نساء عاملات في إدلب يشتكين من الاستغلال وضعف الأجور
إدلب – نورث برس
تعمل سمية المصطفى (36 عاماً)، وهي نازحة في مدينة إدلب شمال غربي سوريا، في معمل لصناعة الألبان والأجبان لمدة سبع ساعات بأجر لا يتجاوز 20 ليرة تركية يومياً، وهو ما يعادل أقل من خمسة آلاف ليرة سورية.
وبعد ذهاب زوجها إلى تركيا العام الماضي بغرض البحث عن عمل وانقطاع أخباره عن العائلة، وجدت النازحة من مدينة معرة النعمان نفسها مجبرة على العمل والقبول بـ”أجر قليل” لإعالة أطفالها الأربعة.
وتعمل “المصطفى” في المعمل مع حوالي 22 عامل وعاملة، “لكن الرجال يتقاضون أجوراً أعلى تصل إلى 30 ليرة تركية”.
وبرر رب العمل ذلك بأن الرجال يقع على عاتقهم أعمال أصعب في حمل المنتجات وغيرها، على حد ما نقلته نساء عاملات في المعمل ذاته.
مطالب ممنوعة
وقوبلت طلبات متكررة للسيدة الثلاثينية بزيادة أجرتها التي لم تعد تكفي لشراء أبسط احتياجات أطفالها بالرفض من جانب صاحب المعمل الذي طالبها بترك العمل في حال لم تكن راضية بالأجر.
ودفعت الحرب السورية وفقدان معيل العائلة، مئات النساء للتوجه للعمل بمهن مختلفة، وغالباً ما تعانين من الاستغلال في العمل لساعات طويلة بأجور قليلة لا تتناسب مع غلاء كافة المواد الغذائية والاستهلاكية في الأسواق.
وتجد بعضهن أن العمل مقابل أجر قليل أفضل من “البقاء بلا عمل” في ظل عدم وجود جهة تدافع عن حقوقهن والتضييق المفروض على عمل ونشاط المرأة في المنطقة.
والشهر الماضي، منعت هيئة تحرير الشام انعقاد مؤتمر نسائي في إدلب بقوة السلاح، بحسب مصادر مطلعة قالت إن برنامجه كان يحتوي جوانب سياسية وانتقادات.
إلا أن عناصر تحرير الشام أجبروا القائمين عليه على تحويله لندوة ثورية تتحدث عن إنجازات الثورة السورية خلال السنوات العشر الأخيرة.
وفي حزيران/ يونيو من العام الماضي، داهم مسلحون يتبعون لهيئة تحرير الشام، اجتماعاً سعى لتشكيل الاتحاد العام للنقابات السورية في الشمال السوري المحرر.
لكن مسلحي الهيئة داهموا المكان وأطلقوا الرصاص في الهواء مطالبين الحضور مغادرة المكان، وذك بذريعة عدم التنسيق مع حكومة الإنقاذ.
استغناء عن مواد
وتعمل حليمة البر (38 عاماً)، وهي نازحة من سراقب تعيش في بلدة حزانو بريف إدلب الشمالي، في ورشة للخياطة لمدة ثماني ساعات مقابل 25 ليرة تركية يومياً.
تقول إن “العمل مرهق والأجور متدنية، لم يعد بإمكاني شراء الاحتياجات الضرورية للمنزل واستغنيت عن شراء مواد غذائية بسبب الغلاء”.
وفي إدلب وغيرها من مناطق سيطرة المعارضة السورية، تسبب الانهيار الكبير الذي لحق بقيمة الليرة التركية، مؤخراً، بتفاقم الأوضاع المعيشية لسكان ونازحين، في ظل استمرار “ارتفاعات” في أسعار المواد الأساسية لا سيما الغاز المنزلي والوقود والخبز.
وتسبب انهيار الليرة التركية بارتفاع أسعار المواد الغذائية في شمال غربي سوريا بنسبة 400%، وأسعار مادة الخبز بنسبة 300%، بحسب بيان لفريق “منسقو استجابة سوريا”.
كما ارتفعت أسعار المواد غير الغذائية بنسبة 200%، والمحروقات بنسبة 350%، بينما وصلت معدلات الفقر إلى مستويات قياسية تجاوزت 90%، بحسب المصدر نفسه.
وبدأت “البر” العمل بعد أن أصبح زوجها طريح الفراش بسبب المرض، “وأنا مضطرة للعمل رغم أن أحد أطفالي من ذوي الاحتياجات الخاصة ويحتاج إلى رعاية خاصة”.
وبعد ثماني ساعات من العمل خارج المنزل، تعود “البر” في المساء للبدء بأعمال طهي الطعام وتنظيف المنزل وغيرها من الأعمال المنزلية.
ويقول مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن أكثر من 90 في المائة من السكّان في سوريا يعيشون تحت خط الفقر.
لا عقود للعمل
وتشتكي خلود الجمعة (40 عاماً)، وهي من سكان قرية كفريحمول بريف إدلب الشمالي وتعمل في الورشات الزراعية، من صعوبة تحصيل أجرها اليومي.
تقول إن المشرف على العاملات في الورشة يتأخر في دفع أجور العاملات في أغلب الأحيان، كما يجبرهن على تعبئة الخضار وتحميلها دون مقابل ويطرد أي عاملة لمجرد التأخر أو الغياب عن العمل .
وفي الساعة الخامسة صباحاً من كل يوم، تستقل “الجمعة” الحافلة المخصصة لنقل العاملات إلى مكان العمل وتستغرق نحو ساعة للوصول إلى الأراضي الزراعية.
وتزرع السيدة الأربعينية أصناف الخضار مثل البصل والثوم والجرجير والسبانخ، إلى جانب أعمال التعشيب والقطاف وتقليب التربة حول المحاصيل مقابل 25 ليرة تركية يومياً.
وترى حنان المطر (30 عاماً)، وهي مرشدة اجتماعية ومهتمة بقضايا النساء في إدلب، أن عدم إبرام عقود عمل رسمية بين العاملات وأرباب العمل “يضعهن في مهب الريح ويجبرهن على القبول بأي فرصة عمل تكفيهن العوز رغم الظلم والإجحاف”.
وتشدد على ضرورة إيجاد آلية تتيح حصول العاملات على حقوقهنّ وتحميهن من الاستغلال وتأسيس نقابة عمل لهنّ تنظم وتضبط عملهن.
ومؤخراَ، اضطرت سميرة اليوسف (23 عاماً)، وهو اسم مستعار لطالبة جامعية في إدلب، لترك العمل في أحد محلات بيع الملابس الجاهزة في المدينة، بسبب “التحرش اللفظي” من صاحب المحل.
تقول الطالبة إنه رغم الأجر القليل وصعوبة العمل والوقوف طوال النهار لمساعدة الزبائن في اختيار الملابس وترتيب الفوضى بعد ذهابهم، “رضيت بالعمل لتأمين نفقات الجامعة وعدم تحمل والدي المسن مصاريفي الجامعية”.
ولكن “نظرات صاحب العمل والتحرش اللفظي دفعني لترك فرصة العمل التي وجدتها بعد عناء”.