نقص في الأطباء والأجهزة في مشفى الأطفال الوحيد في دمشق وسط ازدحام المرضى
دمشق- نورث برس
لا يتلمس محمد عثمان (34 عاماً) أي تحسن في حالة طفله(أربعة أعوام) والذي أُدخل منذ أربعة أيام إلى مشفى الأطفال الجامعي في دمشق بعد أن عانى من ألم شديد في معدته.
ويلوم والد الطفل، وهو من سكان مدينة يبرود شمال شرق دمشق، الطبيب المشرف الذي يترك الأمر لأطباء متدربين يشرفون على وضعه ويسجل ويعاين عدداً محدوداً من المرضى.
ويشير إلى أنه انتظر خمس ساعات أمام باب المشفى قبل أن يدخل طفله إلى قسم الإسعاف ويشخص حالته بأنه يعاني من التهاب شديد في الأمعاء.
وأحدث مشفى الأطفال في المزة غرب دمشق بموجب مرسوم تشريعي صدر في أيار/مايو عام 1978، واعتبرت إدارته هيئة عامة بموجب القانون 23 الصادر في الحادي والعشرين من كانون الأول/ ديسمبر عام 2000.
ويعد مشفى الأطفال الوحيد المتخصص بأمراض الأطفال في سوريا، ويستقبل الأطفال والخدّج من جميع المحافظات ويقدم الاستشارات الطبية والخدمات العلاجية.
لكن “عثمان” وآخرين يشيرون إلى عشرات الحالات “جاؤوا من مناطق بعيدة ويضطرون للانتظار أياماً حتى يخلو سرير في المشفى”.
ويزداد عدد المراجعين لمشفى الأطفال بسبب عدم تمكن ذوي المرضى من تأمين تكاليف علاجهم في العيادات والمشافي الخاصة، وذلك في ظل أزمة معيشية واقتصادية صعبة.
ويبلغ سعر مبيت المريض لليلة واحدة في المشافي الخاصة بدمشق أكثر من 300 ألف ليرة سورية، وهو ما يعادل ثلاثة أضعاف الراتب الشهري للموظف الحكومي تقريباً.
نقص عدد الأطباء
يقول ذوو مرضى إن مدة الانتظار أمام باب المشفى قد تمتد لمدة أسبوع بسبب الأعداد الكبيرة، الأمر الذي يدفع البعض لدفع رشاوى للمشرفين على القوائم التي تحدد الحالات الطارئة.
والأحد الماضي، قال المدير العام لمستشفى الأطفال بدمشق، رستم مكية، إن المشفى يعاني من نقص شديد في أعداد الأطباء إضافة إلى نقص الأدوية العلاجية وتعطل الأجهزة الأساسية.
ونقلت صحيفة تشرين الرسمية لدى الحكومة السورية، عن “مكية” قوله إن “المشفى يعاني نقصاً كبيراً في عدد الأطباء الاختصاصيين وفي كل الأقسام الطبية، بسبب الاستقالات المتكررة ونقص الإيفاد ووفاة أطباء مهمين”.
وهاجر خلال السنوات الماضية قرابة 12 ألف طبيب من أصل نحو 32 ألف طبيب مسجلين، وفقاً لأرقام حكومية.
وأشار “مكية” إلى أنه هناك طبيب عضو هيئة تدريسية واحد فقط في المشفى وطبيبان متعاقدان (أحدهما سيبلغ سن التقاعد قريباً جداً، وطبيب معيد واحد).
وذكر المدير العام للمشفى أن هناك نقصاً في معظم الأدوية العلاجية ولاسيما الاسعافية منها.
اقرأ أيضاً
- المشافي السورية “تقرع ناقوس الخطر”.. تناقص حاد في أعداد أطباء التخدير
- ضغوطات عمل على أطباء للتخدير في دمشق في ظل نقص عددهم
- مستشفى الأطفال بدمشق يعاني من نقص شديد في أعداد الأطباء والأجهزة الطبية
“فساد وفوضى”
وبينما تنتظر كوثر تيناوي (41 عاماً) خلو سرير في قسم العناية المركزة لطفلتها البالغة خمسة أعوام.
تقول إنهم “لا يصدقون بكاء طفلتي المريضة، أنا منهارة تماماً، نحن هنا منذ يومين في انتظار أن يعطف أحد على حال ابنتي”.
وتضيف الوالدة، التي تسكن في عشوائية عش الورور شمال دمشق: “لا يعلم بأحوالنا وقلة حيلتنا إلا الله”.
وزادت على ذلك: “يعاني أطفالنا من الحرمان والنقص الكبير في الخدمات الصحية والتعليمية وسوء التغذية، وكل ذلك نتيجة الفساد في المؤسسات والمشافي الحكومية”.
وتشير “تيناوي” إلى أن أحد المرضى نصحها بأن تتقدم بطلب تقديم تاريخ دورها في المعاينة وذلك عبر موظف في قسم الإسعاف، “وبالفعل قابلت الشخص المذكور والذي بدوره وعدها بتأمين سرير لابنتها مقابل دفع مبلغ من المال”.
وتتساءل، “هل تعجز الحكومة عن إيجاد حل لمعاناتنا؟”.
ووفقاً لبعض ذوي الأطفال المرضى فإن نقص الكادر الطبي والتمريضي والأدوية والاجهزة الطبية في مشفى الأطفال، يكبدهم عناء التنقل بين المستشفيات أو اللجوء إلى مستشفيات الخاصة لتلقي العلاج المناسب.
كما لا يستطيع المشفى إجراء غالبية الفحوصات الشعاعية بسبب تعطل معظم الأجهزة الأساسية، كجهاز الرنين المغناطيسي وجهاز الطبقي المحوري وأجهزة الإيكو وجهاز الأشعة التنظيرية.