سوريون مرحلون من تركيا إلى إدلب يحاولون العودة لعائلاتهم هناك
إدلب– نورث برس
يحاول مصطفى الدالي (35 عاماً)، وهو اسم مستعار لنازح من مدينة دوما بريف دمشق، عبور الحدود السورية التركية شمال إدلب بطريقة غير شرعية وذلك بعد أن رحلته السلطات التركية بالرغم من امتلاكه بطاقة الحماية المؤقتة.
وقبل أكثر من شهرين، اعتقل الأمن التركي “الدالي” أثناء عودته من عمله ليلاً واحتجزه لنحو أربعة أيام في إحدى المراكز، قبل أن يتم إجباره على توقيع ورقة العودة الطوعية ليتم ترحيله إلى إدلب، “دون توضيح التهم أو الأسباب أو حتى السماح لعائلتي برؤيتي”.
ومنذ أكثر من تسعة أعوام، كان الشاب الثلاثيني يعيش في العاصمة التركية أنقرة، إذ فر مع عائلته المؤلفة من خمسة أفراد إلى تركيا بعد اندلاع الحرب السورية.
وتنفذ السلطات التركية بين فترة وأخرى حملات لاعتقال سوريين تقول إنهم ارتكبوا مخالفات، ومن ثم تنظيم الضبوط اللازمة بحقهم وترحيلهم إلى سوريا بحجج وذرائع تتعلق بعدم امتلاكهم للوثائق القانونية اللازمة.
ويتواجد نحو أربعة ملايين لاجئ سوري في تركيا، بحسب تصريحات مسؤولين في أنقرة.
وفي شباط/ فبراير الفائت، نشرت إدارة معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا بياناً أشارت فيه أن عدد اللاجئين السوريين الذين تم ترحيلهم من تركيا إلى الشمال السوري، وصل إلى 2229 لاجئاً سورياً خلال شهر كانون الثاني/ يناير 2021.
ومطلع الشهر ذاته، نشرت إدارة معبر باب السلامة إحصائية عن عدد اللاجئين السوريين المرحّلين، من بينهم 59 لاجئاً سورياً تم ترحيلهم بشكل “قسري” إلى الأراضي السورية للإقامة فيها بشكل نهائي.
مخاطر على الحدود
ويحاول الأشخاص المرحلون خوض غمار التهريب مجدداً ويعرضون أنفسهم لخطر رصاص الجندرمة التركية بهدف العودة لعائلاتهم وذويهم.
وباءت محاولات “الدالي” للوصول إلى عائلته بالفشل، بسبب تعرضه للضرب ومخاطر إطلاق الرصاص على أيدي الجندرمة التركية.
ويعبر الشاب عن قلقه على عائلته التي لا معيل لها سواه، إذ أنهم يمرون بظروف معيشية صعبة بعد أن تم ترحيله “ولم يعد لديهم من ينفق عليهم أو يؤمن مستلزماتهم المعيشية”، على حد قوله.
ويقول أشخاص حاولوا الدخول إلى تركيا إن الجندرمة التركية تتعمد إطلاق النار عليهم، بالإضافة إلى أنهم يتعرضون للضرب والتعذيب أثناء اعتقالهم وحجزهم لساعات طويلة.
وارتفع عدد السوريين الذين قتلوا برصاص الجنود الأتراك إلى 513 شخصاً، بينهم 96 طفلاً دون سن 18 عاماً و 67 امرأة، وذلك بحسب إحصاءات مركز توثيق الانتهاكات في شمال سوريا حتى الثالث عشر من هذا الشهر.
كما ارتفع عدد الجرحى والمصابين بطلق ناري أو اعتداء إلى 1098 لاجئاً ممن حاولوا اجتياز الحدود أو من سكان القرى والبلدات السورية الحدودية أو المزارعين وأصحاب الأراضي المتاخمة للحدود ممن تم استهدافهم من الجندرمة.
والثلاثاء الماضي، قتل مدني برصاص حرس الحدود التركي وذلك أثناء محاولته العبور إلى الأراضي التركية بالقرب من منطقة حارم القريبة من الحدود السورية التركية.
ومطلع الشهر الماضي، قتل مدنيان برصاص حرس الحدود التركي أثناء محاولتهما اجتياز الحدود السورية التركية شمال إدلب، وسبقها بأيام مقتل مدني آخر بطريقة مشابهة.
اقرأ أيضاً
- تهريب البشر من إدلب لتركيا مستمر رغم المخاطر وإتاوات “تحرير الشام”
- سكان من إدلب: الجندرمة التركية تتعمد إطلاق النار على المدنيين أثناء محاولات العبور
“توقيع إجباري”
وتتذرع السلطات التركية لترحيل السوريين بافتعالهم مخالفات ومشكلات، لكنها “لا ترقى لمستوى اتخاذ قرار بالترحيل إلى مناطق قد لا تكون آمنة بالنسبة للسوري”، بحسب تصريح سابق لقيس الحسن وهو ناشط حقوقي مهتم بأحوال السوريين في تركيا.
وفي تشرين الأول/ أكتوبر الفائت، أعلنت وزارة الداخلية التركية اعتقال سوريين وتهديدهم بالترحيل على خلفية حملة “فيديوهات الموز” التي نشرها سوريون في تركيا بعد تداول مقطع فيديو من مقابلة يقول فيه تركي إنه لا يستطيع شراء الموز بينما السوريون يشترون الكيلوغرامات منه.
وبعدقرابة شهرين على وصوله إلى الأراضي التركية، رحلت السلطات التركية رائد العدل (28 عاماً)، وهو نازح من مدينة معرة النعمان جنوب إدلب برفقة عائلته إلى إدلب أثناء محاولته استخراج بطاقة الحماية المؤقتة.
ويقول “العدل” الذي يسكن حالياً في مدينة الدانا شمال إدلب، إن عناصر الأمن التركي اعتقلوه في مكاتب “الأمنيات” المخصص لاستخراج بطاقة الكملك في ولاية إسطنبول “بحجة” أنه دخل الأراضي التركية بطريقة غير شرعية.
ويشير إلى أن عناصر الأمن احتجزوه في إحدى مراكز ترحيل اللاجئين وكان يضم عشرات السوريين، لمدة 24 ساعة ومن ثم أُجبر على التوقيع على العودة الطوعية ليتم ترحيله إلى إدلب.
واضطر الشاب لاستدعاء عائلته إلى إدلب بعد أن فشل في العودة إلى تركيا ثانية، لكنه تعرض لخسارة وصفها بـ”الكبيرة”، خاصة وأنه دفع مبلغ أربعة آلاف دولار للمهربين حتى تمكن في المرة الأولى الدخول إلى تركيا مع عائلته.
قلق الترحيل
ودفع مصطفى الحمادي (38 عاماً)، وهو اسم مستعار لنازح من ريف حماة الشمالي، مبلغ 2000 دولار أميركي لأحد المهربين حتى يتمكن من العودة إلى عائلته المقيمة في مدينة إسطنبول وذلك بعد أن تم ترحيله إلى إدلب منتصف أيلول/ سبتمبر الماضي.
ويقول “الحمادي” إن عناصر الأمن التركي اعتقلته أثناء ذاهبه لزيارة أحد أقربائه في إزمير “بحجة” أنه لا يملك إذن سفر، لتعمل السلطات التركية على اعتقاله وترحيله.
ويعاني السوريون من مشكلة نقل بطاقة الحماية المؤقتة من مدينة إلى أخرى، إضافة لعدم تمكنهم من الحصول على إذن سفر، إلا بصعوبة بالغة وبشروط يصعب تحقيقها.
وفي الخامس والعشرين من تشرين الثاني/ نوفمبر العام الماضي، حددت المديرية العامة لإدارة الهجرة في تركيا عدداً من الشروط النهائية المتعلقة بنقل قيد الحماية المؤقتة الخاص بالسوريين المقيمين على أراضيها من مدينة إلى أخرى.
وجاء في القرار أن “على السوريين الذين يرغبون في نقل (الكملك) من ولاية إلى أخرى، اتباع بعض التعليمات والشروط، وفي حالة عدم توفرها كاملة، فلن يتمكن الشخص من إتمام عملية النقل”.
وأشار القرار إلى أن من بين تلك الشروط، إذن عمل صادر عن الولاية المُراد الانتقال إليها، شرط أن يكون ساري المفعول.
ويتم لم شمل الأسر وأبنائهم الذين تحت سن الثامنة عشرة، شرط وجود دفتر عائلة تركي، بالإضافة إلى شروط أخرى تتعلق بانتقال طلاب الجامعات والعمال.
وأثارت تلك الشروط المفروضة سخط عدد من اللاجئين السوريين، فقالت إحدى اللاجئات السوريات وتدعى سمية محمد حينها لنورث برس إن “السوري لازم يدفن حاله مشان يخلص من القيود المفروضة عليه”.
ويضيف “الحمادي”، أن “كرامة السوريين في تركيا مستباحة فلا توجد قوانين تحميهم وتصون حقوقهم ودائماً ما يعيشون قلق الترحيل القسري”.