بعد خمس سنين.. حلب بين ذكرى “التحرير” وآثار التدمير

حلب- نورث برس

تحتفل حكومة دمشق هذه الأيام بالذكرى الخامسة لما تصفه “تحرير حلب”، وسط أنباء عن مآسٍ لايزال يعيشها سكان حلب من فقر مدقع وفقد المواد وغلاء المعيشة وندرة أدنى مقومات الحياة.

وزار وفد وزاري برئاسة رئيس الحكومة، حسين عرنوس، مدينة حلب بالتزامن مع احتفالات ومهرجانات أقامتها الفعاليات الرسمية بمناسبة ذكرى سيطرة القوات الحكومية على مجمل المدينة بعد خروج فصائل المعارضة المسلحة منها.

ويقول سكان حي الفردوس في مدينة حلب، لنورث برس، إن حلب ترزح تحت حكم المافيات وعصابات المال وتجار الحروب، إضافة إلى إهمال حكومي متعمد للمدينة.

وتشتكي دعاء الأحمد (20 عاماً) وهي طالبة جامعية في كلية العلوم من الغلاء الفاحش وصعوبة المواصلات.

وقالت “الأحمد” لنورث برس، إن معظم أحياء حلب الشرقية تفتقر لأدنى الخدمات، خاصة وأن البنى التحتية فيها سواء شبكات الماء أو الطرقات أو الكهرباء، مدمرة وخارج الخدمة وحتى أنقاض الحرب ومخلفاتها لاتزال تملأ الأحياء.

وأضافت “الأحمد” التي تسكن “الشارع العريض” في حي الفردوس بحلب، أن الأمن شبه معدوم إضافة إلى تكرار حوادث السطو المسلح والسرقة وانتشار ظواهر المخدرات وحمل السلاح غير المرخص.

“نحن لا نهتم بحفلات الانتصار ولا نكترث بالزيارات الحكومية، ما يهمنا أن تتحسن أوضاعنا ونعيش بأمان وأن نخرج من دائرة الفقر والتهميش”، تقول “الأحمد”.

“لا شيء سوى الوعود”

وتعرضت مدينة حلب، بحسب تقارير صحفية، لتدمير ممنهج وسرقة منظمة طالت أكثر معاملها وبيوتها خلال السنوات العشر الماضية، ما أدى إلى خروج المدينة بمجملها عن الحياة ومقوماتها الأساسية.

وتعد المدينة العاصمة الاقتصادية لسوريا، وهي ذات كثافة سكانية عالية، تقع قرب الحدود التركية في الشمال السوري، ويشتهر سكانها بالصناعة والتجارة.

ومن حي الجابرية في حلب يتحدث غياث صابوني (50عاماً)، وهو تاجر أقمشة ومصنِّع ألبسة، عن الواقع الحلبي، فيقول لنورث برس: حلب أم الصناعة السورية وعاصمتها ومن المفترض أن تكون في قائمة أولويات الحكومة، ولكن إلى الآن لا شيء سوى الوعود و”صف الحكي”.

وبعد انتهاء كل زيارة من زيارات الوفود الحكومية تكمل الحياة دورتها من سيئ إلى أسوأ مما كانت عليه فالصناعة تترنح ولاتزال تنزف بسبب هجرة معظم الصناعيين إلى مصر وتركيا، يقول “صابوني”.

وشارحاً عن القطاع التجاري والصناعي في المدينة، شدد على أن “التيار الكهربائي شبه مقطوع والمدينة تنام بالظلام، والمنشآت الصناعية تفتقر للمقومات الأساسية خاصة المحروقات”.


اقرأ أيضاً:


“أين وصلت المشاريع؟”

أما حسان الصواف (30 عاماً) وهو مهندس من سكان حي الزبدية في حلب يقول لنورث برس: “الحكومة في حلب لتدشين عدد من المشاريع الزراعية والخدمية. خبر لا يزال يتكرر على مسامعنا منذ خمس سنوات”.

ويضيف: “لكن إلى أين وصلت هذه المشاريع؟ وماذا أنجز منها؟ وماهي الفوائد التي حققتها للسكان في المدينة وأريافها؟”.

وهذا السؤال “يطارد الحكومة ليل نهار، وإن حلب وسكانها تنتظر الإجابة عليه، بعد خمس سنين من وعود خُلبية، وبعد عشر سنين من حرب أكلت الأخضر واليابس”، بحسب تعبير “الصواف”.

وقدّرت الأمم المتحدة في تقريرها لعام 2019 أن 83 بالمئة من السوريين يعيشون تحت خط الفقر، وأكثر من 11 مليون سوري بحاجة إلى المساعدات المختلفة.

وبحسب موقع “نومبيو” (Numbeo ) العالمي والمختص بإحصائيات كلفة المعيشة وتقصي نمط الحياة، تحتل سوريا المركز العاشر عالمياً من حيث ارتكاب الجرائم، وفق إحصائية نصف سنوية نشرها الموقع.

“بعد خروج المسلحين من أحياء حلب الشرقية عاد كثير من السكان إلى المدينة ولكنهم سرعان ما حزموا امتعتهم وعادوا من حيث أتوا بسبب الإهمال الحكومي وغياب الخدمات”، بهذه الكلمات بدأ حسين نايف حديثه عما قال إنها “مأساة حلب.. عاصمة الاقتصاد”.

وقال “نايف”، وهو موظف حكومي في العقد الخامس من العمر، إن “الرواتب التي نتقاضاها من الحكومة لا تكفي لوجبتي غداء، أتراها تكفي رئيس الحكومة 100 ألف ليرة سورية في الشهر كله!”.

وازدادت خلال الأشهر الثلاثة الماضية عمليات السرقة بنسبة 48 بالمئة مقارنة بالفترات السابقة لها، حسب ما أفاد به مصدر في فرع الأمن الجنائي بحلب في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.

وبحسب بيانات وزارة الداخلية التابعة للحكومة السورية، وقعت خلال شهري حزيران/يونيو وتموز/يوليو الماضيين، 56 جريمة في مناطق سيطرة الحكومة، ما يعادل جريمة واحدة في كلّ يوم.

إعداد: رامي صباغ /معتز شمطة- تحرير: موسى حيدر