غرفة الأخبار ـ نورث برس
تواصل تركيا استهدافها لمناطق في شمال شرقي سوريا، متجاهلة بذلك تحذيرات حليفتها في “الناتو”، من المساس بأمن المنطقة أو الإخلال باستقرارها.
ومنذ العشرين من الشهر الماضي، زاد التصعيد التركي على شمالي وشمال شرقي سوريا، متذرعةً بالتفجير الذي ضرب شارع التقسيم في إسطنبول قبل ذلك التاريخ بأسبوع تقريباً، رغم نفي قوات سوريا الديمقراطية علاقتها بالتفجير.
وعلى اعتبار التواجد الأميركي في شمال شرقي سوريا، وكدولة ضامنة لوقف إطلاق النار بين تركيا وقوات سوريا الديمقراطية، فيقع على عاتقها مسؤولية إيقاف تلك الهجمات التي تشنها تركيا على المنطقة وتهديدها بعملية عسكرية حددت مناطقها.
ورغم الحلف الواحد (الناتو) الذي يجمعهما، إلا أن تركيا تحاول الالتفاف على الولايات المتحدة، رافضة الالتزام الكامل بالتحذيرات التي تتحدث عن تداعيات القصف التركي على المنطقة وما يسببه من زعزعة الأمن والاستقرار.
وليس “الناتو” هو من يجمع تركيا مع الولايات المتحدة، هناك رابط آخر وهو صفقة مقاتلات “إف 16” الأميركية، والتي تشدد واشنطن على ضرورة تخلص أنقرة من “إس 400” لاستكمالها، وهو ما ترفضه الأخيرة.
“تركيا تعارض”
قالت نادين ماينز، الرئيسة السابقة للجنة الأميركية للدفاع عن الحريات الدينية، من واشنطن، في حديث لبرنامج “واشنطن أونلاين” الذي تبثه وكالة نورث برس من واشنطن، “رأينا كيف أن أفعال تركيا تعارض أهداف أميركا في سوريا، لذلك من البديهي أن تكون أميركا ضد ما يجري”.
وطالب السيناتور مينينديز رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، بوقف دائم ضد تركيا وضد صفقة الـ”إف ١٦” وبيعها لتركيا، لأن الأخيرة “تعاملت بشكل سيء مع حلفائنا” بحسب ماينز.
لكنها أشارت أيضاً إلى أن واشنطن تريد الحفاظ على علاقة جيدة مع أنقرة، “ولا يريدون لتركيا أن تقف مع روسيا أو مع دول أخرى ضد الولايات المتحدة”.
وأشار سينان سيداي، كبير باحثي الشأن التركي في معهد FDD الأميركي من واشنطن، في حديث لبرنامج “واشنطن أونلاين”، إلى أن الولايات المتحدة الأميركية، تعترض على التصعيد التركي في الشمال السوري، حيث يوجد لديها ما يقارب الألف جندي على الأرض مع قوات سوريا الديمقراطية، ويلاحقون أهدافاً تابعة لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) بشكل يومي.
اضطرار أميركي
وفي الوقت ذاته فـ”أميركا مضطرة لعدم إبعاد تركيا وذلك بسبب فائدتها في الحرب الأوكرانية، حيث سهلت بعض الأمور التي تصب في مصلحة الولايات المتحدة والأوروبيين مثل نقل الحبوب”، بحسب الباحث.
ولهذا يكون موقف الولايات المتحدة بين “المطرقة والسندان”، وفق ما أشار “سيداي”، “ففي حال أرادوا أن يتصرفوا بشكل قاسٍ مع تركيا ضد التحرك العسكري في سوريا ربما هذا قد يُرد عليه بشكل سلبي من قبل تركيا”.
وأمس السبت، شددت الولايات الأميركية المتحدة مجدداً على رفضها “الشديد” لأي عمل عسكري تركي بما في ذلك التوغل البري في شمالي سوريا.
وبعد التحذيرات الأميركية لتركيا بشن عملية عسكرية برية في سوريا وبروز مواقف رافضة لها، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إن الأميركيين قدموا آلاف الكيلومترات لـ”دعم الإرهاب”.
ونهاية الشهر الماضي، قال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين، إنه يمكن إجراء العمليات العسكرية في سوريا بطرق مختلفة “اليوم أو غداً أو في أي وقت لاحق (..) دون الاستئذان من أحد”.
واتهم كالن الولايات المتحدة بعدم الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار 2019.
إلى روسيا
ويرى مراقبون أن تركيا تدير ظهرها لأميركا بينما توثِّقُ روابط علاقاتها مع روسيا. فبالإضافة لـ”إس 400″، اتفق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره التركي رجب طيب أردوغان في وقت سابق من آب/ أغسطس الماضي، على تكثيف التجارة وتعزيز التعاون الاقتصادي والطاقة.
وتم التوصل إلى الاتفاقات في أعقاب صفقة بوساطة تركيا لاستئناف صادرات الحبوب من أوكرانيا، بالإضافة لاتفاقية توريد الغاز الروسي إلى أوروبا عبر تركيا.
وتجري تركيا وروسيا مشاورات فيما يخص النفوذ واتفاقيات وقف إطلاق النار في مناطق شمال غربي سوريا.
وأفادت وزارة الخارجية التركية، أمس، بأن نائب وزير الخارجية التركي، سادات أونال، ونظيره الروسي، سيرغي فيرشينين، بحثا خلال محادثات في إسطنبول الوضع في سوريا.
وجاء في بيان صدر عن الوزارة التركية: “تمت الإشارة أثناء المحادثات إلى أهمية الحفاظ على وحدة الأراضي والوحدة السياسية لسوريا، بالإضافة إلى ضرورة البحث عن حل سياسي للأزمة في هذه الدولة على أساس “خارطة الطريق” الواردة في قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254″.
وبين الالتفاف على الولايات المتحدة وخسارتها كحليف في الناتو، أو الالتحاق بالشريك الاقتصادي الروسي، تبقى تركيا في تخبط، تدرس خلاله مصالحها بين أيهما أفضل الحليف أم الشريك؟.