إيران تستكمل تغلغلها في سوريا.. وهذه المرة عبر جامعة حلب
القامشلي – نورث برس
تسارع إيران الخُطى من أجل إكمال الاستيلاء على سوريا بمفاصلها كافة، وسخرت لهذا الأمر آلافًا من العسكريين والدينيين وغيرهم، لتصبح البلاد بأكملها تحت إدارتهم ويكون لهم موطئ قدم دائم في الشرق الأوسط.
وفي منتصف عام 2021 بدأت إيران مرحلة جديدة لتعزيز وجودها في مختلف القطاعات الحيوية في حلب.
وبدأت ملامح المرحلة المفترضة بالظهور مع افتتاح القنصلية الإيرانية والمكتب الاقتصادي الملحق بها، وتنفيذ عدة مشاريع حيوية في محيط المقامات الدينية، تمهد لبقاء طويل داخل المدينة وفي ريفها.
وفي أيار/ مايو الماضي، تم افتتاح القنصلية الإيرانية في حلب، الأمر الذي اعتبره مراقبون عنصراً جديداً في توسيع النفوذ الإيراني بمدينة حلب لفرض سيطرته أكثر.
وتحولت القنصلية إلى قبلة يقصدها التجار والصناعيون وشيوخ العشائر وزعماء الفصائل الموالية لإيران لضمان مصالحهم، بحكم النفوذ الواسع للقنصل في المدينة، بحسب تقارير صحفية.
“تأثير تربوي”
وتحت عنوان “تأثير تربوي”، قال تقرير لمعهد واشنطن: “ثمة تطور يشير إلى هدف إيران المتمثل بضمان وجود متعدد الأجيال في سوريا، وهو قرار الأسد بفتح أقسام باللغة الفارسية في العديد من المؤسسات التعليمية، بما فيها جامعات دمشق وحمص واللاذقية”.
وبحسب التقرير، تترافق الدروس التي تقدمها هذه الأقسام مع مجموعة واسعة من المحفزات لزيادة إقبال السوريين عليها، ويمكن للشباب دون سن دخول الجامعة أن يحضروها، وتشمل الدروس رحلات إلى إيران”.
وأشار التقرير الأميركي إلى أن التغلغل الإيراني في الجامعات السورية لم يقتصر على نشر اللغة الفارسية بل تعدى إلى أبعد من ذلك، فبدأت بتنظيم زيارات للأكاديميين والمسؤولين في وزارة التعليم العالي السورية.
وأصبحت إيران تحيي ذكرى انتصاراتها في المسارح ودور الثقافة بالمؤسسات التعليمة وتعقد الندوات لـ”دعاتها الشيعة” في هذه الجامعات والمراكز الثقافية السورية.
اقرأ أيضاً:
- المشاريع الثقافية والدعم العسكري بوابتا إيران لنشر نفوذها في حلب
- إنتاج إيراني لأغنية “وطنية سورية” في حلب بنكهة اللطميات
- الحكومة السورية تخفي هوية شركة إيرانية تعمل لتجهيز المحطة الحرارية في حلب
وقبل يومين وقعت جامعة حلب و”المركز الأكاديمي للتربية والثقافة والبحوث الإيراني” مذكرة تفاهم لتطوير “التعاون المشترك” لمدة خمس سنواتٍ قابلة للتجديد، بحضور القنصل الإيراني ورئيس جامعة حلب.
ويتضمن الاتفاق مع جامعة حلب، بحسب مواقع مقربة من الحكومة السورية، تبادل قاعدة البيانات العلمية والإنجازات البحثية، وتنفيذ دورات تدريبية متخصصة قصيرة الأمد في جامعة حلب من قبل أساتذة إيرانيين.
وتتبادل الجامعتان، بموجب الاتفاق، الزيارات قصيرة الأمد لأعضاء الهيئة التدريسية، وتبادل طلاب الدراسات العليا (ماجستير ودكتوراه) للبحث والتدريب وقبولهم في المنح الدراسية والإشراف المشترك على رسائلهم.
وتقول مراكز دراسات مختصة بالشأن السوري إن إيران هي الأخطر من بين قوى الصراع المتنافسة على سوريا، لأن إيران لا تخفي مشروعها الثقافي العقائدي، فمشاريعها الثقافية ترمي إلى إحداث تغيير شامل في بنية المجتمع السوري.
تغلغل متعدد
يقول اقتصاديون إن إيران ترى في حلب المتنفس الاقتصادي لها عبر نشر “التشيع” بين السكان مستغلة حاجتهم وفقرهم الناتج عن الحرب التي دمرت الاقتصاد في البلاد.
وتصب إيران تركيزها بشكل أساسي على محافظة حلب لأنها تريد أن تجعل من عاصمة الاقتصاد السوري قاعدة عمليات متقدمة تضمن لها حصاد تدخلها الطويل واستدامته، بحسب تقارير صحفية.
ويرى معهد واشنطن في “تقريره” أن إيران تنتهج تطبيق برامج اجتماعية ودينية واقتصادية تهدف إلى استمالة المجتمعات المحرومة التي قد لا تكون متفقة أيديولوجياً مع طهران ولكنها تفتقر إلى البدائل.
وبعد خروج القائد الإيراني جواد غفاري من سوريا، الشهر الماضي، تولى القائد الجديد لفصيل “فيلق المدافعين عن حلب” المدعوم من إيران، صابر رامين، مهمة الانتشار الثقافي والتغلغل الإيديولوجي الإيراني في حلب.
ومطلع الشهر الحالي، زار “رامين” كنيسة القديس جاورجيوس للسريان الأرثوذكس في المدينة، والتقى راعي الكنيسة الخور الأسقف شكري توما أمين سر مجلس رؤساء الطوائف المسيحية في حلب.
وفي مسرح نقابة الفنانين في حلب، حضر “رامين” رفقة القنصل الإيراني العام حفل تكريم للمخرج حسام حمود وفريق عمل الفيلم القصير “أبناء المستحيل”.
كما نظمت القنصلية الإيرانية في حلب بالشراكة مع قيادة “فيلق المدافعين عن حلب”، احتفالاً مركزياً للأندية الطفلية بمناسبة عيد المولد النبوي.
وتتبع لإدارة الأندية الطفلية في حلب مدارس ورياض أطفال ومراكز ترفيه، ويرأس إدارة الأندية محمد سلطان، وهو من مدينة نبل شمالي حلب، وأحد القادة السابقين في فصيل نبل والزهراء المدعومة من إيران.
ويأتي هذا كله في ظل تنافس روسي إيراني على ما تبقى من سوريا، فبعد أن أشرفت الحرب على نهايتها يريد كل طرف منهما على السيطرة التامة على مفاصل الاقتصاد السوري، بحسب مختصين في الشأن السوري.
وتقول مراكز دراسات إن روسيا أوعزت إلى إسرائيل لتتولى هي مهمة إخراج إيران عسكرياً من سوريا أو تحجيم وجودها هناك.
وفي تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، اتفق رئيس الوزراء الإسرائيلي والرئيس الروسي على مواصلة السياسة الحالية، التي تمنح الجيش الإسرائيلي الحق بالعمل بحرية في سوريا، وفقاً للإعلام الإسرائيلي.