وسط غموض وتشكيك.. هل تنجح أنقرة في توحيد فصائل المعارضة في الشمال السوري؟
إدلب – نورث برس
اكتنف الغموض اجتماعاً عقد في مدينة عنتاب جنوبي تركيا قبل أيام، بين مسؤولين أتراك وقادة فصائل للجيش الوطني الموالي لتركيا، وما تمخض عنه من بنود كخطوط عريضة بحسب ما ذهبت إليه تقارير صحفية.
ويأتي هذا الاجتماع بعد حوالي شهر على اشتباكات عنيفة شهدتها مناطق المعارضة السورية، بين فصائل في الجيش الوطني الموالي لتركيا من جهة وبينها وبين هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) من جهة، حيث وصلت أرتال الأخيرة إلى تخوم مدينة أعزاز في ريف حلب الشمالي قبل التدخل التركي.
أوضاع غير اعتيادية
وعلل الخبير العسكري، العميد أحمد الرحال، دوافع تركيا لعقد الاجتماع المذكور آنفاً، بـ “الأوضاع غير الاعتيادية في مناطق شمال غربي سوريا من حالة الفلتان الأمني والاقتتال الداخلي، وما زاد عليها من تدخل هيئة تحرير الشام ( جبهة النصرة سابقاً)، بأنه تطلب وقفة تركية للإصلاح”.
وأضاف رحال في تصريح خاص لنورث برس، أن” الحاضنة الشعبية أيضاً خرجت وعبرت عن رأيها بأن الواقع القائم لا يمكن أن يستمر”.
وأشار إلى أن تركيا القادمة على انتخابات والتي قالت إنها ستعيد مليون ونصف سوري إلى مناطقهم، “هؤلاء بحاجة إلى استقرار ووضع أمني هادئ، وإبعاد الفساد والمخاطر الأمنية، كل هذه الأمور دفعت تركيا لعقد اجتماع”.
“عملية ترقيع”
وقال رحال: “سمعنا ببنود قالت تركيا إنها ليست بنود حقيقة، إنما سيتم العمل ضمن إطار تلك البنود من تشكيل مجلس عسكري، أو تشكيل لجنة استشارية مع الحكومة المؤقتة، واستبدال العناصر بعناصر من الشرطة العسكرية، وحل الأمنيات وإغلاق السجون الغير شرعية”.
ولكن “كل هذه الأمور هي جرائم وانتهاكات ترتكب، والمطلوب أكبر من ذلك”.
وهذا الموضوع يسمونه بـ” الترقيع” وفقاً لـ”رحال”.
وكان اجتماع عقده مسؤولون أتراك، مع قادة في الجيش الوطني الموالي له الخميس الماضي، أفضى إلى عدة بنود تقدمها تشكيل مجلس عسكري تحت مظلة وزارة الدفاع في الحكومة السورية “المؤقتة”.
وتحدثت مصادر إعلامية معارضة عن أن الاجتماع استمر نحو 45 دقيقة فقط، طرح فيه الجانب التركي متمثلاً بمسؤول المتابعة للملف السوري الملقب بـ “أبو سعيد”، خطوطاً عريضة لضبط الأوضاع العسكرية والأمنية والإدارية في مناطق نفوذ الجيش الوطني.
وأضافت أن البنود المختصرة التي تلاها مسؤول الملف السوري في المخابرات التركية، تضمنت:
تشكيل مجلس عسكري تحت سقف وزارة الدفاع في الحكومة السورية المؤقتة، وتسليم الحواجز للشرطة العسكرية، تسليم جميع المعابر الداخلية إلى جهة يتم تحديدها لاحقاً، وإعادة هيكلة الشرطة العسكرية، وحل كل أمنيات الفصائل وإفراغ سجونها”.
أيضاً تضمن “عدم التنسيق مع جهات أجنبية إلا من خلال الجانب التركي، وكف يد المجلس الإسلامي السوري ولجان الصلح عن الفصائل، إخلاء المدن والمناطق السكنية من القطع العسكرية، تشكيل مجموعة استشارية من الضباط في وزارة الدفاع”.
وشدد الرحال على أن هذا الكلام “غير مقنع للحاضنة الشعبية”، التي تطلب العمل على “إعادة هيكلية وزارة الدفاع، والتخلص من الحالة الفصائلية، وإبعاد امراء الحرب الذين أصبح الولاء لهم أكثر من القضية السورية، وتفعيل دور وزارة الداخلية وإبعاد الفاسدين عنها “.
وأضاف: “النقطة الأهم إصلاح وزارة العدل التي تتبع لقادة الفصائل”.
ويرى رحال أن تركيا مطالبة بعملية إصلاح “حقيقي” وليس عملية “ترقيع”، “باعتبارها صاحب السلطة”.
وإذا لم يتم ذلك “فنحن نتجه إلى كارثة في المستقبل”.
هل تنجح أنقرة
واستبعدت مصادر معارضة، توافق فصائل الجيش الوطني الموالي لتركيا حيال مشروع تركي لتشكيل قيادة موحدة للفصائل في آخر جيوب المعارضة، شمال غربي سوريا.
وقالت في حديث سابق لنورث برس، إن تحقيق أهداف الاجتماع “تناقض مصالح قادات فصائل محددة ذات النفوذ والسلطة في تلك المناطق الأمر الذي سيحرمها من مصادر ثروتها أهمها تجارة المخدرات ومنافذ التهريب”.
كما ذكرت تقارير صحفية أن الهيئة الاستشارية المزمع تشكيلها ضمن بنود الاجتماع، هي المعنية بتطبيق البنود المطروحة خلال الاجتماع، بما في ذلك إخراج “تحرير الشام” من عفرين وريفها.
وأضافت أنه ورد ضمن الاجتماع أيضاً أنه “سيتم استدعاء مسؤولي بعض الفصائل التي تحالفت مع الهيئة، إلى أنقرة لمحاسبتهم”، وسط شكوك بجدية ذلك.
ويناقض الكلام الوارد آنفاً ما ذهب إليه مراقبون بأن تدخل تحرير الشام في الاشتباكات الأخيرة بين فصائل الجيش الوطني، لم يأتِ من فراغ أو عبث، بدليل أنها جرت على مرأى أنقرة.
كما تحدثت مصادر عسكرية لنورث برس، في إفادة سابقة، عن تواجد لعناصر هيئة تحرير الشام ، لأول مرة في جبهتي الياشلي و الحمران شمال غربي منبج بريف حلب الشرقي.
وتواجد عناصر الهيئة في الجبهتين المذكورتين، يتم بالتعاون مع فصيل أحرار الشام الذي يسمح لعسكريي وأمنيي الهيئة بارتداء زيها العسكري لمنع كشف تواجدهم سواء في عفرين أو في مناطق أخرى بريف حلب.
فيما تعتمد هيئة تحرير الشام وعبر جهازها الأمني على فصيل “الحمزات” في إرسال عناصر لها إلى سري كانيه/ رأس العين وتل أبيض شمالي الرقة، عبر حافلات تمر من الأراضي التركية تحت أنظار القوات التركية، بحسب المصدر نفسه.