عمل النساء في الزراعة بإدلب بين مشقات الأعمال وغبن الأجور
إدلب – نورث برس
مع صباح كل يوم تخرج خديجة حنانو (36 عاماً)، وهي من سكان مدينة بنش شمال شرق مدينة إدلب، شمالي سوريا، من منزلها متجهة إلى الحقول الزراعية للعمل، تاركة خلفها خمسة أطفال يبلغ أكبرهم 15 عاماً.
وتلجأ نساء في إدلب ممن لا يملكن مؤهلات علمية أو رأس مال للعمل في الزراعة في ظل صعوبات ومخاطر يتعرضن لها خلال العمل، بالإضافة إلى غبن في الأجور مقارنة بساعات العمل الطويلة.
تقول “حنانو” إن عملها مع نساء أخريات يشمل تقليب التربة حول النبتة وإزالة الأعشاب الضارة المحيطة بها، وأحياناً جني البطاطا والخضار والفواكه أو قطاف الزيتون وحصاد بعض المحاصيل.
واضطرت ربة المنزل الثلاثينية للعمل لإعالة أطفالها بعد أن أصيب زوجها بغارة حربية منذ عامين، حيث تعرض لشظية في ظهره أقعدته طريح الفراش.
وتضيف لنورث برس: “لا أحمل شهادة تساعدني على إيجاد فرصة عمل، لذا لجأت إلى العمل بالزراعة، فهي لا تحتاج شهادة أو رأس مال.”
وتضطر الأم العاملة لترك أطفالها لفترات طويلة دون رعاية، “وأكلف ابنتي الكبرى بالعناية بهم.”
وتعمل “حنانو” في الزراعة على مدار العام باستثناء فصل الشتاء، حيث تتدبر أمورها من نسج الملابس الشتوية لجاراتها وبعض الأقارب.
متاعب ومخاطر
وتضطر فاطمة الأسعد (29 عاماً)، وهي نازحة من مدينة معرة النعمان، جنوب إدلب المدينة، إلى تحمل متاعب المهنة ومخاطرها، “لأؤمن قوت أطفالي وأدفع إيجار المنزل.”
وتشير إلى أنها، وبعد وفاة زوجها نهاية العام الفائت، وجدت نفسها دون دخل مع أطفال وأبوين مسنين، “وكان عليّ العمل لتوفير إيجار المنزل ومتطلبات الحياة.”
ونزحت “الأسعد” مع أطفالها الثلاثة الذين يتراوح أعمارهم ما بين أربعة وثمانية أعوام إلى بلدة أطمة بريف إدلب الشمالي.
وتدفع “الأسعد” شهرياً 100 ليرة تركية (ما يعادل حوالي 34 ألف ليرة سورية) كإيجار للمنزل الذي تسكنه.
وبحثت النازحة قبل انضمامها لورشات الزراعة في قرية أطمة عن عمل آخر، “لكنني لم أجد، فأنا غير متعلمة ولا أملك مؤهلات مهنية.”
وتذكر النازحة أن العمل بالزراعة لا يخلو من متاعب ومخاطر نتيجة صعوبة التنقل في شاحنات صغيرة يتم تحميلها بعدد كبير من النساء، والسير في طرقات وعرة، إضافة إلى قسوة الطقس من برد أو حر.
وبحسب قولها، فإنهن يعملن أحياناً في أماكن قريبة من الجبهات ومناطق الاشتباك بين فصائل المعارضة والقوات الحكومية.
“تقصد ورشتنا مناطق خطرة منها بلدة الأتارب ومناطق جبل الزاوية للعمل بالمواسم الزراعية، وكثيراً ما تسقط القذائف على مقربة من أماكن عملنا.”
غبن في الأجور
وتعاني نساء عاملات في الزراعة من الاستغلال في العمل لساعات طويلة بأجور قليلة لا تتناسب مع غلاء كافة المواد الغذائية والاستهلاكية.
وتحصل كاملة الكريدي (40 عاماً)، وهي نازحة من بلدة حيش بريف إدلب الجنوبي إلى مخيمات كفريحمول شمالي إدلب، على 20 ليرة تركية (ما يعادل أقل من سبعة آلاف ليرة سورية) يومياً مقابل عملها في قطاف الزيتون مع ابنتها.
وتقول “الكريدي” إن المبلغ الذي تحصل عليه مع عمل زوجها، “بالكاد يكفينا لتأمين قوت يومنا.”
وتعمل المرأة لمساعدة زوجها الذي يعمل بائعاً متجولاً في تأمين مصاريف العائلة، “لجأت للعمل بالزراعة لأني أملك بعض الخبرة فيها، فأنا امرأة ريفية ومطلعة على مثل هذه الأعمال.”
من جانبها، قالت هناء سلوم (46 عاماً)، وهي مرشدة اجتماعية من بلدة أطمة، إن قلة مراكز التمكين في إدلب يحرم النساء المعيلات من تلقي التدريب على مهن تساعدهن على إيجاد فرص عمل.
وأضافت لنورث برس أن تلك الأعمال تعرضهن لضغوطات مالية ونفسية وبدنية وتجبر كثيرات على العمل بمهن شاقة من بينها الأعمال الزراعية.
وترى المرشدة الاجتماعية أن النساء الريفيات اللواتي يعملن بالزراعة، عادة ما يكن عاملات موسميات بأرباح غير مستقرة، ويكن عرضة لانعدام الأمن الغذائي.