مناطق سيطرة المعارضة المسلحة في شمال شرقي سوريا.. من سيء إلى أسوأ
الحسكة – نورث برس
على غرار الأشهر الفائتة منذ عام ونصف، شهدت مدينتي سري كانيه (رأس العين) وتل أبيض الخاضعتان لسيطرة القوات التركية وفصائل المعارضة المسلحة الموالية لها، في شمال شرقي سوريا، خلال شهر نيسان / أبريل الجاري، استمرار مسلسل فلتان أمني دون حسيب أو رقيب.
وشهدت مدينة سري كانيه سلسلة انفجارات واقتتال بين الفصائل المعارضة أسفرت عن حصد أرواح المزيد من المدنيين، وسط استمرار مشهد الاعتقالات التعسفية بحق السكان المحليين.
واجتاحت القوات التركية والفصائل المعارضة الموالية لها، مدينة سري كانيه أواخر عام 2019، في هجوم تسبب بنزوح عشرات الالاف من السكان، وفق مصادر حقوقية.
الفلتان الأمني
وبسبب خلاف بين عناصر مجموعتين يتبعان لفصيل ‘‘السلطان مراد’’ (معظم عناصره من التركمان)، اندلعت اشتباكات بالأسلحة المتوسطة في الثاني من نيسان/أبريل الجاري، في سوق المدينة أسفرت عن مقتل عنصرين وإصابة أثنين أخرين.

وعقب ذلك بثلاثة أيام، قتل مدني من عشيرة العدوان من قرية الدهمان بريف سري كانيه، في ظروف غامضة نتيجة انفجار مجهول بسيارته، علماً أن القتيل لا ينتمي إلى أي فصيل مسلح، وفق ما أفاد به المرصد السوري لحقوق الإنسان.
إلى ذلك أفاد مصدر محلي مطلع لـنورث برس، أن فصيل ‘‘لواء شهداء البدر’’ والذي يسيطر على الريف الغربي لمدينة سري كانيه، داهم قرية مختلة، بهدف اعتقال شخص يدعى ‘‘حمادي الهلو’’ قبل أن يقاوم الأخير ضدهم ويطلق الرصاص على عناصر الفصيل ليردي أحدهم قتيلاً قبل أن يلوذ بالفرار.
وعقب ذلك بدء فصيل المذكور بحملة بحث في منازل القرية دون مراعاة حرمة المنازل، ما أثار حفيظة السكان الذين ثأروا في وجه الفصيل الذي انجبر على الانسحاب على وقع احتجاجات السكان.
وفي السادس من نيسان / أبريل، أفاد مصدر محلي لـنورث برس، بانفجار ثلاثة ألغام في قرية الريحانية الواقعة بالقرب من الطريق الدولي M4 جنوب شرق مدينة سري كانيه، بدورية للقوات التركية والمعارضة المسلحة.
وأسفرت الانفجارات الثلاث عن سقوط ما لا يقل عن خمسة قتلى في صفوف الطرفين وإصابة أخرين.
في الـ 14 من نيسان، اندلعت اشتباكات عنيفة بين الفصائل داخل سوق سري كانيه، إثر خلاف على وجبة طعام، قبل أن يلقي عنصر من فصيل الحمزات قنبلة يدوية داخل المطعم ما أسفر عن وقوع ثلاثة جرحى وسط حالة خوف وذعر بين السكان.
ولعل أبرز الاحداث الأكثر رعباً عاشه سكان مدينة سري كانيه، كانت في الـ 19 من نيسان، نتيجة اشتباكات عنيفة تحولت إلى حرب شوارع بين فصيل ‘‘ السلطان مراد’’ من جهة، وفصيلي ‘‘أحرار الشرقية وفرقة الحمزة’’ من جهة أخرى.
وخلال اشتباكات التي دامت لمدة أكثر من ثلاثة ساعات، استخدم الطرفان الأسلحة الرشاشة وقذاف RBC والهاون، كما سقطت عدة قذائف داخل الاراضي التركية.
اقرأ أيضاََ
- فصائل معارضة تحوّل محلاً تجارياً إلى مركز لبيع الأسلحة في سري كانيه
- نازحون من سري كانيه: مؤتمر العشائر جاء كمحاولة للتغطية على الانتهاكات في المدينة
- سري كانيه وتل أبيض خلال كانون الأول.. ظهور عائلات “داعش” واستمرار الانتهاكات
وبحسب مصدر محلي من داخل المدينة، أسفرت الاشتباكات عن أربع إصابات بين المدنيين بينما هرب الكثير من سكان المدينة باتجاه الريف خوفاً من القصف العشوائي، في حين فرض الجيش التركي حظر كلي على المدينة لمدة يومان على التوالي.
بعدها بيوم، انفجرت سيارة مفخخة بالقرب من سوق الماشية في قرية العالية جنوبي سري كانيه، دون أن تسفر عن أضرار.
في حين عثر بذات اليوم على جثة شاب يدعى ” محمد الحسين” مقتولاً بطلق ناري في مدخل قرية مختلة غرب سري كانيه.
وفي مدينة تل أبيض، قتل مدني يدعى ‘‘محمد الذيبة’’ برصاصة طائشة في سوق بلدة حمام التركمان، في العشرين من نيسان، أثناء مشاجرة بين عشيرة ‘‘الطوابلة’’ ومسلحين من الفصائل المعارضة، كما أصيب ثلاثة مدنيين أخرين.
جرف المنازل
وفي ظل الانتهاكات المستمرة بحق المدنيين الذين هجروا قسراً من منازلهم، نشرت منظمة سوريون من أجل الحقيقة والعدالة على صفحتها الرسمية على الفيس بوك، صوراً مأخوذة من الاقمار الاصطناعية لقرية الداودية بريف مدينة سري كانيه، بعد سيطرة الجيش التركي عليها.
وتظهر خلال الصور التي نشرتها المنظمة في الـ 28 من نيسان الجاري، جرف الجيش التركي لمعظم منازل القرية عمداً وتحويلها إلى قاعدة عسكرية.
انتهاكات
وعلمت ‘‘نورث برس’’ من مصادر مطلعة، بإصدار السلطات التركية احكاماً بالسجن على 35 مدنياً آخرين من منطقة سري كانيه، أحكاماً بالسجن تتراوح بين 5 سنوات و 36 سنة، بتهمة التعامل مع قوات سوريا الديمقراطية.
ويعتبر اعتقال مواطنين سوريين ونقلهم إلى تركيا للمحاكمة، انتهاكاً لالتزامات تركيا بموجب “اتفاقية جنيف الرابعة” كسلطة احتلال في شمال شرق سوريا.
وكانت منظمة هيومن رايس ووتش أكدت في تقريرها الصادر في الثالث شباط/ فبراير الفائت، أنّ الجيش التركي وفصائل المعارضة السورية الموالية لها، نقلت بشكل غير شرعي أكثر من 63 مواطناً سورياً تم اعتقالهم بشكل تعسفي في شمال شرق سوريا إلى تركيا لمحاكمتهم.
في حين أطلقت فصائل المعارضة السورية في الـ 21 من نيسان الجاري، سراح الشاب ‘‘سليمان حمو شعبو’’ بعد اعتقاله بشكل تعسفي من ريف سري كانيه في 27 أيلول/ سبتمبر2020، وهو سكان قرية كاطوف الشمالي واعتقل برفقة سبعة أشخاص أخرين الذين لايزال مصيرهم مجهولاً.
وأطلق سراحه بعد تدهور حالته الصحية، حيث كان يعاني من مرض “السكري” ونتيجة منعه من تناول أدويته وتعرضه للضرب والتعذيب قاموا بقطع جزء من قدمه نتيجة تدهور حالته الصحية، وفق ما أفاد أقربائه لـنورث برس.
كما أصدرت منظمة العفو الدولية في السابع من نيسان، أن المعارضة المسلحة المدعوم من تركيا، مارس انتهاكات بحق المدنيين في مدينتي عفرين وسري كانيه، مشيراً إلى أن المدينتين تخضعان فعليًا لسيطرة تركيا.
وبحسب التقرير، أن الانتهاكات على أيدي الجماعات المسلحة التابعة لما يسمى “الجيش الوطني السوري”، والتي تضمنت عمليات السلب والنهب ومصادرة الممتلكات، أثرت بشكل خاص على الكرد السوريين الذين غادروا المنطقة خلال العمليات القتالية التي نشبت بين عامي 2018 و 2019.
ومن الاحداث الأكثر جدلية التي جرت في سري كانيه خلال شهر نيسان، افتتاح دولة الشيشان (تقع في شمال شرق منطقة القوقاز)، مؤخراً، “الجمعية الخيرية القفقازية”.
سوء الوضع المعيشي
وفي ظل الانتهاكات والفلتان الأمني الذي تشهده مدينة سري كانيه، تسبب الظروف الاقتصادية السيئة للسكان المحليين مع حلول شهر رمضان، حيث تغيب المظاهر الرمضانية، حيث شهدت الاسواق ركود في حركة البيع والشراء، وذلك بسبب ارتفاع اسعار السلع والتي لا تتناسب مع دخل الفرد العامل.
في حين يتهم الأهالي المجالس المحلية التي انشأتها تركيا بالفساد، حيث بات الفقر وانتشار البطالة السمة البارزة لمعظم قاطني المدينة.
انتشار فيروس كورونا
وفي ظل الوضع المعيشي المتردي، تشهد منطقتي سري كانيه وتل أبيض انتشار كبير لفيروس كورونا وسط غياب الجهات المعنية، حيث سجلت المنطقتين مؤخراً إلى أكثر من 300 إصابة مؤكدة وخمسة حالات وفاة، وفق مواقع إعلامية معارضة.
في حين ذكرت مصادر محلية مطلعة، بأن مشفى مدينة سري كانيه بات مكتظاً بالمصابين.