المشاريع الثقافية والدعم العسكري بوابتا إيران لنشر نفوذها في حلب

حلب-  نورث برس

يتخوف سكان في حلب، شمالي سوريا، من التوسع الإيراني في المدينة، بعد شراء مسلحيها لأراض ومنازل سكنية في أحياء المدينة، ونشر التشيّع وتجنيد الشباب في صفوف الفصائل الإيرانية.

ووفقاً لسكان، فقد جند فيلق المدافعين عن حلب أبناء قرى نبل والزهراء وكفريا والفوعة إضافة لآخرين من السنة بعد تلقينهم أساسيات المذهب الشيعي.

وتم تأسيس نوادٍ ترفيهية للأطفال وإقامة رحلات تخييم ومعارض ومسارح للأطفال، ناهيك عن تجنيد البعض عسكرياً.

وبدأ  التغلغل الإيراني في حلب، أواخر شهر تموز/يوليو عام 2012، بدعم مدينتي نبل والزهراء عند سقوط كافة قرى وبلدات الريف الحلبي بيد فصائل المعارضة المسلحة، لتصبح المدينتان نقطة تجمع لعناصر جيش الحكومة السورية المنسحبة من القرى الأخرى.

وسعت إيران لتجنيد غالبية شباب المدينتين ذات المذهب الاثني عشري الجعفري، والذي يبلغ تعداد سكانهما 75 ألف شخص بموجب إحصاء عام 2012 حتى استطاعت السيطرة عليهما ومحيطهما في الثالث من شباط/فبراير عام 2016.

لتبدأ بعدها بالتوسع في الأحياء الشرقية من مدينة حلب، عبر تأسيس فيلق المدافعين عن حلب، في تموز/يوليو عام 2017 بقيادة شخص إيراني يدعى الحاج محسن، وفقاً لسكان.

تغلغل بين السكان

ويعمل فيلق المدافعين الإيراني على التغلغل بين السكان في الأحياء التي يسيطر عليها، ويستهدف الأعمار الصغيرة والشابة من خلال جذبهم بالترغيب والرواتب.

بالإضافة لإقامة رحلات تخييم خارج حلب، وفتح مراكز لتعليم اللغة الفارسية وتمرير تعاليم المذهب الشيعي وفتح دورات لتخريج الإعلاميين.

يقول حازم الأحمد، وهو اسم مستعار لأحد سكان حي المرجة، إنه عاد مع سيطرة القوات الحكومية على كافة أحياء مدينة حلب لمنزله، حيث بدأ ابنه (15 عاماً) بالتردد مع أصدقائه على مكتب فيلق المدافعين عن حلب.

 وصار الولد يعمل معهم في المساعدة بتنظيف الحي وإقامة دوري لكرة القدم، “وكان سعيداً بذلك، لكن تطور الأمر حين بات يستغرق في الاستماع للأناشيد الشيعية”.

ويضيف “الأحمد”، بأن ابنه منذ ذلك الوقت رغم صغر سنه أصبح يهدد أبويه بتركهم، ليقوم في شهر آذار/مارس 2018 بالانضمام إلى قوات اللواء الإمام باقر والذي يعمل تحت مسمى قوات الدفاع المحلي.

ونهاية 2017، أقام فيلق المدافعين عن حلب مهرجاناً ثقافياً تحت مسمى الليالي الساطعة بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لتحرير للمدينة.

كما أقام عدة نشاطات ترفيهية للأطفال في حي بستان القصر، ضمن  الحديقة التي ضمت لاحقاً القنصلية الإيرانية، حيث تم تجهيزها بألعاب وتم تسميتها بحديقة الشهباء.

وفي أيار/ مايو الماضي، تم افتتاح القنصلية الإيرانية في حلب، الأمر الذي اعتبره بعض الأهالي عنصراً جديد في توسيع التواجد الإيراني بمدينة حلب لفرض سيطرتها أكثر.

12 ألف مجند

وقال مصدر في الفيلق، رفض ذكر اسمه، لنورث برس، إن الفيلق أنشأ أيضاً مجموعة عسكرية في الحي تحمل اسم “لواء سيد الشهداء”، والذي تم تجنيد غالبية أعضائه من الأطفال والشباب مرتادي الحديقة.

ووصل عدد المنضمين للقوات الإيرانية، مطلع العام الحالي لحدود 12 ألف مقاتل موزعين على كامل الحيز الجغرافي لمدينة حلب وريفها، وفقاً لما قاله مسؤول في ذاتية قوات الدفاع المحلي، طلب عدم ذكر اسمه.

ولم يكتفي فيلق المدافعين عن حلب عند هذا الحد، إذ يعمل منذ حوالي السنة والنصف على شراء أراضٍ في منطقة الكورنيش التابعة لحي الكورنيش بحلب، عبر شخصيات سورية.

 كما استولى على جامع النقطة وقام بالبناء بجانبه، وجعله مركزاً رئيسياً له دون أن يتدخل مجلس المحافظة والبلدية، رغم كون البناء مُخالف، ناهيك عن جعل الجامع خاصاً بأبناء الطائفة الشيعية.

ورفض عضو المكتب التنفيذي لمحافظة حلب ماهر دحروج إعطاء أي تصريح لنورث برس حول عن المشروع القائم في حي الإذاعة بمنطقة الكورنيش، مكتفياً بقوله: “الأمر ليس من صلاحياتنا فهم ينسقون مع اللجنة الأمنية في المحافظة”.

وعمدت الفصائل الإيرانية إلى تقديم حماية للشبان الراغبين في التهرب من أداء الخدمة الإلزامية في القوات الحكومية التابعة لدمشق، حيث افتتحت عشرات الألوية العسكرية كلواء الباقر وأبو الفضل العباس والنجباء وسيد الشهداء. 

تعليم اللغة الإيرانية

حسين بلوة (28 عاماً)، وهو أحد الشبان من حلب الذين جندتهم الفصائل، إنه أُرسل إلى إيران عام 2016 لتعلم اللغة الإيرانية، ليعود عام 2017ويصبح مترجماً لدى القنصل الإيراني في حلب.

وانتقل “بلوة” بعدها للعمل مترجماً لدى أحد القادة الإيرانيين الذي يكنى بأبو العباس، لكن تم نقله إلى مدينة تدمر للعمل هناك بعد اتهامه بإفشاء أسرار عن حياة الضابط لأصدقائه، على حد قوله.

أما محمود كيلاني (30 عاماً)، وهو اسم مستعار لعسكري في القوات الحكومية ومنتدب لدى أحد التشكيلات العسكرية التابعة لإيران، فيقول إنه التحق بالقوات الإيرانية، ليحمي نفسه من الملاحقة القانونية، باعتباره كان متخلفاً عن الخدمة الإلزامية.

ويضيف “لقد قام التشكيل العسكري بمعالجة وضعي القانوني في القوات الحكومية، وأصبحت أتقاضى راتبي من الجيش وراتباً آخر يبلغ 70 ألف ليرة سورية من القوات الإيرانية التي أعمل لديها.

لكنه اكتشف لاحقاً بأنه تعرض للخديعة، حيث لم يتم احتساب خدمته لدى القوات الإيرانية ضمن الخدمة الإلزامية كما وُعد من قبل، كما لم يعد يُسمح له بترك القوات الإيرانية لأداء خدمتة الإلزامية التي ما زالت مطلوبة منه رغم كونه عسكرياً منذ أكثر ثلاثة أعوام.

إعداد: آردو حداد- تحرير: حسن عبد الله