أفران خاصة بدمشق تخفض طاقتها الإنتاجية بسبب المحروقات

دمشق- نورث برس

يجلس أبو عمر (70عاماً) أمام باب فرن الصمون الذي يملكه منذ عشرات السنين في سوق الشيخ سعد بدمشق، ويتحدث عن قلة الإنتاج وارتفاع التكاليف التي تسبب له خسائر هو بغنى عنها.

كان فرن الرجل السبعيني وقبل أسبوعين من تفاقم أزمة المحروقات الأخيرة، يعمل من الساعة السابعة صباحاً حتى الحادية عشر ليلاً ويضم 15عاملاً، ولكن حالياً ليس لديه سوى ثلاثة عمال ويعملون لخمس ساعات تتضمن بيع المفرق والجملة.

ويشير صاحب الفرن إلى أنه حتى يربح “جيداً” ويغطي كل التكاليف من أجور العمال وآجار المحل وضرائب للمالية و”رشاوى” لموظفي حماية المستهلك، يجب أن يبيع كيلوغرام الصمون بما يقارب الـ 15 ألف ليرة سورية.

لكنه لا يزال يبيع الكيلوغرام بسبعة آلاف ليرة “وهذا سبب الخسارة”، بحسب قوله.

وبحسب أصحاب أفران خاصة في دمشق تنتج حلويات وصمون وخبز نخالة ومعجنات، فإنهم اضطروا لتخفيض الطاقة الإنتاجية لديهم في ظل عدم حصولهم على كامل مخصصاتهم من المحروقات وغلاءها في السوق السوداء.

مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك، تمام العقدة، قال الأحد الماضي، إن كل المخابز تحصل على مخصصاتها اليومية، ولكن أصحاب أفران خاصة بدمشق أكدوا لنورث برس، أنهم يحصلون على 40% فقط من مخصصاتهم من المحروقات أو أقل.

شبه متوقفة

وبحسب رئيس جمعية الحلويات السابق، بسام قلعجي، فإن 50% من الأفران الخاصة في العاصمة دمشق شبه متوقفة جراء أزمة المحروقات، جاء ذلك في تصريحات نقلتها إذاعة “شام إف إم” المحلية قبل أيام.

والأفران التي أصيبت بحالة شبه توقف، تتنوع في إنتاج خبز نخالة وحلويات أو ما تسمى باللهجة المحلية “باتيسيري”، وخبز الصمون بأنواعه والتوست والكيك وهي لا تختص فقط بالخبز السياحي.

ويقول محمد أحمد (50 عاماً) اسم مستعار لفرّان يعمل في فرن بمنطقة ساروجة وسط دمشق مختص بإنتاج خبز النخالة، إن كميات إنتاج الفرن “انخفضت للثلث فقط وبات ينتج لزبائن محددين وقديمين في المنطقة”.

ويشير “أحمد” الذي يعد مشرفاً على عملية الإنتاج إلى أنه وفي حال بقيت أسعار المحروقات والكميات المخصصة على حالها، ستقل الكمية المنتجة لديهم أكثر.

وفي الثالث عشر من الشهر الجاري، رفعت وزارة التجارة وحماية المستهلك سعر مبيع البنزين اوكتان ٩٠ للمستهلك إلى ٣٠٠0 ليرة سورية لليتر، وأوكتان ٩٠ الحر بسعر ٤٩٠٠ ليرة لليتر، وأوكتان ٩٥ بسعر ٥٣٠٠ ليرة لليتر .

وحددت سعر مبيع المازوت المدعوم والموزع من قبل شركة محروقات في جميع أنحاء سوريا للقطاعين العام والخاص بما فيها المؤسسة السورية للمخابز ومخابز القطاع الخاص المخصصة لإنتاج الرغيف التمويني بسعر ٧٠٠  ليرة لليتر.

ارتفاع السعر

وقبل أن ترفع الحكومة سعر المحروقات، شهدت السوق السوداء ارتفاعاً غير مسبوق في أسعارها فوصل سعر البنزين في السوق السوداء إلى 20.000 ليرة، فيما وصل سعر المازوت إلى 16.000 ليرة.

ومع تخفيض الأفران لطاقتها الإنتاجية، ارتفع سعر ربطة الخبز الأسمر “النخالة” المخصص للريجيم ومرضى السكري

والتي تحوي ستة أرغفة صغيرة إلى ما يقارب الـ 2000 ليرة سورية.

وعن سعر ربطة خبز النخالة يوضح “أحمد” أنهم يبيعون 7 أرغفة صغيرة بألفي ليرة في الفرن الذي يعمل به وربحها لا يتجاوز الـ100 ليرة سورية، ضمن العملية التي تدور بها الصناعة من وصول المواد الأولية إلى البيع النهائي.

ويرى خبير اقتصادي فضل عدم نشر اسمه، أن الحل للأزمات المتفاقمة يكمن في “تقديم التسهيلات للتجار لإدخال المواد إلى البلد دون طلب ملايين ومليارات الليرات كضرائب”.

ويتفق أبو عمر مع الخبير الاقتصادي الذي يرى هو الآخر، أن الحلول تكمن في توفير مواد الطاقة والسماح لأي تاجر لديه القدرة بأن يستوردها ويستورد المواد الأولية دون حصرها.

وفي حي الميدان بدمشق، يقول نور الدين صبحي، اسم مستعار لصاحب محل حلويات وصمون، إن محله حالياً وبطاقة وقود 40% يعمل 5 ساعات يومياً فقط، وفي ظل الكميات القليلة من المواد الأولية ينخفض العمل لساعتين فقط أحياناً.

ويشير إلى أن الكميات المنتجة في جميع الأفران لا تناسب احتياجات السوق سواء من الخبز أو الحلويات.

 ويعتبر “صبحي” أن حالة شبه الإغلاق التي أصابت الأفران “أخطر” من الإغلاق، كونه ينهك العمال مادياً ومعنوياً وينهك صاحب العمل أيضاً، فهو مجبر على دفع رواتب شهرية للموظفين والعمال.

إعداد: دهب محمد- تحرير: سوزدار محمد