الباب- نورث برس
تقدم عروة العبسي (42 عاماً)، وهو اسم مستعار لنازح في مدينة الباب شرق حلب، شمالي سوريا، عدة مرات على طلب توظيفه كإداري في إحدى مدارس الباب، لكن دون جدوى وسط انتشار المحسوبيات لا سيما من جانب الفصائل.
يقول إنه يبقى بل عمل رغم امتلاكه خبرة في مجال التعليم والإدارة لأكثر من 16 عاماً.
وكان المعلم الذي ينحدر من مدينة أريحا جنوبي إدلب قد عمل كإداري في عدة مدارس مدينته قبل نزوحه منها، ليتنقل بعدها بين عدة مدن وبلدات شمال حلب ويستقر في النهاية في الباب.
ويرى أن الخبرة التي يمتلكها بلا قيمة لدى مديرية تربية الباب، “فالواسطة وامتلاكك قريب في فصائل المعارضة هي الشهادة الأهم”.
ويقول سكان ونازحون في منطقة الباب إن مسؤولين في المجلس المحلي في المدينة وقيادات في فصائل المعارضة المسلحة يفرضون سطوتهم على قطاعات التعليم والصحة والإدارة ويعملون على توظيف أقارب لهم في تلك القطاعات مستغلين مناصبهم بغرض تحقيق ذلك.
ويشير هؤلاء إلى أن قيادات الفصائل ومسؤولين في المجلس يتبعون نهج “النظام السوري” في سياسة الاستغلال الوظيفي وتحصيل المكاسب لهم ولأقاربهم، “فمؤسسات المعارضة ومؤسسات النظام وجهان لعملة واحدة تزينها المحسوبية، على حد تعبيرهم.
ومنذ 2017، تخضع مدينة الباب بريف حلب الشرقي لسيطرة فصائل المعارضة المسلحة التابعة لتركيا أبرزها “فصيل “الحمزة” و”فرقة السلطان مراد” و”حركة أحرار الشام”.
ويضم المجلس المحلي الموالي لتركيا في المدينة عدة مكاتب أهمها المكتب التعليمي والصحي والإعلامي والإغاثي والزراعي والمكتب الخدمي.
“أشخاص غير أكفاء”
ويؤدي انتشار “المحسوبيات” في المنطقة لتعيين أشخاص غير أكفاء وحرمان آخرين من فرص العمل، فالكل يبحث عن توظيف أقربائه بغض النظر عن الشهادة أو الكفاءة، بحسب أشخاص تقدموا للتوظيف في مؤسسات المعارضة ومنظمات في الباب ولم يتم تعينهم.
والشهر الماضي، عينت مديرية التربية بمدينة الباب معلمين في مدارس مدينة قباسين التابعة للباب، رغم حملهم لشهادات معاهد لا علاقة لها بالتعليم ووسط إهمال طلبات آخرين مختصين، بحسب متقدمين للتوظف.
ويقول خالد العثمان (34 عاماً)، وهو اسم مستعار لمعلم في مدرسة “عبد الرؤوف عثمان” في الباب إن أحد زملائه والذي يمتلك شهادة جامعية ولديه خبرة “جيدة” في التعليم تقدم مؤخراً لشاغر مدرس في المدرسة ذاتها.
ولكن بعد أسبوع من إجراء فحص المقابلة معه، تفاجأ زميله بتعيين أحد أقارب قيادي في “فرقة الحمزة” في الشاغر رغم أنه يمتلك وثيقة شهادة ثانوية صادرة عن المجلس المحلي في المدينة في العام الفائت، وفقاً لما قاله “العثمان” لنورث برس.
وأشار “العثمان” إلى أن زميله أخبره أن الشاب الذي تم تعيينه لم يكن موجوداً في غرفة المدعوين لفحص المقابلة، إذ أن الحاضرين كان شاب آخر وثلاث شابات، متسائلاً “كيف تم قبول ذلك الشاب ولم يحضر فحص القبول؟”
“لا اعتراض”
ويرى سكان في الباب أن تعيين مقربين من قيادات فصائل المعارضة في المؤسسات والمنظمات العاملة في المنطقة، باتت “لا تعد ولا تحصى”، وسط عجز السكان عن الاعتراض خوفاً من التعرض لمضايقات أو الاعتقال.
هذا وما تزال قضية قبول محمد الجاسم المكنى “أبو عمشة” قائد فصيل السلطان سليمان شاه الموالي لتركيا، في كلية الحقوق بجامعة حلب الحرة، تثير جدلاً وسخطاً وسط طلاب في أعزاز بريف حلب الشمالي.
ويعرف عن “أبو عمشة” بأنه لا يتقن القراءة والكتابة رغم إعلان حمله شهادة الصف الخامس الابتدائي حين إصدار تركيا وثيقة رتبة عسكرية له قبل أعوام، بحسب مصادر في المعارضة.
لكن في الشهر الفائت، تداول ناشطون ووسائل إعلام خبر تسجيله في كلية الحقوق بجامعة حلب الحرة التي تديرها تركيا.
وتم إبراز وثيقة الشهادة الثانوية كإثبات على استحقاق “أبو عمشة” الدراسة الجامعية.
وتتبادل جامعة “حلب الحرة” والمجلس المحلي في عفرين ومديرية التربية الاتهامات بشأن الشهادات التعليمية.
ويقول مسؤول موارد بشرية في منظمة عاملة في الباب، اشترط عدم نشر اسمه لدواع أمنية، إن القادة العسكريين وأصحاب النفوذ يستغلون مناصبهم وسطوتهم لأغراض شخصية ومنافع ذاتية.
ويشير لنورث برس إلى أن المجلس المحلي في المدينة فرض عليهم قبل نحو شهرين تعيين حارس في المنظمة.
ويضيف المسؤول في المنظمة أن الحارس له صلة قرابة مع زوجة قيادي في فرقة السلطان مراد يدعى “أبو يوسف”.