“سوريا فون والمخلوف الجديد”.. مشروع يقلق أصحاب شبكات الإنترنت الخاصة في إدلب

إدلب – نورث برس

يخشى ياسر العمر (33 عاماً) وهو اسم مستعار لصاحب صالة إنترنت في مدينة إدلب، أن يفقد مصدر رزقه، وخاصة بعد تداول أنباء تتحدث عن نية حكومة الإنقاذ، الجناح المدني لهيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً)، افتتاح شركة اتصالات خليوية في المدينة.

ومؤخراً، أعلنت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، يُعتقد أنها تابعة لحكومة الإنقاذ عن نية الأخيرة افتتاح أول شركة اتصالات خليوية في إدلب.

وتحمل الشركة اسم “سوريا فون” (SYRIA PHONE) وتتخذ من البناء المقابل لبنك شام في منطقة المحافظة بمدينة إدلب مقراً لها، وهو مبنى حكومي سابق عملت “الإنقاذ” على ترميمه خلال الفترة الماضية.

وأثارت الأنباء عن افتتاح الشركة، مخاوف سكان وأصحاب صالات إنترنت خاصة، إذ لم يستبعد هؤلاء أن تقوم “الإنقاذ” بإيقاف شركات الإنترنت الخاصة بشكلٍ كامل أو شبه كامل إما بطريقة مباشرة أو غير مباشرة من خلال التضييق عليها، لتحتكر قطاع الاتصالات والإنترنت كما فعلت بقطاعات المحروقات والكهرباء والإعلانات والتعهدات وغيرها.

ويرى هؤلاء أن “الإنقاذ” ستقوم برفع أسعار الإنترنت بعد احتكارها لهذا القطاع بين الحين والآخر، بحجة ارتفاع الأسعار من المصدر، وهو ما كان بارزاً في تعليقات السكان على مواقع التواصل الاجتماعي.

وأطلق البعض، على مالك الشركة غير المعروف حتى الآن، اسم “المخلوف الجديد” في إشارة إلى رجل الأعمال السوري رامي مخلوف، ابن خال الرئيس السوري بشار الأسد، الذي يستحوذ على قطاع الاتصالات في البلاد منذ سنوات طويلة ويتحكم به.

تضييق

وكتب مؤنس الآغا معلقاً على خبر صفحة تداولت خبر افتتاح الشركة، “أكيد متل شركة وتد # ا رتفاع سعر باقات النت من المصدر ضعف النت من المصدر انقطاع النت من المصدر”.

فيما كتب عماد عبد الرحيم، “قاعدة فون! بلشنا بوتد وجينا على غرين انريجي وهلق ناوين على الفون تبع سمانا!!”.

 ورد فارس محمد على نشر الخبر بالقول: “كلو على حساب هالشعب يا جماعة مصوا دم الشعب”.

 وعلق أحمد العثمان، “قال شركة خاصة انقاذ فون ترحب بكم بالله مين هالمخلوف الجديد”.

ويشير “العمر” إلى أن حكومة الإنقاذ ومنذ تفردها بالحكم في المنطقة بدأت أولى عمليات التضييق على أصحاب شركات وصالات الإنترنت في إدلب وريف حلب الغربي، عبر فرض الضرائب عليهم منذ مطلع 2019.

وحينها، اضطر أصحاب الشركات لرفع أسعار الإنترنت بنسبة 30 بالمائة، لتقوم “الإنقاذ” بعد ذلك، بحصر التعاقد مع الشركة التي أنشأتها فقط، بدلاً من التعاقد المباشر مع الشركات في الأراضي التركية والتي كانت تزود المنطقة بأسعار أقل من الأسعار التي فرضتها المؤسسة العامة للاتصالات التابعة لها.

ومطلع العام 2020، أصدرت “الإنقاذ”، قراراً فرضت بموجبه على جميع أصحاب شبكات الإنترنت التعاقد مع شركة “سيريا كونكيكت” المعنية بتوريد حزم الإنترنت وتوزيعها لتكون الشركة الوحيدة المصدرة للإنترنت ضمن مناطق هيئة تحرير الشام.

واعتبر نشطاء حينها أن ذلك يعد احتكاراً للإنترنت في المنطقة والذي يدر أرباحاً كبيرة فضلاً عن الضرائب.

وخلال السّنوات الماضية، رخصت حكومة الإنقاذ، شركات خاصة تدَّعي أنها مستقلة، كشركة “وتد للبترول” المحتكرة للمحروقات والغاز، وشركة “الطاقة الخضراء” المُحتكرة لقطاع الكهرباء، وشركة “المبدعون السوريون” المحتكرة لسوق الإعلانات.

“مشروع ربحي”

ويدفع عبد اللطيف الشمالي (39 عاماً) وهو اسم مستعار لصاحب صالة إنترنت في مدينة إدلب، 350 دولاراً أميركياً شهرياً لمؤسسة الاتصالات التابعة لحكومة الإنقاذ وذلك لقاء ترخيص عمل شبكته في مدينة إدلب والضواحي المحيطة بها.

ويقول “الشمالي” إن الضرائب التي تفرضها “الإنقاذ” تشكل أعباء كبيرة على الزبائن، إذ أن صاحب الشبكة من الممكن أن يتأثر من هذه الضرائب لكنه في الوقت نفسه بإمكانه أن يعوض خسائره من خلال رفع الأسعار على المستخدمين وهي بالتالي سترهق جيوبهم.

ويشير إلى أن “الإنقاذ” تقوم حالياً بتجهيز أبراج التغطية والإنترنت في العديد من المناطق، كما فرضت على أصحاب بعض الشبكات في المناطق الحدودية رفع قيمة الضرائب “بحجة” ارتفاع أسعار الإنترنت من الشركة التركية.

ويضيف: “الحجة نفسها التي تعتمدها الإنقاذ عند رفع أسعار المحروقات والكهرباء وغيرها، الارتفاع من المصدر”.

ويرى “الشمالي” أن افتتاح الشركة هي خطوة تمهيدية للسيطرة على قطاع الإنترنت بشكلٍ كامل والتحكم بأسعاره، حيث أن “الإنقاذ لا ترضى بالقليل، كما أن افتتاح شركة اتصالات واحدة وإجبار الجميع على استخدامها تستطيع من خلالها التجسس على كافة المستخدمين”.

إذ أن الهدف من افتتاح الشركة، بحسب “الشمالي”، هو “استخباراتي أيضاً وليس مشروع ربحي فقط”.

ويوافق بهاء الشريف (41 عاماً) وهو من سكان إدلب سابقه، حول قدرة الهيئة على التجسس على المستخدمين ومراقبتهم في حال أجبرتهم على استخدام الإنترنت والاتصالات الخاصة بها.

ويضيف: “الهيئة باتت مؤخراً تلاحق كل من ينتقدها وكل من يتكلم عنها أو عن قائدها بسوء، وهذه هي الطريقة نفسها التي تتبعها أجهزة استخبارات النظام السوري”.

ويعبر هو الآخر عن مخاوفه من احتكار الهيئة لقطاع الإنترنت، “فالهيئة بات همها الأول والأخير جمع الدولارات”.

إعداد: بهاء النوباني – تحرير: سوزدار محمد