غرفة الأخبار ـ نورث برس
تنسب صحيفة “آيدن ليك”، التركية، إلى وزراء في حكومة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان نصيحة أميركية للأخير بعدم المضيّ في خطوات التطبيع مع الرئيس السوري بشار الأسد.
وبعد أكثر من 11 عاماً من التحريض العلني ضدّ الأسد، ودعم معارضيه المسلحين، بدأ أردوغان، في توجيه رسالة مختلفة تماماً عن سوريا، داعياً إلى المصالحة والحوار مع دمشق.
وبعد أيام من رحلة خاصة خارج تركيا، قال أردوغان للصحفيين: “المعارضة والنظام في سوريا بحاجة إلى المصالحة، إن هدف تركيا في سوريا ليس هزيمة الأسد، بل إيجاد حلّ سياسي والدعوة إلى حوار سياسي ودبلوماسي مع نظام دمشق”.
وسيكون للمصالحة بين دمشق وأنقرة، تداعيات واسعة على الغرب والشرق الأوسط، ومن المحتمل أن يؤدي ذلك إلى اقتراب تركيا، حليفة الناتو من محور موسكو، ويمكن أن يعقّد من استمرار وجود العسكريين الأميركيين في شمال شرقي سوريا، كما أنه سيزيد من ويلات ملايين السوريين المعارضين والمضطرّين للهجرة.
وفي أكثر من مناسبة تحدث مسؤولون أتراك، عن المساعي التركية لعودة العلاقات مع دمشق، وأعرب أردوغان عن رغبته في لقاء الأسد، في قمة سمرقند.
وروسيا كان لها دور كبير في دفع تلك المساعي للحصول، إذ قال نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، إن موسكو تدعم فكرة تنظيم اجتماع بين وزيري خارجية تركيا وسوريا.
استئناف العلاقات مع إسرائيل
ولكن، في نفس الوقت التي تسعى فيه أنقرة للتطبيع مع دمشق، أعلن مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية يائير لابيد، في السابع عشر من آب/ أغسطس الماضي، أن تركيا وإسرائيل تستأنفان العلاقات الديبلوماسية بشكل كامل وتستعيدان السفيرين والقنصلين العاملين في كلا البلدين.
وبالعودة إلى الصحيفة التركية، فإنها تلفت النظر إلى أن “الحكومة التركية مهووسة بتعزيز العلاقات مع إسرائيل بدلاً من المصالحة مع دمشق التي لا تثير ارتياح تل أبيب”.
وتضيف أن أردوغان “لا يملك أيّ خطط واضحة ومحدَّدة لتحسين العلاقات مع دمشق، على الأقلّ قبل الانتخابات الرئاسية التركية في حزيران/ يونيو 2023″، وهذا من الأسباب التي تجعل دمشق تقارب بحذر شديد التصريحات التركية بشأن التطبيع معها.
وترى “آيدن ليك” أنه “في حال أوقفت تركيا محاولاتها تحسين العلاقات مع سوريا، فسيمنح هذا حلف شمال الأطلسي ورقة في الصراع مع روسيا وخصومه في المنطقة”.
واعتبرت أنه “إذا كانت تركيا جادّة في الانفتاح على الشرق وعلى سوريا، فعليها القيام بخطوات جريئة وأكثر حزماً”.
ووصفت سياسة أردوغان الحالية تجاه روسيا وأوكرانيا بأنها “رقص على الحبال”، وليست حياداً.
استبعاد التقارب السياسي
وفي أيلول/ سبتمبر الماضي، استبعدت كلٌّ من أنقرة ودمشق، في تصريحات منفصلة، إمكانية التقارب السياسي وتطبيع العلاقات في الوقت الراهن، لكن تركيا حاولت الالتفاف والدخول من باب التطبيع الاقتصادي بين البلدين، فهي بذلك تكسب اقتصادياً دون أن يؤثر ذلك على علاقاتها السياسية مع الدول الأخرى بما فيهم إسرائيل.
وكخطوة أخرى من “الرقص على الحبال”، وبدل أن تبدأ خطوات التطبيع السياسي مع الأسد، تعمل تركيا على تحويل الجيش الوطني السوري المعارض إلى جيش نظامي.
وكان اجتماع عقده مسؤولون أتراك، مع قادة في الجيش الوطني الموالي له، الشهر الماضي، أفضى إلى عدة بنود تقدمها تشكيل مجلس عسكري تحت مظلة وزارة الدفاع في الحكومة السورية “المؤقتة”، ولا يمكن بإنشاء هذا الجيش “تطبيع العلاقات مع سوريا”.
لماذا إسرائيل؟
وقبل سوريا، سعت تركيا خلال العامين الأخيرين لإرجاع العلاقات مع أغلب الدول التي شهدت قطيعة تخللتها حرب إعلامية على مستوى عالٍ كالذي حصل بينها وبين دول الخليج ولا سيما الإمارات والسعودية، واستعادتها تدريجياً خلال العامين الفائتين.
وسعت تركيا إلى تخفيف وتيرة التصعيد مع مصر بعد سنوات من تبنيها حراك جماعة الإخوان المسلمين وتشجيعها للسيطرة على مفاصل الحكم في مصر قبل 11 عاماً.
كل ذلك للتخلص من عزلتها والعقوبات المفروضة عليها نتيجة مواقفها مع الدول خاصة روسيا والولايات المتحدة (إس 400 وطائرات إف 35)، وهجومها على شمال شرقي سوريا عام 2019، وما ترتب على ذلك من عقوبات أثرت على اقتصادها.
ولكن لم ترقَ تلك العودة لتطبيع كامل مع تلك الدول، فلا يزال خلافها مع مصر حول مسألة الإخوان المسلمين مستمراً، بالإضافة لخلافهما حول ليبيا، إلى جانب أن علاقاتها مع كلٍّ من الإمارات والسعودية لم يضف إليها أي جديد، ناهيك عن استمرار التوتر مع اليونان وقبرص، لذلك وبحسب مراقبين، فلم يبق لتركيا سوى التطبيع مع إسرائيل لإخراجها من عزلتها.