مدارس في إدلب بلا تدفئة وانقطاع تلاميذ عن التعليم

إدلبنورث برس

انقطع الطفل ناصر الحمدان (ثمانية أعوام)، وهو اسم مستعار لنازح في مدينة إدلب شمال غربي سوريا، عن مدرسته منذ قرابة أسبوعين نتيجة إصابته بمرض تنفسي.

وأصيب الطفل بنزلة برد شديدة في مدرسته التي تفتقر لوسائل التدفئة، ويعاني الآن من حمى شديدة وسعال والتهاب في الحلق وآلام في البطن، بحسب والده.

وأضاف والد الطفل أن غياب وسائل التدفئة في مدرسته وخاصة في ظل ما تشهده المنطقة من منخفض جوي وتشكل الصقيع، أدى لإصابة طفله بالتهاب القصبات الحاد وتدهورت حالته الصحية.

ولا يخفي الوالد نيته عن امتناع إرسال طفله إلى المدرسة طيلة الشتاء في حال لم يتم توفير التدفئة فيها.

وهذه السنة الدراسية، تفتقر معظم المدارس في مدينة إدلب والمخيمات لوسائل التدفئة من مدافئ ومازوت، ما أدى لإصابة العديد من الأطفال وخاصة في المرحلة الابتدائية بنزلات برد شديدة وانقطاعهم عن الدوام.

وتدير حكومة الإنقاذ الذراع المدني لهيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً) والتي تشكلت في 2018 المؤسسات الخدمية في منطقة إدلب وأجزاء من ريف حلب.

ويصف معلمون في إدلب حال التعليم في المنطقة بأنه في أسوأ حالاته منذ بدء الأزمة، بسبب غياب الدعم وعدم اكتراث سلطات حكومة الإنقاذ بمستقبل الأطفال التعليمي.

“تجاهل للمطالب”

وطالب رائد العيد (45 عاماً)، وهو اسم مستعار لمدير مدرسة في إدلب، مديرية التربية والتعليم التابعة لحكومة الإنقاذ أكثر من مرة بتأمين وسائل التدفئة وخاصة المازوت، “لكن هناك تجاهل لمطالبنا”.

وأشار إلى أن العديد من الأطفال في المدرسة التي يعمل بها أصيبوا بأمراض وانقطعوا عن الدوام في ظل انخفاض درجات الحرارة وخاصة في الصباح.

ويؤثر غياب التدفئة على استيعاب الطلاب وصعوبة تلقيهم للدروس وخاصة في المرحلة الابتدائية، بحسب “العيد”.

وقام مديرو مدارس في إدلب برس بتركيب مدافئ العام الماضي، لكن عدم توزيع مازوت حال دون إشعالها.

ومنذ أشهر، تشهد أسعار المشتقات النفطية في إدلب ارتفاعاً مستمراً على خلفية انهيار قيمة الليرة التركية أمام الدولار الأميركي.

ويباع اللتر الواحد من المازوت حالياً بـ 10 ليرات تركية (نحو ثلاثة آلاف ليرة سورية)، فيما كان سعره قبل نحو شهر بـ  6.66 ليرة تركية.

والأسبوع الماضي، انهارت قيمة العملة التركية إلى مستويات غير مسبوقة، حيث سجلت في أدنى انخفاض لها حوالي 19 ليرة تركية مقابل الدولار الأميركي.

ويوم أمس الاثنين، سجل سعر صرف الليرة التركية، في تداولاته 11.412 مقابل الدولار الأميركي، في حين سجلت مقابل الليرة السورية 318 ليرة، بحسب موقع الليرة اليوم المتخصص بأسعار العملات.

حكومة الإنقاذ عاجزة

وتساءل “العيد”: “مديرية التربية والتعليم تعجز عن تأمين راتبي ورواتب المعلمين منذ أكثر من خمسة أشهر، فكيف يمكن لها أن تؤمن وسائل التدفئة للمدارس؟”

والأربعاء الماضي، نظم أكثر من 50 معلماً ومعلمة وقفةً احتجاجيةً أمام المجمع التربوي في مدينة إدلب للمطالبة بدفع مستحقاتهم التي لم يستلموها منذ أكثر من خمسة أشهر.

وامتنع أحمد سليم (37 عاماً)، وهو اسم مستعار لنازح في مخيمات دير حسان الحدودية، مؤخراً، عن إرسال طفله الذي يعاني من مرض الربو إلى المدرسة بعد سوء حالته الصحية.

وقال “سليم” إنالمرض يشتد على طفله في المدرسة لغياب التدفئة، إذ تدهورت حالته مع اشتداد موجة الصقيع.

 وأضاف: “نرسل أولادنا إلى المدرسة حتى يتعلموا لا أن يصيبوا بأمراض”.

ودفع غياب وسائل التدفئة والرعاية التعليمية قسماً من النازحين وسكان ممن يملكون الإمكانات المالية لتسجيل أطفالهم في مدارس تتبع للقطاع الخاص.

وتستغل المدارس الخاصة، بحسب سكان في المخيمات، خوفهم على أطفالهم من الجهل والأمية، لتطلب رسوماً تصل لحوالي 300 دولار أميركي عن كل تلميذ، ما يجبر بعضهم عن الامتناع استكمال التحصيل العلمي لأطفالهم.

لكن “سليم” ينوي تسجيل طفله في مدرسة خاصة رغم رسومها المرتفعة، “صحيح هي مكلفة ولكنها تبقى أفضل من دفع أموال لأطباء وشراء أدوية”، على حد قوله.

إعداد: سمير عوض-  تحرير: سوزدار محمد