منازل سكان في درعا ما زالت مقرات للقوات الحكومية
درعا- نورث برس
يسكن أبو محمد (65 عاماً)، وهو من سكان منطقة اللجاة بريف درعا، جنوبي سوريا، منذ ثلاثة أعوام في منزل أحد أقربائه المغتربين، إذ ترفض عناصر القوات الحكومية الخروج من منزله.
وعام 2013، ترك “أبو محمد”، الذي اكتفى بالتعريف عن نفسه بهذا الاسم، منزله في حي البقعة بمدينة أزرع خوفاً من تعرضه للقصف وخاصة أنه يقع بالقرب من ثكنة عسكرية ولجأ إلى سهول بلدة المسيفرة بريف درعا الشرقي.
يقول إنه عمل على تسوية وضعه صيف العام 2018 على الرغم من عدم ضلوعه في أي عمل ضد الحكومة والتزامه الحياد طوال الأعوام الماضية.
وبعد إجراء التسوية حاول العودة إلى منزله متوقعاً خروج عناصر القوات الحكومية منه إلا أن ذلك لم يتحقق.
وبعد طلبات متكررة، أخبره الضابط المسؤول أن بإمكانه العودة إلى المنزل والسكن في إحدى الغرف وباقي الغرف يسكنها العناصر، وهو ما رفضه صاحب المنزل.
وترفض قوات تابعة للحكومة السورية الخروج من منازل السكان التي اتخذتها مقرات عسكرية لها في منطقة اللجاة وتمنع أصحابها من العودة إليها على الرغم من طلبات متكررة باستردادها.
وتتخذ القوات الحكومية من منازل سكان في المنطقة مقرات لها وخاصة تلك القريبة من الثكنات العسكرية مثل اللواء 12 والفوج 175 التابعين للفرقة الخامسة واللواء 34 التابع للفرقة التاسعة.
كما أنها تتخذ من مدارس ومراكز صحية ومؤسسات خدمية مقرات لها، وسط الاستمرار في رفض الخروج منها.
وتتبع منطقة اللجاة إدارياً لمحافظة درعا وتقع على الحدود الإدارية بين محافظتي السويداء وريف دمشق وتتمتع بموقع استراتيجي لقربها من الأوتوسترادين الدوليين دمشق-درعا ودمشق-السويداء.
“تخريب منازل”
وقالت مصادر محلية لنورث برس إن عناصر القوات الحكومية لا تزال متواجدة في منازل في قرى الشياح والشومرة والمدروة والظهر وحوش حماد والطف على الرغم من السماح للسكان بالعودة لقراهم.
وفي قرية أيب، خرجت القوات الحكومية من منازل السكان بعد السماح لهم بالعودة إليها العام الماضي، لكنها ” قامت بتخريب هذه المنازل”، بحسب المصادر ذاتها.
وأشار سكان إلى أن غالبية المنازل في القرية كانت بلا أبواب عندما عادوا إليها، وخاصة الأبواب الخشبية التي كان عناصر القوات الحكومية يستخدمونها للتدفئة.
وفي العام 2012، نزح سكان من قرى منطقة اللجاة نتيجة قصف القوات الحكومية لها، فيما نزح القسم الأكبر صيف العام 2018 عندما اجتاحت المنطقة قوات حكومية مدعومة بالطيران الروسي جواً وفصائل موالية لإيران على الأرض.
ومؤخراً، سمحت القوات الحكومية لسكان عدد من قرى المنطقة بالعودة إليها بعد نزوحهم منها لأكثر من تسعة أعوام مثل قرى الطف والشياح وحوش حماد والشومرة وإيب.
لكن السكان تفاجؤوا بحجم الدمار الذي حل بالمنطقة، فغالبية المنازل مدمرة والقسم الآخر تتخذها عناصر القوات الحكومية مقرات لها وسط غياب الخدمات الأساسية.
ويقول مسعود محمد، وهو اسم مستعار لأحد سكان منطقة اللجاة، إن عناصر الفوج 175 التابع للفرقة الخامسة في القوات الحكومية سيطروا صيف العام 2018 على منزل عائلة عمه الذي لجأ إلى الأردن منذ العام 2012.
وطالب العناصر بإخلاء المنزل أكثر من مرة، “لكنهم رفضوا ذلك على الرغم أن الثكنة العسكرية لا تبعد عن المنزل أكثر من 500 متر”.
ويضيف أنه خلال مطالبته الأخيرة بالمنزل، أخبروه أنهم لن يسلموه حتى عودة عمه اللاجئ في الأردن.
ويشير “محمد” إلى أن العناصر عبثوا بمحتويات المنزل وقطعوا الأشجار واستخدموها للتدفئة.
مماطلة للبقاء
ومنذ سيطرة القوات الحكومية على اللجاة صيف العام 2018، حولت مقر بلدية بلدة صور وسط المنطقة إلى مقر عسكري لعناصرها.
ويقول أحد سكان البلدة، والذي فضل عدم نشر اسمه لأسباب أمنية، إن موظفي البلدية يتابعون عملهم في منزل مستأجر منذ أكثر من ثلاثة أعوام.
وأشار إلى أن الأمر نفسه يتكرر في المركز الصحي الوحيد في المنطقة حيث تتخذه القوات الحكومية مقراً لها وترفض الخروج منه وتسليمه لمديرية الصحة ووضعه في الخدمة مجدداً.
كما أن عناصر من الفرقة التاسعة التابعة للقوات الحكومية يتخذون من المدرسة الثانوية في بلدة جدل مقراً لهم على الرغم من دوام الطلاب فيها.
وفي هذه الأثناء، يرفض ذوو بعض الطالبات السماح لهن بارتياد المدرسة، خوفاً من تعرضهن لمضايقات.
ويقول أحد وجهاء اللجاة، لنورث برس، إنهم طالبوا الجانب الروسي بضرورة الالتزام بتعهداته وإخراج القوات الحكومية من القرى والبلدات وعودتها إلى ثكناتها العسكرية.
ونص اتفاق التسوية الذي عقد صيف العام 2018 بين فصائل المعارضة السورية والقوات الحكومية برعاية روسيا، على عودة جميع التشكيلات العسكرية إلى ثكناتها.
ويرى الوجيه أن القوات الحكومية تماطل في الخروج من المؤسسات الخدمية والتعليمية ومنازل السكان.
ويضيف أن القوات الحكومية تستمر في “استفزاز المواطنين على حواجزها المنتشرة في جميع بلدات وقرى المنطقة، الأمر الذي يزيد العبء عليهم في سلك طرق لا تضم حواجز ولكنها بعيدة المسافة”.