مدارس في ريف درعا ثكنات عسكرية لقوات حكومية

درعا – نورث برس

يضطر الطالب مروان الجمعة وأقرانه، إلى جانب معلمي المدرسة الثانوية في بلدة جدل بريف درعا الشرقي هذا العام أيضاً لمشاركة صفوف مدرستهم مع عناصر فرع أمن الدولة التابع للقوات الحكومية والتي تتمركز في المبنى التعليمي منذ العام 2018.

ويستمر هذا الوضع بالرغم من أن اتفاق التسوية الذي عقد صيف العام 2018 بين فصائل المعارضة السورية والقوات الحكومية برعاية روسيا، نص على عودة جميع التشكيلات العسكرية إلى ثكناتها.

لكن القوات الحكومية وبعض الأجهزة الأمنية ما تزال تتخذ من ستة مدارس موزعة في خمسة قرى مقرات لها في منطقة اللجاة شمال شرقي درعا.

فتيات حرمن من المدرسة

وقال مدرس من  منطقة اللجاة، رفض نشر اسمه لنورث برس  إن  ذوي بعض الطالبات في المرحلتين الإعدادية والثانوية في بلدة جدل اضطروا عدم السماح لهن بارتياد المدرسة بسبب المضايقات التي تتعرض لها الطالبات من قبل عناصر هذه القوات.

ومنذ صيف 2018 توقفت العملية التعليمية في مدارس بلدة ايب  والمصاب والجسري والزبيرة والمدورة حوش حماد، بسبب تهجير سكان هذه القرى بعد اقتحامها من قبل القوات الحكومية بدعم روسي آنذاك.

وبالرغم من عودة عدد العائلات إلى هذه القرى إلا أن هذه المدارس بقيت مغلقة بسبب عدم حصول هذه المدارس على موافقات أمنية، وتحويل بعضها إلى مقرات عسكرية مثل مدرسة المصاب والزبيرة والمدورة وايب وحوش حماد.

وقال المدرس إن ما لا يقل عن 15 مدرسة في منطقة اللجاة مدمرة بشكل كامل منذ 2018.

ويضطر طلاب هذه المدارس للذهاب لمسافات طويلة من أجل استكمال تعليمهم في بلدة خبب على أطراف منطقة اللجاة والتي تبعد مالا يقل عن عشرة كيلومترات عنهم أو في بلدة النجيح التي تبعد سبعة كيلومترات.

ويقول مدرسون وطلاب إن الجهات الحكومية ممثلة بمديرية التربية في درعا أو  المنظمات غير الحكومية لم تقم بترميم أي مدرسة في هذه المنطقة.

تحويل منزل لمدرسة بأجرة

والعام الماضي قضى الأطفال في قرية الجسري وسط منطقة اللجاة عامهم الدراسي في بيت من الحجر تم استأجاره من أحد الأهالي .

بينما كان طلاب قرية البقعة أوفر حظاً حيث يدرسون في كرفانات قدمتها إحدى المنظمات غير الحكومية.

وتقول شهادات محلية إن مدراس المنطقة تعاني نقصاً في الكادر التدريسي إلى جانب عزوف الكثير من المعلمين عن القدوم إلى المنطقة، بسبب بعد المسافات وندرة وسائل النقل وانخفاض أجور التدريس.

لكن هذه المنطقة  ليست الوحيدة في محافظة درعا التي تمر بمشاكل من جهة التعليم، إذ تعاني المحافظة عموماً من نقص حادّ في الكادر التعليمي، وخاصة مواد الاختصاص مثل الرياضيات واللغتين الإنكليزية والفرنسية.

وقال عاملون في قطاع التعليم لنورث برس إن نقص الكوادر سببه هجرة بعض المدرسين الشباب إلى خارج البلاد، هرباً من الحرب أو من الالتحاق بالتجنيد الإلزامي.

كما أن الكثير من المعلمين لجأوا إلى عمل آخر غير التدريس، نظراً لضعف أجور التدريس، حيث لا يتجاوز راتب المدرسين في أفضل الأحوال 65 ألف ليرة سورية.

مبادرات أهلية لترميم المدارس

أصدرت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) بياناً في  30 آب/أغسطس الماضي، أعربت فيه عن قلقها البالغ حيال الأضرار التي تعرضت لها منشآتها نتيجة للنزاع المسلح الجاري جنوبي سوريا.

وجاء في البيان أن مدرستي الصفصاف وعين كارم في حي طريق السد على أطراف درعا البلد تعرضتا  لأضرار اشتملت على تحطم النوافذ والأبواب ووقوع أضرار هيكلية لجدار محيط.

وأشارت الأونروا إلى أنها قامت بإعادة تأهيل المباني المدرسية بالكامل في شباط/فبراير 2020، بعد أن تضررت بشكل كبير في الحرب.

وقالت إن منشآت الوكالة، مثلها مثل جميع مرافق الأمم المتحدة، معلمة على هذا النحو وترفع علم الأمم المتحدة على سطحها، في حين لم تتلق الوكالة أي تحذير من أنه ستقع أعمال قتالية في منطقة قريبة جداً من مدارسها.

وفي ظل عجز الحكومة السورية عن إعادة ترميم وتأهيل المدارس في درعا يتم الاعتماد على المبادرات الأهلية أو مساعدة المنظمات الدولية لإعادة تأهيلها.

وقال مدرس آخر في ريف درعا الشرقي اشترط عدم ذكر اسمه لنورث برس إن مدراس بلدة صيدا بريف درعا الشرقي تم ترميمها على نفقة أهالي البلدة بمساهمة “كبيرة من أبناء البلدة المغتربين في الخارج”.

كما أن اللجنة الشعبية في بلدة خربة غزالة بريف درعا الشرقي قامت بتأهيل سبع مدراس في البلدة بتكلفة بلغت نحو 26 مليون ليرة سورية دفعها الأهالي من خلال المبادرات بحسب المدرس.

وقال إن منظمة الإعانة الإسلامية الفرنسية SIF ومقرها باريس عملت على  تأهيل عشرة مدراس في عدد من قرى ومدن المحافظة.

المدارس مراكز إيواء  وتسويات

واستخدمت القوات الحكومية المدارس في قلب مدينة درعا مركزاً لإيواء النازحين الذين خرجوا من درعا البلد، وحي طريق السد والمخيمات على مدى 78 يوماً.

وذلك قبل الإتفاق بين اللجنة المركزية في درعا البلد والقوات الحكومية برعاية روسيا والتي قضت بعودة النازحين إلى منازلهم.

وقال مصدر محلي في ريف درعا الغربي لنورث برس إن القوات الحكومية تستخدم المدارس كمراكز لتسوية أوضاع السكان المطلوبين لها.

كما حصل في بلدة اليادودة ومدينة طفس بريف درعا الغربي، حيث لا تزال مدرسة بنات طفس الثانوية مغلقة في وجه الطلاب منذ يوم السبت الماضي بسبب تحويلها لمركز تسوية من قبل الأجهزة الأمنية الحكومية.

وقالت مصادر محلية إنه تم إبلاغ الكادر التدريسي والطلاب بتعطيلهم حتى الانتهاء من التسوية دون تحديد موعد يذكر، ولم يتم تحويل الطلاب إلى أي مدرسة أخرى.

إعداد: إحسان محمد – تحرير: حكيم أحمد