طلاب في جامعة بأعزاز يتخوفون من أن يذهب تعب دراستهم سدى

أعزاز- نورث برس

ما تزال قضية قبول محمد الجاسم المكنى “أبو عمشة” قائد فصيل السلطان سليمان شاه الموالي لتركيا، في كلية الحقوق بجامعة حلب الحرة، تثير جدلاً وسخطاً وسط طلاب في أعزاز بريف حلب الشمالي.

ويختلط التهكم مع الجدية أثناء تداول الطلاب أحاديث حول الخبر، لكن معظم مخاوفهم تتركز في فقدان شهاداتهم كل قيمة في ظل دعم مجالس محلية ودوائر تعليمية تديرها تركيا لمسلحين موالين لأنقرة.

ويشتهر محمد الجاسم بارتكاب جرائم وانتهاكات متكررة لحقوق الإنسان لا سيما في منطقة عفرين التي اجتاحتها القوات التركية مع مسلحي المعارضة الموالين لها عام 2018.

ويعرف بأنه لا يتقن القراءة والكتابة رغم إعلان حمله شهادة الصف الخامس الابتدائي حين إصدار تركيا وثيقة رتبة عسكرية له قبل أعوام، بحسب مصادر في المعارضة.

لكن في الشهر الفائت، تداول ناشطون ووسائل إعلام خبر تسجيله في كلية الحقوق بجامعة حلب الحرة التي تديرها تركيا.

وتم إبراز وثيقة الشهادة الثانوية كإثبات على استحقاق “أبو عمشة” الدراسة الجامعية.

“باب لن يغلق”

وقال محمود حمادة، وهو اسم مستعار لطالب في كلية الحقوق بجامعة حلب، إن وصول وثيقة شهادة ثانوية للفرع العلمي بدرجات عالية ليد أبو عمشة، باب فساد لا يمكن إغلاقه أمام المجالس المحلية والسلطات الإدارية التي ستصدرها لقادة أو عناصر آخرين للفصائل.

وأضاف أن توفر الشهادات التعليمية دون فحص معياري أو حقيقي يبرز كفاءة الحاصل عليها سيؤدي بالتعليم الأكاديمي والعالي إلى مستوى الحضيض.

“لكن الأمر يمر هنا دون ضبط ومحاسبة المسؤولين عن هكذا تجاوزات”.

ولن تُرجى بعد اليوم أي قيمة للشهادات الصادرة عن الجامعة لا في العالم العربي ولا الدول الأوروبية، “ما يضيّع تعب آلاف الطلاب لسنوات سدى”، على حد قول الطالب.

ويعتقد “حمادة” أن التصدي للفساد ومحاسبة تجاوزات المسؤولين كانا “روح الثورة ضد نهج نظام الأسد”، لكن الحال نفسها سائدة حتى اللحظة.

وفي تموز/ يوليو الماضي، قال متشدد من فرقة السلطان سليمان شاه لموقع المونيتور الأخباري إن قائد فصيل سليمان شاه المعروف باسم أبو عمشة، والذي تسيطر جماعته على منطقة الشيخ حديد، يأخذ أوامره مباشرة من  المخابرات التركية، وليس من تسلسل قيادة الجيش الوطني المعارض.

وتضمن تقرير المونيتور شهادات لمسلحين معارضين سابقين وحاليين انتقدوا ممارسات الفصائل التي تشمل “السرقة والاغتصاب والقتل.”

وأضاف التقرير أن العديد ممن ينتقدون هذه الانتهاكات غالباً ما يتم تجريدهم من الإقامة التركية وتهديدهم من قبل أعضاء الفصائل.

“شكاوى كثيرة”

وتأسست جامعة حلب الحرة في مدينة أعزاز بريف حلب الشمالي عام 2015، وتتبع الحكومة السورية المؤقتة الموالية لتركيا.

 وتضم الجامعة 16 كلية وسبعة معاهد، غالبيتها في أعزاز والبعض الآخر في مدينة مارع.

والعام 2021، بلغ عدد الطلاب المسجلين في الجامعة 9.625 طالباً بالإضافة لـ 437 آخرين في الدراسات العليا، بحسب دائرة شؤون الطلاب في الجامعة.

وقال أستاذ محاضر في جامعة حلب الحرة، لنورث برس شريطة عدم نشر اسمه لأسباب أمنية، إن الجامعة تلقت شكاوى كثيرة حول قضية قبولها للمدعو أبو عمشة في كلية الحقوق.

لكنه اعتبر أن الشهادة “نظامية ومقبولة دون تردد”، لأنها صادرة عن مجلس محلي معترف به لدى الجيش الوطني والحكومة المؤقتة التابعة للائتلاف المعارض.

ورأى المحاضر أن أصابع الاتهام تتوجه للجهة المصدرة للشهادة الثانوية الممنوحة لأبو عمشة وليس للجامعة التي قبلته.

وأضاف: “يجب سؤالهم هل حقا قدم امتحان، ونال تلك الدرجات باستحقاق”.

وقال إن الجهة المعنية أكثر بالرد هي مديرية التربية في عفرين الخاضعة لسيطرة تركيا وقادة الفصائل الموالين لها وأبرزهم أبو عمشة.

“مسلحون أكاديميون”

ووصف سمير الطويل، وهو اسم مستعار لطالب في كلية التربية بالجامعة نفسها، الأمر بـ”استمرار فكر البعث الراسخ في عقول بعض المتنفذين في المنطقة”.

وأشار إلى أن محمد الجاسم ليس الوحيد الذي حصل على تلك الشهادات، فقائد فصيل أحرار الشرقية، إحسان فياض الهايس المكنى بأبو حاتم شقرا، يدرس العلوم السياسية في جامعة ماردين جنوبي تركيا.

وفي الثامن والعشرين من تموز/ يوليو الماضي، أعلنت وزارة الخزانة الأميركية، عن حزمة جديدة من العقوبات استهدفت فصيل أحرار الشرقية الموالي لتركيا، إلى جانب كيانات تابعة لأجهزة المخابرات السورية.

ويتهم “أبو شقرا” متهم بانتهاكات وجرائم قتل، من بينها قتل السياسية هفرين خلف، وضم عناصر من تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) إلى صفوفه.

ويحمّل “الطويل” المسؤولية للمجالس المحلية وأعضاءها الذين يمنحون تسهيلات للتجاوزات ثم يغضون النظر عن المتابعة بعد افتضاح الأمور.

ويضيف أن الفساد لا يقتصر على قبول شهادات مزورة لقيادات الجيش الوطني، “بل تم قبول شهادات أشخاص قادمين من مناطق سيطرة النظام دون التأكد من مصداقية صدورها”.

إعداد: فاروق حمو- تحرير: حكيم أحمد