القامشلي – نورث برس
تصدر ملف التطبيع بين دمشق أنقرة أبرز التطورات على الساحة السياسية في سوريا؛ أيضاً كان للانفتاح العربي الذي أعقب الزلزال، وقعه الذي تجسد في الزيارات والتصريحات لمسؤولي دول عربية.
وبدا جلياً للمتابع للشأن السوري، أن الزلزال الذي ضرب سوريا في السادس من شباط/ فبراير الماضي، وخلف آلاف القتلى والضحايا، إضافة إلى دمار هائل في المباني، أفسح المجال أمام تلك الزيارات تحت عنوان “مساندة دمشق في مصابها”.
وحملت تلك الزيارات بين طياتها مساعي دول عربية في إعادة دمشق لحضن الأمة، وهذا ما أثار ردود فعل دولية وعربية رافضة للانفتاح العربي، وأخرى من المعارضة التي لطالما التزمت الصمت حيال ملف التطبيع بين أنقرة ودمشق فيما هنا ذهبت تندد بشدة بالانفتاح العربي.
أبرز التطورات
منذ أن طرحت أنقرة إمكانية التقارب المحتمل مع دمشق نهاية تموز/ يوليو الماضي، والذي جاء على لسان وزير خارجيتها، مولود جاويش أوغلو، يشهد الملف تطورات متسارعة أحالها مراقبون إلى قرب موعد الانتخابات الرئاسية بتركيا التي حددها أمس الرئيس التركي في الرابع عشر من أيار/ مايو المقبل.
وصلت التصريحات التركية ذروتها، مطلع الشهر الماضي، حيث أعلن وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، أن وفوداً فنية من وزارات دفاع تركيا وروسيا وسوريا، ستعقد اجتماعات في الأيام المقبلة استمراراً للصيغة الثلاثية لمحادثات التطبيع بين أنقرة ودمشق.
وقبل يومين تحدثت صحيفة “الوطن” شبه الرسمية، نقلاً عن مصادر دبلوماسية، في أنقرة، أن “هناك نشاطاً ملحوظاً واجتماعات مكوكية في موسكو، لترتيب لقاء وزيري خارجية سوريا وتركيا”.
يقول مصدر فضل عدم الكشف عن هويته، إن “موسكو وطهران على عجلة من أجل ترتيب هذا اللقاء”.
ومطلع العام الجاري، احتضنت العاصمة الروسية موسكو، اجتماعاً بين وزراء دفاع تركيا وروسيا وسوريا ورؤساء أجهزة الاستخبارات في البلدان الثلاثة.
فيما ذهبت الحليفة موسكو في تصريحاتها المتكررة إلى التأكيد على ضرورة هكذا اجتماعات، ولكنها قالت مؤخراً، إن التحضيرات لها ستكون بـ”تكتم”.
وجاء ذلك على لسان نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، الذي أعلن في السادس من هذا الشهر أنه يجري التحضير حالياً لاجتماع وزراء خارجية روسيا وإيران وتركيا وسوريا، بـ “حذر وتكتم”.
وقال بوغدانوف في تصريحات نقلتها وكالة “تاس” الروسية، إنه “تم الاتفاق على عدم الكشف عن التفاصيل في الوقت الحالي”.
وفي كانون الأول/ديسمبر الماضي، عقدت أول محادثات منذ 11 عاماً بين وزيري الدفاع التركي والسوري في روسيا.
ومؤخراً استبعد تشاجري إرهان، عضو مجلس الأمن والسياسة الخارجية بالرئاسة التركية، أي لقاء بين الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان ونظيره السوري بشار الأسد، قبل الانتخابات التركية المقبلة.
في السادس من كانون الأول / ديسمبر الماضي، كان عضو اللجنة المركزية لحزب العدالة والتنمية التركي، أورهان ميري أوغلو، قد كشف عن رفض دمشق لطلبٍ من أنقرة بترتيب لقاء بين الرئيسين رجب طيب أردوغان، ونظيره السوري بشار الأسد قبل الانتخابات التركية.
في الوقت الذي التزمت فيها المعارضة السورية والفصائل العسكرية التابعة لها الصمت حيال ملف التطبيع، راحت فصائل أخرى معارضة لا تتبع المعارضة بشكل مباشر، وتقدمتها هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً)، تندد تخوفاً من تبعات التطبيع المحتمل.
وظهر ذلك جلياً في تصريحات أبو محمد الجولاني زعيم الهيئة، والتي كان آخرها حين علق على المباحثات الثلاثية بين روسيا وتركيا في الـ28 من كانون الأول/ديسمبر الفائت، وقال إنها “انحرافه خطيرة عن أهداف الثورة السورية”.
ويخشى الجولاني، من عدم إيجاد موطئ قدم له في التسوية القادمة، بشمال غربي سوريا، إذا ما تم التطبيع وتحقق على الأرض، وفقاً لتقارير.
ولا يمكن هنا التغافل عن المساعي والدور الروسي في موضوع التطبيع حيث أعربت موسكو مراراً عن دعمها ومساندتها للعملية، أيضاً إيران التي حاولت مؤخراً زج نفسها في ذات المسار مع الأخيرة.
وتحاول إيران، أن تحصد عدة مكاسب من خلال مسعاها في إبرام أي صفقة بين الرئيسين السوري بشار الأسد والتركي رجب طيب أردوغان، بحسب ما قاله عضو في البرلمان السوري لنورث برس، رفض ذكر اسمه.
نهاية كانون الثاني/ يناير، أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، التوصل لاتفاق مبدئي لضم طهران إلى الاتصالات الثلاثية بين موسكو وأنقرة ودمشق.
لا تغير في الخارطة العسكرية
أبرز سمات التطورات العسكرية في سوريا خلال العام الذي مضى من عمر الأزمة السورية، كانت التهديدات المستمرة لتركيا لمناطق شمال شرقي سوريا.
ولطالما استماتت أنقرة في الحصول على الضوء الأخضر لشن عمل عسكري على المنطقة.
ولكن يمكن القول إنها فشلت في ذلك، فحتى اللحظة، لم توافق موسكو ولا واشنطن ولا إيران، رغم دعمها المعلن لمخاوف تركيا المزعومة بحماية حدود أمنها القومي.
وشددت عبر تصريحات لمسؤوليها، على أن أي عمل عسكري لها ستكون نتائجه وخيمة على كل سوريا التي ترزح تحت وطأة الحرب ويعيق العملية السياسي المنشودة فيها.
إلى ذلك لم يطرأ أي تغيير على خارطة النفوذ العسكري للقوى الثلاث “الحكومة السورية، قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، وفصائل المعارضة السورية المسلحة.
فيما تتواصل عمليات القصف المتبادل ضمن منطقة خفض التصعيد بين طرفي الصراع شمال غربي سوريا، ولكن بوتيرة متذبذبة دون أن تفضي إلى أي نوع من التقدم لكلا الطرفين على الأرض، وفقا لرصد نورث برس عبر شبكة مراسليها في المنطقة.
أقرأ أيضاً:
- تصعيد عسكري في منطقة خفض التصعيد بسوريا
- وسط تحليق طائرات استطلاع روسية.. قصف متبادل في “خفض التصعيد”
- قصف متبادل وسط اشتباكات عنيفة بين طرفي الصراع بمنطقة خفض التصعيد في سوريا
- بعد لقاء موسكو.. اشتباكات وقصف متبادل بين المعارضة والحكومة غربي حلب
في العاشر من تشرين الأول / أكتوبر الماضي، شغلت التوترات العسكرية التي شهدتها مناطق المعارضة بين فصائل في الجيش الوطني من جهة وبينها وبين هيئة تحرير الشام من جهة، وسائل الإعلام على مدى أكثر من أسبوع، لتنتهي بتدخل الضامن وعودة كل طرف لمناطق سيطرته.
وجاءت الاشتباكات بين الطرفين في أعقاب تدخل تحرير الشام في المنطقة مساندة لفصيل الحمزة المتهم بمقتل ناشط إعلامي في مدينة الباب وزوجته في السابع من تشرين الأول /أكتوبر الفائت، بحسب مصدر خاص لنورث برس.
الاقتصاد
شهدت مناطق المعارضة السورية أزمات معيشية عدة تقدمتها الكهرباء والمحروقات، كما كان للارتفاع الكبير والمتواصل في سعر صرف الدولار الأميركي، الدور الأبرز في تفاقم الأوضاع المعيشية، ناهيك عن تحكم سلطات أمر الواقع في مفاصل الحياة هناك.
وتتحكم فصائل المعارضة متمثلة هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) والجيش الوطني الموالي لتركيا بمفاصل الحياة في شمال غربي البلاد.
وشهدت مناطق المعارضة احتجاجات شعبية واسعة ضد رفع شركة الكهرباء للأسعار.
ومطلع كانون الثاني/ يناير الماضي، شهدت مدن وبلدات شمال وشرق حلب، احتجاجات شعبية واسعة ضد تركيا ومواليها في ريف حلب، بسبب رفع سعر الكهرباء في تلك المناطق، وفساد المجالس المحلية.
أقرأ أيضاُ:
- تواصل الاحتجاجات ضد الشركة التركية المحتكرة للكهرباء في مناطق شمال وشرق حلب
- احتجاج سكان في أعزاز شمال حلب على رفع سعر الكهرباء
- تجدد الاحتجاجات ضد شركة الكهرباء والمجلس المحلي شمالي حلب
ومطلع العام الجاري، شهدت مدينة إدلب العديد من الوقفات الاحتجاجية شارك فيها العشرات من المعلمين والمعلمات وشريحة واسعة من الطلبة والتلاميذ، للمطالبة بتحسين أجورهم وتحسين واقع التعليم فيها.
ومؤخراً خرج العشرات من المعلمين والمعلمات في إدلب من خريجي المعاهد المختلفة أمام مبنى مديرية التربية والتعليم في إدلب، رفضاً لقرار فصلهم من عملهم.
الاحتجاج جاء رفضاً لقرار حكومة الإنقاذ الجناح المدني لهيئة تحرير الشام، القاضي بفصل أكثر من 500 معلماً من القائمين على عملهم منذ سنوات.
ورغم الأحداث الأخيرة والمتسارعة التي حصلت على كافة الأصعدة في سوريا، إلا أنه ومع اقتراب دخول الأزمة في هذا البلد عاماً جديداً، تظهر تحركات متسارعة وخاصة من دول عربية لإعادة سوريا إلى حاضنتها العربية وعلى رأسها السعودية، وهو ما يتم السعي إليه بشكل مكثف في الفترة الأخيرة.