أسماك تركية مجمدة تتسبب بحالات تسمم غذائي في إدلب
إدلب– نورث برس
يمتنع رؤوف المنفوخ (35 عاماً)، وهو اسم مستعار لنازح يعيش مع عائلته في مخيمات دير حسان الحدودية شمال إدلب، شمال غربي سوريا، عن شراء الأسماك التركية المجمدة بعدما أصيب هو وأفراد عائلته بتسمم غذائي.
وفي كانون الأول/ ديسمبر الماضي، نُقل الرجل وجميع أفراد عائلته إلى مشفى في مدينة إدلب بعد نحو ساعة من تناولهم لأسماك تركية مجمدة، إذ اشتكوا من آلام شديدة في المعدة رافقها تقيؤ وإسهال وغثيان وحمى.
وقال النازح، الذي ينحدر من بلدة جرجناز جنوب إدلب، إنه اشترى الأسماك من إحدى البسطات في المخيم لرخص أسعارها مقارنة مع اللحوم الطازجة المحلية التي تشهد ارتفاعاً في أسعارها بشكل “غير مسبوق” على خلفية انهيار قيمة الليرة التركية أمام الدولار.
وأشار “المنفوخ”، الذي يعمل بأجر يومي في أعمال البناء، إلى أن عائلته لم تتناول اللحوم منذ أكثر من ثلاثة أشهر، إذ أن أجرته اليومية تبلغ 30 ليرة تركية يومياً (ما يعادل نحو ثمانية آلاف ليرة سورية) وهي لا يكفي لشراء كيلوغرام من اللحوم الطازجة.
وفي مناطق سيطرة المعارضة السورية، تسبب الانهيار الكبير الذي لحق بقيمة الليرة التركية، مؤخراً، بتفاقم الأوضاع المعيشية لسكان ونازحين، في ظل استمرار ارتفاعات في أسعار المواد الأساسية لا سيما الغاز المنزلي والوقود والخبز.
ومنذ حزيران/ يونيو من العام 2019، قررت حكومتا السورية المؤقتة والإنقاذ استعمال العملة التركية بدلاً من السورية التي شهدت حينها انهياراً وصل إلى نحو خمسة آلاف ليرة سورية مقابل كل دولار أميركي.
وسجل سعر صرف الليرة التركية، في تداولات الاثنين، 13.77 مقابل الدولار الأميركي، في حين سجلت مقابل الليرة السورية 262 ليرة، بحسب موقع الليرة اليوم المتخصص بأسعار العملات.
“أسماك تركية فاسدة”
ولا يتجاوز سعر أنواع الأسماك التركية المجمدة 15 ليرة تركية للكيلوغرام الواحد، في حين يبلغ سعر الكيلوغرام من سمك “الكرب” المحلي والطازج قرابة 120 ليرة تركية (ما يقارب 30 ألف ليرة سورية).
ويباع كيلوغرام من سمك السلور المحلي بـ 30 ليرة تركية ويتراوح سعر كيلوغرام السمك البني بين 40 و 70 ليرة تركية.
فيما يبلغ سعر الكيلوغرام من الفروج 30 ليرة تركية، وتباع اللحوم الحمراء بـ 75 ليرة تركية للكيلوغرام الواحد.
ومنذ إعادة القوات الحكومية سيطرتها على مناطق واسعة من سهل الغاب بريف حماة الغربي عام 2019 والتي كانت مصدراً لأصناف من السمك الذي يباع في إدلب، بدأت الأسماك التركية المجمدة تغزو الأسواق وتنافس المحلية.
وكان سهل الغاب يعد من أهم المناطق السورية في مجال تربية الأسماك وكانت الثروة السمكية في هذه المنطقة تمثل مصدراً مهماً من المصادر الاقتصادية التي يعتمد عليها سكان المنطقة.
لكن ظروف الحرب أجبرت العاملين في هذا القطاع على تركه وبالتالي تراجع موسم إنتاج الأسماك بعد أن كان يصدر مئات الأطنان من أجود أنواع أسماك المشط والكرب إلى باقي المناطق السورية، بحسب صيادين ومربي أسماك.
ولكن قسماً من الأسماك التركية المجمدة التي تباع في أسواق المنطقة منتهية الصلاحية وفاسدة بسبب حفظها لأوقات طويلة وفي ظروف غير مناسبة قبل أن تدخل إلى إدلب، حيث أدت إلى حالات تسمم غذائي.
ولا يخفي نور الحلوم (47 عاماً)، وهو اسم مستعار لصاحب محل لبيع الأسماك التركية المجمدة، وجود كميات من “الأسماك الفاسدة ومنتهية الصلاحية” في العلب المخصصة للحفظ.
يقول إنه يعمل على فرز الأسماك الرديئة وغير صالحة للاستهلاك، “على عكس معظم الباعة الذين لا يعرفون مخاطر فسادها”.
لا رقابة صحية
وخلال الأيام القليلة الماضية، سجل أحمد المحاميد (45 عاماً)، وهو اسم مستعار لطبيب عام يعمل في مستوصف في بلدة دير حسان شمال إدلب، 32 حالة تسم غذائي بين مراجعيه، معظمها لأشخاص تناولوا اللحوم المجمدة وخاصة الأسماك.
وقال الطبيب، لنورث برس، إن معظم اللحوم المجمدة لا تخضع لرقابة وأنظمة صحية آمنة عند دخولها إلى إدلب.
كما أن هناك “استهتاراً” من جانب أصحاب المراكز والباعة بسبب سوء تخزينها، ” ما أدى لارتفاع نسبة حالات التسمم الغذائي وخاصة في منطقة المخيمات”، بحسب الطبيب.
وتعقب تناول تلك الأسماك عادة أعراض أبرزها الغثيان والتقيؤ والمغص والإسهال وآلام في البطن، وقد يصل الأمر لجفاف الجسم، بحسب الطبيب.
والأسبوع الماضي، أصيب فراس زكور (28 عاماً)، وهو اسم مستعار لنازح من ريف حماة الشمالي وزوجته، بتسمم غذائي بعد تناولهما لأسماك تركية قام بشرائها من إحدى محال بيع الأسماك المجمدة في مدينة الدانا شمال إدلب.
يقول “زكور”، وهو والد لطفلين يعمل في فرن مقابل 35 ليرة تركية يومياً، إنه فضل شراء تلك الأسماك رغم سماعه بحالات التسمم الحاصلة جراء تناولها، “وذلك لأن أسعار اللحوم الطازجة تفوق قدرتي الشرائية”.