ما بعد داعش(7): سوريون من غرب الفرات بمخيم الهول يطالبون بالعودة إلى مناطقهم وآخرون “قلقون”

مخيم الهول- نورث برس

يطالب نازحون سوريون ينحدرون من مناطق غرب الفرات، متواجدين حالياً في مخيم الهول شرق الحسكة شمال شرقي سوريا، بالسماح لهم بمغادرة المخيم وتسيير رحلات إلى مناطقهم أو الخروج إلى مناطق خاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية على غرار خروج نازحي مناطق دير الزور والرقة والطبقة ومنبج.

وتأتي مطالبات هؤلاء وسط تصاعد لجرائم القتل في المخيم وسوء الأوضاع الأمنية فيه.

ولكن في المقابل يرفض آخرون مغادرة المخيم والعودة إلى مناطقهم التي تسيطر عليها  قوات الحكومة السورية وفصائل تابعة لإيران، خوفاً من حالات انتقام أو اعتقال قد تتم بحقهم من الجهات المسيطرة، إذ تعتبرهم من خلايا تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).

ووصل غالبية السوريين المنحدرين من مناطق غرب الفرات إلى المخيم إبان قضاء قوات سوريا الديمقراطية بدعم من التحالف الدولي على تنظيم “داعش” في آخر جيوبه  في بلدة الباغوز بريف دير الزور الشرقي في آذار/ مارس من عام 2019.

مخيم الهول- نورث برس

ويضم مخيم الهول، الذي يبعد نحو 40 كيلومتراً شرق الحسكة، نحو 56150 فرداً من نحو 15250عائلة، بينها 2423 من عائلات قتلى ومعتقلي “داعش” الأجانب المنحدرين من نحو 60 دولة.

وتنكر بعض العائلات السورية الخارجة من المخيم أي صلة لها بتنظيم “داعش”، ما عدا فرارها من منازلها خلال فترة العمليات ضد مسلحيه من جانب قوات سوريا الديمقراطية بدعم من التحالف الدولي أو القوات الحكومية بدعم روسي، بينما يزعم آخرون أنهم عملوا في خدمات غير قتالية.

“وضع أمني سيء”

وقالت نازحة سورية تنحدر من الأحياء الشرقية لمدينة حلب، واكتفت بالتعريف عن نفسها باسم “أم يوسف”، إنها ترغب بالخروج من المخيم والعودة إلى منطقتها بسبب الأوضاع الأمنية السيئة في المخيم.

وأضافت: “تحدث حرائق في المخيم، كما أن الظروف الجوية والمعيشية غير مناسبة هنا، لا أستطيع ترك أطفالي لوحدهم في الخيمة والذهاب إلى السوق”.

ورغم كل الإجراءات الأمنية المتبعة في المخيم الذي يخضع لحراسة أمنية مشددة من قبل قوى الأمن الداخلي (الأسايش) التابعة للإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، إلا أن خلايا التنظيم ما تزال ترتكب جرائم قتل، كان آخرها الأحد الماضي حيث قتل لاجئ عراقي بثلاث طلقات في الرأس والصدر.

وخلال العام الماضي، سجل المخيم 93 حالة قتل غالبية ضحاياها من اللاجئين العراقيين، لتكون الحصيلة الأعلى التي تسجل خلال عام واحد منذ إنشاء المخيم.

وفي الحادي عشر من هذا الشهر، قتل ممرض في الهلال الأحمر الكردي على يد مجهولين يُعتقد أنهم من خلايا تنظيم الدولة في مخيم الهول.

وبعدها بيوم، تعرض موظف يحمل الجنسية الأثيوبية في الصليب الأحمر الدولي للاعتداء من قبل نازحين في القطاع السادس من المخيم الخاص بالنازحين السوريين، واحترقت ثلاثة خيام في إحدى قطاعات المهاجرات.

والأحد الماضي، أصيب ثلاثة أشخاص بحروق جراء اندلاع حريق ضمن القطاع الثالث الخاص بالعراقيين.

وفي ظل تجاهل دول كثيرة لقضية إجلاء رعاياها من عائلات مسلحي التنظيم، لا يبدو أن هناك حلولاً في الأفق لوضع حدّ للجرائم.

وكانت المرأة السورية قد وصلت إلى المخيم بعد خروجها من بلدة الباغوز في آذار/ مارس من عام 2019.

وعلى خلاف غالبية النساء في المخيم اللواتي يقمن بتغطية شعر بناتهن عند بلوغهن عمر الخمسة أعوام، لم تقم أم يوسف بذلك رغم أن طفلتها التي كانت تقف بجانبها تبلغ من العمر تسعة أعوام.

“لا رد من النظام”

وشددت أم يوسف التي كانت تلبس لباساً أسوداً يغطي كامل جسدها على رغبتها برؤية ذويها وأقربائها، دون أن تشير إلى احتمالية تعرضها للاعتقال على يد القوات الحكومية وخاصة أن زوجها عنصر منتمي إلى “داعش”.

لكن شيخموس أحمد وهو رئيس مكتب شؤون النازحين واللاجئين والمهجرين في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا قال إنهم ناقشوا آلية محددة لعودة النازحين الذين ينحدرون من غرب الفرات إلى مناطقهم مع جهات دولية ومنظمات إنسانية وحقوقية منها الصليب الأحمر الدولي.


اقرأ أيضاً


كما تم النقاش مع  مفوضية اللاجئين التي ناقشت  بدورها مع “النظام السوري” مسألة عودة هؤلاء، حيث كان من المقرر أن يقوم الأخير بإجراء دراسة أمنية عن هؤلاء ورفع أسماء الذين يسمح لهم بالعودة لاحقاً، بحسب “أحمد”.

وأضاف: “لكن للأسف حتى الآن ليس هناك أي رد أو تجاوب من قبل النظام حول هذه المسألة ونحن من طرفنا لن نخاطر بحياتهم لإعادتهم دون وجود ضمانات بوصولهم بسلام إلى مناطقهم، نحن نتحمل مسؤولية الحفاظ على سلامتهم”.

وحول رغبة بعض العائلات الخروج من المخيم والانتقال إلى مناطق أخرى خاضعة لسيطرة الإدارة الذاتية، قال “أحمد” إن ذلك “غير ممكن نظراً للأعداد الكبيرة من نازحي غرب الفرات الذين يتراوح عددهم ما بين 15 و20 ألف نازح”.

وأضاف أن إدارة أقاليم شمال شرقي سوريا “لن تقبل باستقبال هكذا أعداد من النازحين، لذا لابد من عودة هؤلاء إلى مدنهم وبلداتهم بشرط ضمانات”.

وطالبت نازحة تنحدر من ريف مدينة إدلب شمال غربي سوريا، بالإسراع في إخراجهم من المخيم، ” لأننا نساء لوحدنا في المخيم دون معيل، نعتمد على بيع المساعدات الإغاثية لتدبر أمورنا”.

ويقبع أزواج وأشقاء هؤلاء النساء في سجون الإدارة الذاتية وهم عناصر في “داعش”.

وتأمل النازحة كسابقتها، بالسماح لهن بمغادرة المخيم، “سمعنا بأن جميع النازحين السوريين سيتم إخراجهم من المخيم ولكن حتى يحين موعد إخراجنا قد يمر عامان أو ثلاثة”.

إعداد: جيندار عبدالقادر – تحرير: سوزدار محمد