد للكهرباء والذي يلغي معه احتمال استخدام السخانات الكهربائية بغرض الطهي.

2022 عسكرياً

لم تشهد ساحة السيطرة العسكرية في مناطق سيطرة الحكومة السورية خلال 2022 تغيرات في خارطة النفوذ العسكري، مع استمرار القصف المتبادل بين القوات الحكومية وفصائل المعارضة، وكذلك استمرار القصف الإسرائيلي على مناطق متفرقة في سوريا.

واقتصرت منطقة خفض التصعيد بين المعارضة والحكومة السورية على القصف المتبادل الذي تخلله غارات روسية لمعاقل المعارضة هناك.

وتصاعدت وتيرة تلك العمليات مطلع تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، حيث أسفر قصف للقوات الحكومية والروسية، استهدف مخيمات النازحين، عن مقتل سبعة أشخاص بينهم طفلين وامرأة وحرج 75 آخرين أيضاً كان معظمهم نساء وأطفال، وفقاً لمصادر عسكرية لنورث برس حينها.

إلى ذلك رصد مركز المصالحة الروسي في قاعدة حميميم بسوريا، عمليات القصف التي تطال مواقع لقوات الحكومة السورية، كما أنه يعلن بين الحين والآخر عن “عمليات استفزازية” ويقول إن هيئة تحرير الشام تعدها لاتهام الحكومة السورية بتنفيذها.

أما القصف الإسرائيلي، فكان آخره منذ عشرة أيام، حيث تعرضت مستودعات أسلحة في منطقة السيدة زينب بريف دمشق الجنوبي وفي محيط مطار دمشق الدولي، تعود لفصائل إيرانية وحزب الله اللبناني، لقصف صاروخي عنيف.

وقالت وسائل إعلام إن عدد الاستهدافات الإسرائيلية للأراضي السورية التي تم توثيقها وصلت إلى 32 استهدافاً منذ مطلع 2022.

فيما شهد الجنوب السوري اشتباكات في مدينة درعا ومدينة جاسم في ريفها بين فصائل محلية وعناصر تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، الذي عاود الظهور بعد أربع سنوات من الغياب.

ومنتصف تشرين الثاني/ نوفمبر، أعلنت المجموعات المحليّة السيطرة على حيّ طريق السّد بمدينة درعا بعد أكثر من أسبوعين على حملة عسكرية ضدّ خلايا التنظيم ومعارك أوقعت نحو 40 قتيلاً من الطرفين.

وبدأت تل الحملة العسكرية في 30 تشرين الأول/أكتوبر، ضدَّ خلايا التنظيم في حيّ طريق السّد وذلك بعد يومين على تفجير انتحاري في منزل قيادي سابق في صفوف المعارضة، قُتِل على إثرها أربعة أشخاص وأصيب خمسة آخرين بجروح.

وقبلها بنحو شهر، شهدت مدينة جاسم بريف درعا الشمالي، هدوءً حذراً، في أعقاب الإعلان عن مقتل “أبو عبد الرحمن العراقي” أحد أبرز قيادات تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، على يد المجموعات المسلحة المحلية المدعومة من القوات الروسية.

ولم تنتهِ السنة إلا والاحتجاجات عمت كلاً من محافظتي درعا والسويداء، في ظل الفلتان الأمني والوضع الاقتصادي والخدمي المتردي في تلك المحافظتين، وسط مطالب للسكان لم يتحقق شيء منها، ما يشير لاستمرار التصعيد في الاحتجاجات، بناء على دعوات ناشطين.

إعداد وتحرير: محمد القاضي