عمال في كوباني بأجور “مرتفعة لا قيمة لها” وسط الصعود المتسارع لصرف الدولار

كوباني – نورث برس

يقول عمال في مدينة كوباني، شمال شرقي سوريا، إن ارتفاع سعر صرف الدولار الأميركي مجدداً يتسبب بغلاء مستلزمات عملهم وتناقص هامش الربح الذي لا يسعفهم في الأسواق.

ويرى العمال أن ارتفاع أجورهم والنشاط في بعض قطاعات العمل لا يواكبان أسعار الصرف المتسارعة التي تتسبب لهم بصعوبات معيشية.

وتجاوز سعر صرف الدولار الأميركي الواحد في كوباني خلال الأيام القليلة الماضية 3500 ليرة سورية.

أجور بلا قيمة

وقال محمود حمي (36 عاماً)، وهو عامل في محل لصيانة إطارات السيارات، إن الوضع المعيشي أصبح صعباً بعد أن ارتفع سعر صرف الدولار الأميركي “كثيراً”.

وأضاف: “سابقاً كنا نحسب أجرة تغيير إطار سيارة 800 ليرة سورية وكان سعر صرف الدولار حينها 500 ليرة سورية تقريباً، حالياً نقوم بفك الإطار ونصلحه بـ 1500 ليرة، لكن الدولار ارتفع كثيراً.”

ويعاني “حمي” وعاملون آخرون من ارتفاع أسعار مستلزمات عملهم، وبالتالي ارتفاع قيمة المصاريف على حساب الربح، “علبة لاصق الإطارات التي كان سعرها سبعة آلاف ليرة أصبحت تباع بـ14 ألفاً.”

ويبلغ عدد العمال المسجلين لدى اتحاد العمال في كوباني 2.800 عامل، بينما يبلغ عددهم على مستوى “إقليم الفرات” نحو خمسة آلاف عامل، بحسب اتحاد العمال هناك.

رفع الأجور يتأخر

وقال حسن شكري (23 عاماً)، وهو عامل بناء في كوباني، إن الوضع المعيشي ازداد صعوبة مع الارتفاع الأخير لسعر صرف الدولار الأميركي.

ورغم أن أجرة عمل “شكري” اليومية قد ارتفعت من ستة آلاف ليرة قبل عامين إلى 13 ألفاً حالياً، إلا أن ذلك لم يواكب الارتفاع الكبير في أسعار صرف العملات الأجنبية، “لا يكفيني رغم أن لدي ابن واحد.”

ويتذكر العامل حين عاد قبل عامين من العراق وكان الدولار الأميركي الواحد آنذاك بحوالي 500 ليرة سورية، “كانت الأجور تكفي ونقوم بتوفير جزء منها.”

ورغم أن دخل بعض العمال يعادل ضعفي راتب الموظف لدى مؤسسات الإدارة الذاتية وأكثر من سبعة أضعاف الموظف في مناطق سيطرة الحكومة، إلا أن هذا الدخل لا يكفي لتأمين الاحتياجات الغذائية والأساسية.

ويقول عمال وسكان في المدينة إنهم يشترون عبوة الزيت النباتي (سعة أربعة لتر) بأكثر من 20 ألف ليرة، وتجاوز سعر الكيلوغرام الواحد من السكر ألفي ليرة سورية.

ارتفاعات خلال ساعات

ويعتمد كثير من أصحاب الأعمال والمشرفين على المهن (المعلمين) في تحديد مردود أعمالهم على أسعار الصرف الحالية، بينما تستغرق الزيادة على أجر العامل وقتاً طويلاً، بحسب عمال في كوباني.

وأشار “شكري” إلى تحسن العمل في قطاع البناء خلال الشهر الحالي، “لكننا ما زلنا معرّضين للتوقف أياماً.”

ويعاني 12.4 مليون شخص في سوريا، من انعدام الأمن الغذائي، وفقاً لنتائج تقييم الأمن الغذائي الذي أُجري أواخر 2020، بحسب تقرير لبرنامج الأغذية العالمي.

وقال أحمد دابان، وهو الرئيس المشارك لمديرية التموين في كوباني، إن المديرية تحدد الأسعار داخل المحال التجارية، لكن بعض مستلزمات المهن وأجورها تتبع الاتحادات الخاصة بعمالها الذين يعملون خارج المحال.

وأضاف أن تأثير انهيار قيمة الليرة السورية شمل الجميع، وحتى مؤسسات الإدارة الذاتية، “ومديرية التموين تعجز أحياناً عن تحديد الأسعار بسبب اختلاف سعر الصرف بين يوم وآخر، وأحياناً خلال ساعات.”

لعدة عوامل “مظلومون”

وترى سهام عثمان، وهي الرئيسة المشاركة لاتحاد العمال في إقليم الفرات، أن أجور العمال متدنية بالنسبة للأزمة التي يخلقها انهيار قيمة العملة المحلية.

وأضافت أن الاتحاد يعمل بالتنسيق مع الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا من أجل تحسين أجور العمال وفق الإمكانات المتوفرة، “فتم رفع أجور العتالين في المطاحن من 2000 ليرة سورية للطن الواحد عام 2019 ، إلى 2500 مطلع العام الجاري.”

وأشارت مسؤولة اتحاد العمال إلى رفع أجرة النساء العاملات في الأراضي الزراعية من ثلاثة آلاف ليرة سورية يومياً إلى800 ليرة عن كل ساعة عمل، ” لتصل أجرة العمل اليومية إلى نحو سبعة آلاف ليرة سورية.”

لكن “عثمان” قالت أيضاً إن العمال ما يزالون “مظلومين” لعدم توفر فرص عمل كافية، والأزمة الاقتصادية التي يتسبب بها ارتفاع سعر صرف الدولار الأميركي، إضافة لتأثير فصل الشتاء على بعض قطاعات العمل.

إعداد: فتاح عيسى – تحرير: حكيم أحمد