“تحرير الشام” تفتتح الملعب البلدي بإدلب وتعجز عن دعم القطاعات التعليمية والصحية

إدلب – نورث برس

بتكلفة قاربت الـ300 ألف دولار أميركي، افتتحت هيئة تحرير الشام، عبر جناحها المدني حكومة الإنقاذ في إدلب، الملعب البلدي، في وقت تعجز فيه عن دفع رواتب معلمين وأطباء، ما أثار تساؤلاً عن كيفية تأمين هذا المبلغ؟.

وأثار افتتاح الملعب في إدلب، شمال غربي سوريا، استياء وغضب الكثير من السكان في تلك المنطقة، إذ يعانون أصلاً من أوضاع معيشية واقتصادية سيئة للغاية.

وجاء الافتتاح في وقتٍ هو الأسوأ بالنسبة للقطاعات التعليمية والصحية في المنطقة التي تدعي “الإنقاذ” أنها غير قادرة على تأمين الدعم اللازم لتشغيل تلك القطاعات بالشكل الجيد.

وكانت مديرية الرياضة والشباب التابعة لـ”الإنقاذ” قد نظّمت يوم الثامن عشر من الشهر الجاري، حفل الافتتاح بعد اكتمال تجهيزات الملعب، بكلفة قاربت الـ250 ألف دولار أميركي.

وكان الملعب تعرض للدمار خلال سنوات الحرب، سبق أن حولته قوات الحكومة السورية إلى ثكنة عسكرية قبل خروجها من إدلب.

يقول سعيد الرجب، وهو ناشط مدني من سكان إدلب، لنورث برس، إن “افتتاح الملعب شيء جيد في الأحوال الطبيعية، لكن ليس في هذه الأوقات التي يمر بها القطاع التعليمي والصحي والخدمي في ظروف سيئة للغاية”.

إذ أن التكلفة التي وضعت لافتتاح الملعب “بإمكانها أن تسدد رواتب أكثر من أربع آلاف معلم في المنطقة، حيث أن الجميع يعلم أن أكثر من 45 مدرسة في إدلب وريفها أعلنت خلال الآونة الأخيرة تعليق عملها بسبب عدم وجود رواتب ثابتة للمعلمين منذ نحو عامين”، بحسب الناشط.

وأضاف “الرجب” أن الجناح المدني لتحرير الشام، تبرر عدم وجود رواتب ثابتة للمعلمين في مناطق سيطرتها “بعدم قدرتها على كفالة كل هذا الرقم نظراً لقلة الإمكانيات والموارد لديها”.

وهنا تساءل الناشط: “إذا كانت الموارد قليلة كيف قامت الحكومة بافتتاح الملعب البلدي؟. وكيف تمكنت من تعبيد طريق باب الهوى سرمدا بتكلفة تجاوزت الأربعة ملايين دولار وذلك نظراً لكونه الطريق التجاري الذي تستفيد منه، بينما شبكة الطرق في باقي مناطق المحافظة باتت شبه منتهية وتسبب الكثير من الحوادث المرورية”.

مصادر التمويل

جهاد الحموي، وهو اسم مستعار لأحد الإداريين السابقين في شركة “وتد للبترول” التابعة لتحرير الشام، تحدث لنورث برس، عن الموارد التي تعتمد عليها الهيئة منذ بسط نفوذها على إدلب بشكلٍ كامل وحتى هذا اليوم.

وقال إن “الموارد كثيرة وأبرزها معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا والذي يعتبر الممر التجاري وشريان الحياة الأول والأهم في المنطقة، حيث تتراوح أرباح المعبر يوميا بين 350 و 500 ألف دولار أميركي جميعها تذهب لخزينة الهيئة”.

ويتم تحصيل تلك المبالغ من خلال الضرائب والرسوم التي تفرضها الهيئة على الصادرات والواردات من وإلى إدلب.

ومن مصادر الهيئة الأخرى، المعابر الداخلية بين إدلب وشمالي حلب وبين مناطق الحكومة وإدلب “التي تعمل اليوم سراً”، وطرق التهريب إلى تركيا التي تديرها أيضا منذ نحو خمس سنوات.

وأشار إلى أن معبر الغزاوية الفاصل بين إدلب وعفرين، تتراوح عائداته الشهرية بين 150 و200 ألف دولار أميركي، إذ تفرض الهيئة الضرائب على كافة الواردات إلى إدلب والصادرات منها إلى شمال حلب، ومتوسط الرسوم على الشاحنات يزيد عن 30 دولاراً، وذلك حسب نوع البضاعة وكميتها.

وأما المعابر الأخرى، فهي المعابر السرية التي تربط بين مناطق سيطرة الهيئة في إدلب ومناطق سيطرة القوات الحكومية في ريفي إدلب وحلب، وأهمها معبر سراقب شرقي إدلب ومعبر ميزناز غرب حلب.

وتصل عائدات تلك المعابر في بعض الأحيان إلى نحو 150 ألف دولار أميركي شهرياً، كما تنظم وتدير في الوقت نفسه عمليات التهريب إلى تركيا بطريقة غير شرعية وتفرض ضرائب على المهربين إضافةً إلى إجبار كل شخص يريد الخروج إلى تركيا على دفع مبلغ 100 دولار أميركي لمكاتب الحدود، وتصل عائدات هذا العمل إلى أكثر من 200 ألف دولار أميركي شهرياً، وفقاً لـ”الحموي”.

ويضاف إلى ذلك، عائدات المواد النفطية بمختلف أشكالها والتي “تحتكرها” الهيئة بأسماء شركات تقول إنها خاصة وغير تابعة لها. وتتراوح أرباح الهيئة من هذا القطاع شهرياً، الأربعة ملايين دولار.

وتحتكر الهيئة قطاعات الدعاية والإعلان بإدارة شركة “المبدعون السوريون Creative”، وقطاعات المقاولات وشركات التطوير وقطاع الكهرباء والاتصالات، إضافةً إلى قطاع المواصلات، وتزيد أرباح الهيئة من كل ذلك عن ستة ملايين دولار شهرياً، حسب “الحموي”.

إعداد: بهاء النوباني ـ تحرير: قيس العبدالله