سكان من إدلب: الجندرمة التركية تتعمد إطلاق النار على المدنيين أثناء محاولات العبور

إدلب – نورث برس

يقول سكان من محافظة إدلب شمال غربي سوريا، إن الجندرمة التركية تتعمد إطلاق النار على المدنيين الذين يحاولون اجتياز الحدود السورية التركية، بالإضافة إلى تعرضهم للضرب والتعذيب أثناء اعتقالهم وحجزهم لساعات طويلة.

وفي التاسع من هذا الشهر، قتل مدني من قرية الرصافة بريف إدلب الشرقي برصاص حرس الحدود التركي أثناء محاولته العبور إلى الأراضي التركية بالقرب من منطقة حارم القريبة من الحدود السورية ـ التركية.

استهدافات متكررة

وقال عامر دناور (43 عاماً) وهو من نازحي مدينة حلفايا شمالي حماة، ويسكن في مخيمات الكرامة شمالي إدلب، إن حرس الحدود التركي أطلقوا النار بشكلٍ مباشر على مجموعة كان هو ضمنها تحاول الدخول إلى تركيا خلال الشهر الفائت.

وأدى إطلاق النار لإصابة امرأة بقدمها، وتمكنت الجندرمة من إلقاء القبض على كامل المجموعة المؤلفة من 35 شخصاً بينهم نساء وأطفال “وتعرض كافة الشباب للضرب المبرح من قبل الأتراك دون رحمة”، بحسب “دناور”.

ووفقاً للمرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن عدد المدنيين السوريين الذين قتلوا برصاص قوات الجندرمة التركية منذ بداية الحرب السورية وصل إلى 464 مدني، من بينهم 84 طفلاً دون الثامنة عشر، و44 امرأة فوق سن الـ18.

وفي الرابع من شباط / فبراير الماضي، قتل شاب من سكان ريف إدلب الغربي أيضاً برصاص الجندرمة التركية في منطقة ريف إدلب الغربي.

وفي الثالث والعشرين من الشهر ذاته، قضى رجل وزوجته برصاص الجندرمة التركية أثناء محاولتهم العبور إلى الأراضي التركية، بالقرب من منطقة خربة الجوز غربي إدلب.

محاولات فاشلة

ويقول أشخاص ممن يحاولون الدخول إلى الأراضي التركية “بطرق غير شرعية” إن الأوضاع المادية السيئة وتردي المستوى المعيشي في إدلب الخاضعة لسيطرة “هيئة تحرير الشام”، تدفعهم لتحمل مخاطر اجتياز الحدود.

وفشل ياسين الحسن (23 عاماً) وهو نازح من مدينة معرة النعمان جنوب إدلب ويسكن في إحدى المخيمات بشمال إدلب، للمرة الثانية على التوالي من اجتياز الحدود خلال الشهر الماضي، حيث تعرض في المحاولتين للضرب .

وقال إن الجندرمة التركية في المرة الأولى قامت بنصب كمين بالقرب من الجدار العازل بين الأراضي السورية والتركية، حيث تمكنت من إلقاء القبض على نحو 50 شخصاً بينهم نحو 15 امرأة وطفل، كانوا يحاولون عبور الحدود.

ولم تقم الجندرمة التركية بضرب الشباب كما كانت تفعل سابقاً، “بل قامت بتسليمنا لفصيل الجبهة الشامية، حيث تعرضنا هناك للضرب المبرح، وتم الإفراج عن المجموعة بعد أن قام كل شخص بدفع مبلغ 100 ليرة تركية.”

وفي المرة الثانية، اتفق “الحسن” مع مهرب آخر، حيث بدأت رحلته قبل طلوع الفجر من مدينة الدانا ومنها إلى بلدة أطمة الحدودية شمالي إدلب، حيث قام المهرب بوضع سلم خشبي على الجدار العازل.

وأضاف: “تمكنا من اجتياز الجدار وبعد مسيرنا بنحو 100 متر بدأ أحد الأطفال بالبكاء نتيجة قيام الجندرمة التركية بإطلاق النار عشوائياً، “ألقت الجندرمة القبض على المجموعة وأعادتها إلى الأراضي السورية.”

مبالغ مالية كبيرة

وفي شباط / فبراير 2016 بدأت تركيا ببناء جدار على الحدود التركية ـ السورية، وأنهته في حزيران/يونيو 2018، بطول 711 كم من أصل الحدود التي تمتد إلى 911 كم وهو ثالث أطول جدار في العالم.

وأواخر 2015 أنشأت هيئة تحرير الشام “مكتب أمن الحدود” التابع لما يسمى بـ”قطاع الحدود” لتنظيم عمليات التهريب إلى الداخل التركي على طول الحدود السورية التركية.

وقال “الحسن” إنه دفع للمهرب 750 دولار، بالإضافة لـ 50 دولاراً لصالح المكتب. “من المستحيل أن يدخل أحد دون دفع هذه الضريبة للهيئة التي تنشر مكاتب لها في كل من أورم الجوز وحارم ومناطق أخرى يتم من خلالها التهريب.”

وقال مهرب فضل عدم نشر اسمه إن بعض المهربين يتعاملون مع ضباط أتراك مناوبين على الحدود لإدخال بعض الأشخاص، “لكن هذه الطريقة تكلف الشخص الواحد أكثر من 1800 دولار.”

وأضاف: “يدفع المهرب نصف المبلغ للضباط المناوبين.”

وبحسب المهرب فإن تكلفة التهريب تختلف حسب الأعمار ومنافذ العبور، حيث أن العائلة التي يرافقها أطفال يتم فرض مبالغ إضافية “نظراً لصعوبة إدخالهم.”

وتصل هذه المبالغ أحياناً إلى نحو ألف دولار عن امرأة وطفلين ويزيد المبلغ مع زيادة عدد الأطفال، “أما الشباب تكون حركتهم أسهل من العائلات، حيث تتراوح الأسعار بين 600 و800 دولار.”، بحسب المهرب.

وذكر أن التهريب إلى الأراضي التركية انخفض بشكلٍ كبير خلال الأشهر الماضية، نتيجة خطورة الطرق التي باتت جميعها مكشوفة من قبل حرس الحدود التركي والذين “يتعمدون في الآونة الأخيرة إطلاق النار بشكلٍ مباشر.”

وقبل نحو عامين كان المهرب يعمل على إدخال نحو 50 شخصاً يومياً إلى الأراضي التركية، لكنه حالياً لا يستطيع إدخال 50 شخصاً على مدار الشهر، “نتيجة تكثيف الدوريات التركية من جهة، وتشديد هيئة تحرير الشام من جهة أخرى.”

إعداد: براء الشامي – تحرير: سوزدار محمد