مفقودون مجهولو المصير في إدلب وأعدادهم ما تزال في ازدياد

إدلب نورث برس

يحاول مصطفى كامل (45 عاماً)، وهو اسم مستعار لنازح في مدينة كفرتخاريم بريف إدلب شمال غربي سوريا، التوصل لأي معلومة عن ابنه المفقود منذ أكثر من ثلاثة أشهر ولكن دون أي جدوى.

وفقد النازح من مدينة سراقب شرق إدلب ابنه في ظروف غامضة أثناء توجهه إلى عمله على الطريق الواصل بين كفرتخاريم ومدينة سرمدا، وانقطعت أخباره عن عائلته التي باءت جميع محاولتها في العثور عليه بالفشل.

وقال الوالد إن ابنه البالغ من العمر 22 عاماً كان يتوجه بشكل يومي إلى سرمدا حيث مكان عمله ولم تصادفه من قبل أي مشكلات على الطريق.

وتشهدت إدلب إلى جانب حوادث القتل والسرقة والاغتيالات، ازدياداً في حوادث اختفاء مدنيين في ظل حالة الفلتان الأمني في المنطقة الخاضعة لسيطرة هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً).

ومع بداية الحرب السورية، ازدادت حوادث فقدان واختطاف واعتقال مدنيين في جميع جغرافية البلاد واستمرت حتى بعد تراجع حدة المعارك.    

ويقدر تقرير للأمم المتحدة لعام 2021، أن 100 ألف شخص هم في عداد المفقودين بسبب الصراع السوري وتستمر الأعداد في الارتفاع.

مصير مجهول

ويرجح “كامل” وعائلة المفقود أن مسلحين قاموا باختطاف ابنهم “لأسباب غير معروفة”، إذ ليست هناك مشكلات شخصية أو خلافات في العائلة حتى يترك الابن المنزل، وفقاً لقولهم.

لكن عدم طلب فدية مقابل إطلاق سراحه وعدم تواصل المتورطين في الحادثة مع ذوي الشاب، يزيد مخاوف عائلته من تعرضه لأذى أو مكروه.

وقال رشيد عثمان (28 عاماً)، وهو اسم مستعار لعضو في مكتب شؤون الجرحى والمفقودين في مدينة إدلب، إن جميع حالات الاختفاء التي حصلت وعاد أصحابها كان سببها مشكلات عائلية أو تصفية حسابات شخصية.

إضافة إلى أن هناك عمليات اختطاف تحدث بهدف ابتزاز العائلة للحصول على الفدية، إلى جانب قيام فصائل المعارضة  باعتقال أشخاص لا يحملون وثائقهم الشخصية أو متهمين بعداء لهذا الفصيل أو ذاك، بحسب “عثمان”.

وأشار عضو مكتب شؤون الجرحى والمفقودين في إدلب إلى أنهم يوثقون مئات حالات الاختفاء شهرياً ويقومون بنشر جميع هذه الحالات ضمن ملفات تحوي أسمائهم وصورهم وأوصافهم.

ولكن عدد الأشخاص الذين يتم العثور عليهم أو يعودون إلى منازلهم بعد فقدانهم أو اختطافهم “محدود”، فيما يبقى معظمهم مجهولي المصير، بحسب مكتب شؤون الجرحى والمفقودين في إدلب.

وتعتبر اللجنة الدولية لشؤون المفقودين (ICMP) اتخاذ إجراءات فورية للعثور على الأشخاص المفقودين وتأمين الحقوق الإنسانية لعائلاتهم ضرورة، إذ تكرر في نشراتها أن “قضية المفقودين في سوريا تشكل تحدياً دولياً”.

ضغوط معيشية للعائلات

وبداية العام الجاري، فقدت رائدة يسوف (30 عاماً)، وهو اسم مستعار لسيدة في مدينة معرة مصرين شمال إدلب، أثر زوجها بعد توجهه إلى مشفى إدلب المركزي ليلاً، “وانقطعت مذاك أخباره عن ذويه وعائلته”.

وقالت الزوجة، لنورث برس، إنها حاولت بكل الطرق معرفة مصير زوجها، إلا أنها لم تتمكن حتى الآن من الوصول لأي معلومة تفيد بمكان تواجده.

ويزيد الإبلاغ عن الشخص المفقود  من فرصة العثور عليه يوماً ما، على الرغم من عدم وجود ضمان لذلك، بحسب المديرة العامة للجنة الدولية لشؤون المفقودين.

لكن “يسوف” أشارت إلى أنها قدمت إبلاغات لجميع المشافي والمخافر والمحاكم بأوصاف زوجها، “دون فائدة”.

وتعيش العائلة التي تضم أربعة أطفال أوضاعاً اقتصادية ومعيشية صعبة بعد فقدانها المعيل الوحيد، ما دفع الزوجة للعمل في تسويق المواد التجميلية من خلال هاتفها المحمول مقابل 250 ليرة تركية في الأسبوع.

ودفعت الحرب السورية وفقدان معيل العائلة، مئات النساء للتوجه للعمل في مهن مختلفة، وغالباً ما يعانين من الاستغلال في العمل لساعات طويلة بأجور قليلة لا تتناسب مع غلاء كافة المواد الغذائية والاستهلاكية في الأسواق.

وبعد اختفائه لأكثر من شهرين، عاد ربيع الأحمد (45 عاماً) وهو اسم مستعار لنازح في مدينة إدلب وعلى جسده علامات تعذيب.

واعتقل عناصر لفصائل المعارضة النازح الذي ينحدر من منطقة جبل الزاوية جنوب إدلب أثناء تواجده في أرضه القريبة من خطوط التماس، إذ كان يتفقد موسم الزيتون، وفقاً لما ذكره لنورث برس.

وقال “الأحمد” إن عناصر من المعارضة اعتقلوه بحجة أنه لم يكن يحمل أوراقه الشخصية أو هويته، ثم لم يسمحوا له بالتصال بعائلته لإخبارهم عن مكان تواجده.

وأشار إلى أنه خلال فترة الاعتقال تعرض لمختلف الضغوط النفسية والجسدية في السجن قبل أن يتم الإفراج عنه.

إعداد: سمير عوض- تحرير: سوزدار محمد