باحثون سياسيون: مصالح الدول سبب لتخفض التصعيد التركي في الشمال السوري
غرفة الأخبار ـ نورث برس
أجمع عدد من الباحثين السياسيين، على أن مصالح الدول (روسيا، الولايات المتحدة، تركيا، إيران وسوريا)، كانت أهم الأسباب في تخفيض التصعيد التركي على الشمال السوري.
واستضاف برنامج (واشنطن أونلاين) الذي تبثه نورث برس من واشنطن، باحثين في الشأن التركي والروسي والعلاقات الدولية، تحدثوا عن خفض تركيا لحدّة تهديداتها لشمالي وشمال شرقي سوريا.
وقال سينان سيداي، كبير باحثي الشأن التركي في معهد FDD الأميركي من واشنطن، إن توقيت التصعيد الذي قامت به تركيا في المنطقة يبدو مختلفاً هذه المرة عن سابقاتها.
وأرجع السبب في ذلك، “لوجود اعتراض من مصدرين على أي غزو تركي بري تجاه سوريا، أحدهما من الروس، لأنهم اليوم يسعون لفرض الاستقرار في سوريا كي يكونوا قادرين على التركيز على الحرب في أوكرانيا”.
وأما الطرف الآخر المعترض، بحسب الباحث في الشأن التركي، فهو الولايات المتحدة الأميركية، حيث يوجد لديها ما يقارب الألف جندي على الأرض مع قوات سوريا الديمقراطية، ويلاحقون أهدافاً تابعة لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) بشكل يومي.
لكن في الوقت نفسه، بحسب “سيداي”، أميركا “لا تريد أن ترى تصعيداً تركياً، لأن الضربات الجوية التركية الأخيرة كادت أن تصيب القوات الأميركية المتواجدة في المنطقة، وأمريكا غير سعيدة بهذا، لذلك فإن أي تقدم عسكري تركي اتجاه سوريا سوف ينظر له بنظرة إشكالية من قبل واشنطن”.
وفي الوقت ذاته فأميركا مضطرة لعدم إبعاد تركيا وذلك بسبب فائدتها في الحرب الأوكرانية، حيث سهلت بعض الأمور التي تصب في مصلحة الولايات المتحدة والأوروبيين مثل نقل الحبوب.
ولهذا يكون موقف الولايات المتحدة بين “المطرقة والسندان”، بحسب الباحث، “ففي حال أرادوا أن يتصرفوا بشكل قاسٍ مع تركيا ضد التحرك العسكري في سوريا ربما هذا قد يُرد عليه بشكل سلبي من قبل تركيا”.
ومن جانب الحكومة السورية، تساءل “سيدان”، “هل سوف يوافق نظام بشار الأسد على العمل العسكري البري التركي، خاصة أن الأسد وأردوغان اليوم يبدأون بعمليات التنسيق بينهما”.
ويقول: “الأسد يريد بعض الضمانات من أردوغان وأن يقوم الأخير بالحفاظ على السيادة السورية”.
ويرى الباحث في الشأن التركي أن الحل العسكري التركي في سوريا “فشل”، والأسد ربح”، ويضيف: “بكل الأحوال الأسد ربما سوف ينتصر، في حال قام بتسهيل وقف تصعيد وحدات حماية الشعب في سوريا بشكل يسعد الترك”.
ويرى احتمالية أن “يسمح الأسد بعمليات عسكرية تركية محدودة في سوريا. هناك عمليات تفاوض عالية المستوى تحصل حالياً، كما أن الأمر متعلق بما سوف يحصل عليه الروس من هذه العملية”.
علاقات اقتصادية
ويرى محمود أفندي، وهو باحث في الشأن الروسي يقيم في موسكو، أن الحلف الروسي التركي الاقتصادي، هو ما يمنع روسيا من إيقاف تركيا عن القيام بعملية عسكرية في الشمال السورية.
ويقول إن الشرط الوحيد الذي يسمح لتركيا بالعملية هو أن الأراضي التي تسيطر عليها تركيا في عمليتها “ستعطى للجيش السوري”.
وعليه يمكن القول، بحسب “أفندي”، إن هناك “تفاهم تركي روسي سوري حول هذا الأمر، فالعملية العسكرية التركية البرية ليست لطرد الإدارة الذاتية بل هي لمحاصرتها، عبر عملية عسكرية ثم تسليم الأراضي للجيش السوري. ويمكن أن نشاهد دوريات للجيش السوري وتقارب مع الجيش الوطني”.
ويضيف: “نحن الآن في أقرب وقت لتقارب دمشق مع أنقرة، وهو حصل بسبب التغير الجيوسياسي في المنطقة، فاستقرار العلاقات بين البلدين هو مصلحة متبادلة”.
وتكون مصلحة الحكومة السورية المفروض عليها عقوبات ومنها قانون قيصر، والمحاصرة من دول الجوار، في أنها ستجد في تركيا “رئة للتنفس الاقتصادي”.
أما مصلحة تركيا، هو أنها الآن تريد أن تصبح دولة اقتصادية كبيرة إقليمية على أساس الغاز الروسي، وبعد ذلك سيكون هناك استثمارات وصناعات، ولهذا يجب أن يكون هناك استقرار داخل تركيا، فلذلك تسعى تركيا لتحقيق سلام مع الحكومة السورية حتى تنمو اقتصادياً، بحسب “أفندي”.
وشروط هذا السلام باتت شبه محققة، “فعسكرياً تركيا تسيطر على الشمال الغربي بوجود فصائل من المعارضة موالية بشكل كلي لها، فإذا قالت أنقرة أنها مع دمشق فكل تلك الفصائل ستكون معها أيضاً”.
أما سياسياً، “لا يوجد مشكلة أبداً في السياسة، فتغير المبدأ والازدواجية في السياسة هو من ضمن مبادئ السياسة العالمية، فحين توجد المصالح الاقتصادية تنتهي المشاكل السياسية”، بحسب “أفندي”.
“خلافات ضمن البيت الواحد”
ويرى غسان اليوسف، وهو كاتب وباحث في العلاقات الدولية، يقيم في دمشق، أن الخلافات بين دمشق وقوات سوريا الديمقراطية، “هي خلافات ضمن البيت الواحد ويجب أن تحل”.
ويشدد “اليوسف”، على ضرورة أن تفعَّل المحادثات بين الطرفين “خصوصاً أن التجارب والوقائع أثبتت بأن الولايات المتحدة تخلت عن حلفائها أكثر من مرة، وأيضاً لاحظنا أن تركيا دائماً ما تستغل ذلك”.
ويقول: “يجب أن يكون هناك اتفاق بين قسد والحكومة السورية بوساطة روسية، وأن يدخل الجيش السوري في كل المناطق، وأن تتوقف قسد عن الاستيلاء على مؤسسات الدولة وأن تعيد تفعيلها، بحيث يكون هناك نوع من الطمأنينة، وأيضاً تقاسم الثروات مع الدولة، فإذا كان هناك مبادرة من قسد فالمواضيع ستحل، فالأخيرة لا تزال تأتمر بأوامر أميركية”.
ويشدد الباحث على أن “الحل الوحيد للوقوف بوجه تركيا هو العودة إلى حضن الدولة السورية، والاتفاق، فليس هناك في الحوار سقف، يمكن أن يكون هناك حوار كامل بين الدولة وقسد وأن يكون هناك خصوصية لتلك المنطقة التي يتواجد فيها الإخوة الكرد وبالتالي تحل هذه المشكلة”.
وأعرب عن اعتقاده أنه “إذا لم يكن هناك موقف روسي وإيراني بمثابة فيتو على تركيا، فالدولة السورية غير قادرة على صد العدوان التركي”.