مطالبات بمحاكمة عناصر “داعش” بشمالي سوريا تواجهها معضلات قانونية وغياب الدعم

غرفة الأخبار – نورث برس

لطالما طالبت الإدارة الذاتية في شمالي سوريا، دعماً دولياً لإنهاء ملف آلاف المعتقلين لديها من عناصر تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، ممن سلموا أنفسهم لقوات سوريا الديمقراطية بعد معركة الباغوز وممن يتم اعتقالهم في العمليات المشتركة مع التحالف الدولي.

وأعلنت الإدارة الذاتية في حزيران/ يونيو العام الفائت،  البدء بمحاكمة عناصر تنظيم “داعش” من الأجانب، وفق القوانين الدولية والمحلية الخاصة بـ “الإرهاب”، وقالت في بيان إن قرارها جاء “بسبب عدم تلبية المجتمع الدولي لنداءات ومناشداتها للدول لاستلام مواطنيها من التنظيم، وإحقاقاً للحق، وإنصافاً للضحايا، وتحقيقاً للعدالة الاجتماعية”.

لكن لم يعقب إعلانها أي تطور في هذا الملف، وسط استمرار مناشدات رصدتها نورث برس، لعوائل ضحايا التنظيم من مكونات في المنطقة، بضرورة عقد محاكمات عناصر “داعش” في شمالي سوريا، ومنهم من تساءل عن مصير ممن استرجعتهم دولهم.

وشدد مصدر مسؤول في دائرة العلاقات الخارجية، لنورث برس، على ضرورة عقد محكمة ذات طابع دولي وفق العهود والمواثيق الدولية في مناطق الإدارة الذاتية “كي تأخذ العدالة مجراها في محاسبة الجُناة على لما ارتكبوه من في الأراضي السورية”.

وأضاف المصدر الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه، أن هناك ممن أعيدوا إلى بلدانهم “لكننا لا نعلم كيف يتم التعامل معهم وما هو المصير المستقبلي لهم، هناك خطر من أن يعودوا للعمل الارهابي وهذا تحدِ كبير وخطير”.

وذكر المسؤول أن المحكمة التي ينادون بضرورة إجرائها تأتي في سياق جهود مكافحة الإرهاب وتحقيق العدالة ورد حقوق الضحايا، مؤكداً على ضرورة تعاون الجهات الدولية مع الإدارة الذاتية لدعم جهودها في تحقيق العدالة.

وتحدث محامٍ من القامشلي عن معضلات قانونية وصعاب تواجه إنشاء هكذا محاكم في مناطق الإدارة الذاتية، وأبرزها بحسب حديثه سحب بعض الدول الجنسية من رعاياها ممن انتسبوا للتنظيم المتطرف، متسائلاً “كيف سيتم محاكمة هؤلاء أو إطلاق سراحهم إذا انتهت محكوميتهم”.

وتطرق المحامي الذي لم يرغب بكشف اسمه بسبب تنقله بين المناطق الحكومية ومناطق الإدارة الذاتية، إلى معضلة جمع الأدلة والإثباتات لإدانة عناصر “داعش” المعتقلين “لأن الأصل في كل جلسة محاكمة هو أن المتهم بريء حتى تُثبت إدانته”.

مشيراً إلى أن الموضوع “شائك جداً” ويتطلب استشارات قانونية دولية ودعم دولي حقيقي لإنهاء هذا الملف.

وأضاف بأنه على دمشق أن تلعب دورها في ملف محاكمة عناصر تنظيم “داعش” كونها عضو في مجلس الأمن بالأمم المتحدة، “لكنها لا تفعل ذلك بسبب الخلافات السياسية مع الإدارة الذاتية”.

وحول احتمالية نظر المحكمة الجنائية الدولية في هذا الملف، قال المحامي عواس علي، إن الجنائية الدولية لا تستطيع النظر في محاكمة عناصر “داعش” المتواجدين في سوريا، لأن سوريا لم توقع على “نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية”. وبالتالي سوريا لا تعتبر أحد أعضاء الهيئة العامة للمحكمة.

وعن الصعوبات والتحديات، يتسآل الحقوقي أين سيكون مقر المحكمة ومن هم القضاة ومن يرعاهم، هل هناك إمكانية لدى الإدارة الذاتية لتأمين سجون وعملية نقل المساجين الأخطر على مستوى العالم أثناء الجلسات القضائية.

تصدر هذا الملف عناوين الصحافة منذ انتهاء معركة الباغوز في دير الزور، وإنهاء قوات سوريا الديمقراطية والتحالف الدولي السيطرة الجغرافية لتنظيم “داعش” في سوريا، لكنه تراجع مع انشغال العالم بأزمات عديدة أبرزها شن روسيا حرباً ضد أوكرانيا قبل عامين، وهجوم حركة حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر العام الفائت واستمرار الحرب في غزة حتى الآن.

تحذر الإدارة الذاتية من خطر آلاف المعتقلين لديها وسط حالية أمنية غير مستقرة باستمرار الضربات الجوية التركية والتهديدات باجتياح منطقة شمالي سوريا.

إعداد وتحرير: عكيد مشمش