بعد الاستبعاد السياسي.. التطبيع الاقتصادي بوابة أنقرة لدمشق

غرفة الأخبار ـ نورث برس

استبعدت كلٌّ من أنقرة ودمشق، في تصريحات منفصلة، إمكانية التقارب السياسي وتطبيع العلاقات في الوقت الراهن، لكن تركيا حاولت الالتفاف والدخول من باب جديد وهو التطبيع الاقتصادي بين البلدين.

التصريحات التركية والسورية؛ جاءت بعد إعلان الخارجية الروسية أنّ موسكو تدعم فكرة تنظيم لقاء بين وزيري خارجية سوريا وتركيا، وعلى استعداد للمساعدة في عقده إذا لزم الأمر.

إذ قال المتحدّث باسم الرئاسة التركية؛ إبراهيم كالن، إنّ الاتصالات مع الحكومة السورية تُجرى على مستوى أجهزة المخابرات.

ونفى كالن، في حديث لقناة “إن تي في” التركية، نُشر الجمعة، وجود أي خطط من أنقرة للاتصال مع دمشق، في الوقت الراهن.

وأضاف كالن، أنّ موقف تركيا من سوريا واضح: “تستمر عملية أستانا، يستمر مسار اللجنة الدستورية”.

بدوره، أكد وزير الخارجية في الحكومة السورية فيصل المقداد، السبت، عدم وجود اتصالات على مستوى وزارتي الخارجية بين البلدين.

وقال المقداد، في حديث لوكالة الأنباء الروسية “سبوتنيك”، على هامش الدورة الـ77 للجمعية العامة للأمم المتحدة في مدينة نيويورك، إنّ مسار أستانا “هو الإطار الوحيد القابل للتطبيق لحلّ النزاع السوري”.

وأضاف المقداد: “نتوقع المزيد من الجدية في الوفاء بالوعود التي قطعها الجانب التركي في أستانا”.

وقال أيضاً: إنّ “عدم التزام تركيا؛ يعدّ عقبة تُعيق عملية تسوية سورية بموجب إطار أستانا”.

بوابة الاقتصاد

ولكن المساعي التركية للتقرّب من دمشق لم تتوقف، لتجد في التطبيع الاقتصادي مع دمشق، مدخلاً جديداً للتفاوض، بحسب مراقبين.

فمن بوابة المصالح الاقتصادية؛ يمكن تقريب وجهات النظر السياسية بين كلا الطرفين.

وبدأ الترويج للفكرة منذ التاسع عشر من تموز/ يوليو، الماضي، إذ اجتمع ضباط أتراك، مع وجهاء وممثلين عن منطقة جبل الزاوية، جنوبي محافظة إدلب، وقدموا طمئنات للسكان بتحسين أحوال المنطقة.

وطلبوا من الوجهاء العمل على مساعدتهم في عودة النازحين إليها.

وبحسب تقارير صحفية، فإن “الضباط الأتراك، تحدثوا عن إمكانية فتح ثلاثة معابر اقتصادية مع الحكومة السورية، في منطقة خفض التصعيد الرابعة خلال الفترة القادمة، وطالبوا الوجهاء والممثلين عن منطقة الجبل بالإدلاء بآرائهم حول هذه الخطوة”.

ولكن جميع المدعوين للاجتماع، “رفضوا فتح أي معبر اقتصادي مع الحكومة؛ كونها المستفيد الأكبر من هذه العملية”، بحسب التقارير.

وفي عام 2020، أصدرت الحكومة السورية المؤقتة التابعة للائتلاف الوطني السوري المعارض، قراراً يقضي بإغلاق جميع المعابر والمنافذ الرسمية مع الحكومة في شمالي البلاد.

بادرة حسن نية

إلا أن تركيا، وكبادرة حسن نية، وخطوة أولى للتطبيع الاقتصادي، دفعت هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً)، والتي تسيطر على شمال غربي سوريا، السبت، بإزالة السواتر، وفتحت الطريق الواصل بين بلدتي سرمين، وسراقب، في ريف إدلب الشرقي، تمهيداً لفتح معبر جديد إلى مناطق سيطرة قوات الحكومة السورية.

والثلاثاء الماضي، فتح فصيل “فرقة السلطان مراد”؛ التابع للجيش الوطني المعارض، معبر “أبو الزندين”؛ الذي يربط ريف حلب الشمالي الواقع تحت سيطرة فصائل المعارضة بمناطق الحكومة.

لكن الافتتاح لم يدم سوى ساعات عدة، عبرت خلالها شاحنتان محملتان بمادة البرغل إلى مناطق الحكومة.

ورجّح مصدر في المنطقة، لنورث برس، أن يكون فتح المعبر ثم إغلاقه، بسبب غياب التنسيق مع قوات الحكومة السورية.

وقبل أيام، نقلت صحيفة “الوطن” الحكومية شبه الرسمية، عن مصادر وصفتها بـ”المعارضة”، قولها؛ إن: “فتح المعابر مع مناطق الحكومة السورية إجراء روتيني لا مفرّ منه، في إطار الرعاية الروسية لملف المصالحة السوري- التركي، وفي ضوء جهود المصالحة التركية مع القيادة السورية”.

وأضافت أن هذا الإجراء؛ “ما هو إلا مسألة وقت ليس إلا، وقد توضع في الخدمة بأي وقت من دون إعلان مُسبق، في حال استمرار النتائج الإيجابية للمفاوضات الاستخباراتية بين البلدين”.

لكن الصحيفة ذاتها نقلت، أمس الأحد، عن مصادر أخرى وصفتها بأنها “مقرّبة من الجماعات الموالية لتركيا”، بأن أنقرة تعمل على تشجيع دمشق؛ للانفتاح عليها من خلال “التطبيع الاقتصادي”، انطلاقاً من “بوابة المعابر”.

وأضافت؛ أن: “التطبيع الاقتصادي، الذي سينتهجه نظام الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، قد يكون أحد أهم مقاربات نظام أردوغان؛ للملف السوري، وموجّه أساسي وضروري للاستدارة التركية نحو القيادة السورية في الفترة القريبة المقبلة”.

وأشارت، إلى أن: “التطبيع الاقتصادي ومغرياته، كفيل بإعطاء مسارات التفاوض الأمنية السورية- التركية، وقطار التطبيع؛ تسارعاً وزخماً إضافياً للمُضي بخاتمته السعيدة إلى الشقّ السياسي”.

وأضافت “الوطن”، أن “النظام التركي يسعى على أرض الواقع لإطلاق مبادرة تستهدف إعادة دمج مرتزقته، الذين يشكّلون الفيالق الثلاثة لما يسمى الجيش الوطني في المناطق التي يحتلها، عبر تشكيل مجلس عسكري موحّد وإدارة اقتصادية واحدة؛ لإدارة مواردها الاقتصادية”.

وتشكّل المعابر مع الحكومة السورية؛ “أهم جهات تلك الفصائل للتحصيل المالي وتدفقاته النقدية، ولفتح بوابة اقتصادية معها، ما دام ذلك يصبّ في مصلحة الطرفين في تعاملهما المباشر، ومدخلاً للتعاون والتطبيع الاقتصادي بينهما”، بحسب الصحيفة.

دفع لترتيبات المصالحة

في حين رأت مصادر محلية، في سراقب، والحديث لـ”الوطن” أيضاً، أن “هذا الإجراء يعدّ خطوة باتجاه افتتاح المنفذ الإنساني الذي أقامته محافظة إدلب سابقاً”.

وأضافت، أن الخطوة “لا يمكن أن تتمّ، من دون ضوء أخضر من النظام التركي”.

وأوضحت، أنه “من شأن ذلك مساعدة عبور الراغبين بتسوية أوضاعهم العسكرية من المدنيين من أبناء إدلب، إلى مركز المصالحة الذي أقامته الجهات السورية المختصة في السابع من هذا الشهر في مدينة خان شيخون، جنوب المحافظة؛ كبادرة حسن نية سورية- تركية؛ مشتركة للدفع بترتيبات المصالحة قُدماً”.

وتشير التوقّعات إلى إمكانية افتتاح منفذ ترنبة، شرق إدلب، بالتوازي مع وضع منفذ أبو الزندين، بالقرب من مدينة الباب، بريف حلب الشمالي الشرقي؛ في الخدمة قريباً، قبل أن يسير معبر ميزناز بريف حلب الجنوبي الغربي، على خطاهما.

إعداد وتحرير: قيس العبدالله