احتجاجات السويداء واحتمالية تأثيرها على قرارات دول
السويداء ـ نورث برس
سلسلة من الاحتجاجات عاشتها محافظة السويداء جنوبي سوريا، خلال العام الجاري، صرخة قهر سمع صدها في جميع المحافظات السورية، ليتحول المشهد قبيل نهاية العالم إلى تصعيد في الخطاب وسط أزمة سياسة واقتصادية تعصف بالبلاد.
وفي ظل رعاية صحية تخضع حالات الإسعاف فيها لتقنين على المحروقات، وشتاء يقضيه السوريون في حساب عدد قطرات 50 ليتراً من مازوت التدفئة، وانهيار الليرة، يتساءل أحد شباب الحراك، “كيف بعد كل هذا لا نخرج إلى الساحات؟”.
وبعد صمت، تمتم الشاب العشريني الذي رفض الكشف عن اسمه، بغناء “يا حيف.. يا حيف.. زخ رصاص على الناس العزل يا حيف”، ثم أكمل حديثه لنورث برس بالقول: “نعم قوبلت مطالب العيش بكرامة برصاص الأجهزة الأمنية”.
وبحسب سكان من السويداء تواصل السلطات السورية تصعيد قبضتها القمعية ضد المحتجين، وأسفرت احتجاجات الرابع من كانون الأول /ديسمبر الجاري، عن سقوط قتيل و18جريحاً من المحتجين.
مطالب وسياسة
عند استقراء المشهد العام لاحتجاجات السويداء، بدءاً من مظاهرات عام 2011 إلى احتجاجات “بدنا نعيش” في صيف 2020، وصولاً إلى احتجاجات شباط/ فبراير من هذا العام، وإسقاط مقار المجموعات الأمنية في أواخر تموز/ يوليو إلى احتجاجات الرابع من كانون الأول/ ديسمبر الجاري، يبرز الوقف السياسي الواضح لسكان السويداء.
يصف الناشط السياسي مهند شهاب الدين وهو عضو مؤسس التجمع الديمقراطي العلماني وعضو المكتب الإعلامي للمجلس السوري للتغير في السويداء، المشهد العام الذي حدث في “انتفاضة الرابع من هذا الشهر“، بأنها “عبارة عن احتجاجات مطلبية. ولكن في العمق هي قضايا وطنية”.
ويشدد على أنه لا يمكن فصل الفكر السياسي لسكان السويداء عن الجانب الاقتصادي.
وأبرز الشعارات التي سمع صدها في الاحتجاجات: “عيش حرية عدالة اجتماعية”، “الحرية للمعتقلين” وهي قضية مطلبية وطنية، بالإضافة لشعار “واحد واحد واحد الشعب السوري واحد”.
اتهامات وتهديدات
قوبلت احتجاجات السويداء بحملة إعلامية من قبل أشخاص مقربين من الحكومة السورية، اتهمت فيها أبناء السويداء بـ”العمالة والسعي للانفصال”، في خطاب وصفه السكان بأنه أبعد ما يكون عن الوطنية أو حتى عن الدبلوماسية السياسية.
وأشار “شهاب الدين”، إلى أن مطالب سكان السويداء هي إدارة مشتركة لشؤون المنطقة الجنوبية (السويداء ودرعا والقنيطرة)، “لا تنسلخ عن سوريا اللامركزية”.
وطرح شهاب الدين تجربة اللامركزية في شمال شرقي سوريا كتجربة “ناجحة”، للسير بخطاها.
يرى الكاتب الصحفي حافظ قرقوط، أن هناك تقاطعاً بين احتجاجات السويداء مع ما انطلقت إليه احتجاجات السوريين عام 2011.
ويقول إن احتجاجات السويداء “كانت نتيجة التراكمات التي حصلت خلال عقد من زمن”.
وشدد الكاتب على أن الهدف الأساسي لاحتجاجات السويداء، بأنهم “ما زالوا على موفقهم أنهم أمام سلطة قمعية يجب على السوريين أن يتخلصوا منها لبناء مستقبل ديمقراطي”.
ويعتبر الكاتب أن ميزة الاحتجاجات في السويداء، أنها “ذكّرت السوريين بأنه مازال الشعب يريد إسقاط النظام وبأن هذا النظام لا يمكن أن يبني دولة فهو خارج حسابات السوريين”.
انعكاسات شعبية ودولية
رغم فرض مصالح دولية على خارطة الحل السياسي في سوريا إلا أن التغيرات في الشارع المحلي يمكن أن تعيد الحسابات السياسية.
وبحسب قول “قرقوط” إن “الثورة الشعبية المستمرة ستحرج الدول التي تحاول التطبيع مع هذا النظام أو تعويمه، وستضعها أمام صورة واضحة بأن هذا النظام مرفوض على الساحة الداخلية”.