سري كانيه وتل أبيض خلال كانون الأول.. ظهور عائلات “داعش” واستمرار الانتهاكات

حسكة – نورث برس

شهدت مدينتا سري كانيه (رأس العين) شمال مدينة حسكة وتل أبيض شمال الرقة وريفهما، خلال شهر كانون الأول/ديسمبر الجاري، استمراراً للفلتان الأمني وارتكاب انتهاكات من قبل مسلّحي الفصائل الموالية لتركيا بحق المدنيين.

ومع حلول فصل الشتاء، ووسط انتشار البطالة، تفيد الأنباء الواردة من داخل مدينة سري كانيه أن الوضع المعيشي للسكان يتجه نحو مزيد من التدهور وسط عدم قدرتهم على شراء مستلزمات التدفئة في ظل احتكار الفصائل للمحروقات.

كما غابت عن المدينتين، للعام الثاني، كافة أجواء الاحتفال بأعياد الميلاد في ظلِّ سيطرة مسلّحي الفصائل المتشددين.

وتسيطر تركيا وفصائل المعارضة المسلّحة الموالية لها على منطقتي سري كانيه وتل أبيض، منذ أواخر العام الماضي، في هجومٍ تسبّب بنزوح عشرات الآلاف من المدنيين.

لاجئون أم “داعش”؟

وأثار نشر منصات إعلامية مقرّبة من فصائل المعارضة المسلّحة الموالية لتركيا، منتصف كانون الأول الجاري، صوراً قالت إنها “لعوائل عراقيين”، جدلاً واسعاً في على مواقع التواصل الاجتماعي ومُهَجَّرين من المدينة.

ونفى الرائد يوسف حمود، الناطق باسم فصائل “الجيش الوطني”، في تصريحٍ سابقٍ لنورث برس، ارتباط هؤلاء بعائلات تنظيم “داعش”.

إلا أن الناشط الإعلامي أورهان كمال، الذي يتحدر من المدينة، قال لنورث برس، إن أدلة تشير إلى صلة هذه العائلات بـ”داعش”، خاصةً بعد نشر صورٍ لرايات التنظيم في المدينة خلال تظاهرة في تشرين الأول/أكتوبر الماضي.

وفي السابع والعشرين من هذا الشهر، نشر المجلس المحلي لمدينة رأس العين، والذي يتبع لفصائل المعارضة المسلّحة، تعميماً دعا فيه من سمّاهم بـ”الأخوة العراقيين المقيمين في رأس العين وريفها” إلى استخراج بطاقات شخصية اعتباراً من مطلع العام المقبل.

واشترط التعميم على المتقدمين إثباتات شخصية وشهوداً مع موافقة أمنية.

فلتان أمني

ولم يخلُ هذا الشهر كسابقاته من حالات الاعتقال التعسفي بحق السكان وسلسلة الانفجارات المتكررة التي تودي غالباً بحياة المدنيين دون معرفة الفاعل.

ومطلع الشهر، اقتحم فصيل فرقة الحمزة قرية تل ذياب غرب مدينة سري كانيه، ونشبت على إثرها اشتباكات مع السكان على خلفية محاولة مسلّحي الفصيل الاستيلاء على أراضٍ زراعية تعود ملكيتها لسكان القرية.

وبعد ذلك بأيام، وتحديداً في الخامس من الشهر، شهد ريف بلدة أبو راسين (زركان) شرق المدينة نزوح سكان العديد من القرى بعد اشتداد قصف فصائل المعارضة السورية المسلّحة عليها.

ويتعرض ريفا بلدتي تل تمر وأبو راسين شمال حسكة، منذ نهاية العام الماضي، للاستهداف المتكرر من قبل القوات التركية وفصائل المعارضة المسلّحة الموالية لها.

وفي العاشر من كانون الأول/ديسمبر الجاري، انفجرت سيارة مفخخة في مدخل مدينة سري كانيه، أسفرت عن مقتل 12 شخصاً، مدنيان وسبعة عناصر من فصيل الشرطة المدنية وفصيل السلطان مراد، بالإضافة إلى ثلاثة جنود أتراك أحدهم برتبة ضابط.

كما أوقع التفجير نفسه 14 جريحاً، بينهم حالات حرجة.

وفي العشرين من هذا الشهر، انفجرت عبوة ناسفة داخل محل تجاري بمدينة سري كانيه، فأصيب ثلاثة أشخاص بجروح متفاوتة، وفق ما نقلته مصادر محلية لنورث برس.

وفي الخامس والعشرين من الشهر، عُثِر على جثة الشاب يحيى إبراهيم العيسى (24 عاماً)، من قرية الحميد شرق مدينة سري كانيه، مقتولاً بعدة طلقات نارية في أنحاء مختلفة من جسده، بعد يوم من اعتقاله من قبل فصيل السلطان مراد.

ولعدم معرفة أسباب قتله، اجتمعت وجهاء عشيرة الغراجنة التي ينتمي إليها الشاب المغدور، وقرروا تشكيل لجنة لمقابلة قيادة الشرطة في المدينة عقب رفض الأخيرة تسليم القاتل الذي ينحدر من ريف مدينة حلب لهم.

فدى مالية

وذكرت مصادر محلية، أن قادة فصيل السلطان مراد وفصيل الشرطة العسكرية طالبوا ذوي معتقلين من قرية كاطوف الواقعة جنوب سري كانيه بدفع 20 ألف دولار أميركي كفدية مقابل إطلاق سراح أبنائهم.

وكان الفصيل قد اعتقل، في السابع والعشرين من أيلول/سبتمبر الماضي، ثمانية شبان من قرية كاطوف، بعد خروج سكان القرية رفقة سكان قرى مجاورة في تظاهرة مناهضة للمعارضة المسلّحة وللتنديد بممارساتها واستيلائها على أراضيهم.

وكان تقرير لجنة التحقيق الدولية، الصادر في تموز/يوليو الماضي، قد اتهم فصائل المعارضة المسلّحة الموالية لتركيا بارتكاب انتهاكات بحق المدنيين قد ترقى لـ”جرائم حرب”، وتتمثّل في “اختطاف الرهائن والمعاملة القاسية والتعذيب والاغتصاب.”

كما نشر ناشطون من مدينة سري كانيه على مواقع التواصل الاجتماعي، أسماء 50 شخصاً من المدينة، مطالبين بالكشف عن مصيرهم بعد مرور أكثر من عام على اعتقالهم من قبل فصائل سورية مسلّحة موالية لتركيا.

وفي منطقة تل أبيض، اعتقل عناصر أحد فصائل المعارضة المسلّحة، منتصف الشهر، الصيدلي أحمد العبيد وابنه علي العبيد (15 عاماً) من قرية علي باجلية جنوب المدينة، واقتادوهما إلى جهة مجهولة.

وبحسب مصدر مطّلع، فإن سبب الاعتقال يعود لرفض الصيدلي بيع مسلّحي الفصائل أدوية مخدرة دون وصفة طبية.

وفي اليوم نفسه، اعتقل  عناصر الفصائل المسلّحة المواطن إبراهيم خليل علو من منزله الكائن في قرية الطويلة شمال بلدة سلوك، وطالبوا بمبلغ خمسة آلاف دولار مقابل الإفراج عنه.

وفي السادس عشر من هذا الشهر، أقدم مسلّحو فصيل أحرار الشرقية على اختطاف سبعة مدنيين من قرية الزيدي شمال بلدة سلوك، وسرقة محتويات منازلهم بعد اتهامهم بالتعامل مع قوات سوريا الديمقراطية.

وحدث ذلك بعد أيام من اعتقال الفصائل سبعة شبّان آخرين في المنطقة من عشيرتي الهنادة والمشهور، بتهمة حيازتهم للسلاح.

إعداد: دلسوز يوسف – تحرير: حكيم أحمد