سكان في أعزاز بريف حلب: المعارضة لم تعالج مشكلات واقع ما قبل 2011
أعزاز- نورث برس
يقول سكان ونازحون يعيشون في مدينة أعزا بريف حلب، شمالي سوريا، إن المعارضة السياسية والعسكرية، لم تتمكن من إحداث تغييرات جوهرية في واقع المناطق التي سيطرت عليها بل تحولت لأداة لتنفيذ رغبات الدول التي تديرها.
ويشير هؤلاء إلى أنه بعد أكثر من عشرة أعوام من الحرب، فإن المعارضة وبشقيها العسكري والسياسي باتت تمارس أسلوب “النظام السوري” في التجويع ومنع الحريات السياسية التي انتفضوا للتخلص منها ومن قيودها، ناهيك عن انتشار البطالة والفساد والفلتان الأمني في المناطق التي تسيطر عليها.
ويقول عمر بدران (38 عاماً)، وهو اسم مستعار لنازح من مدينة تل رفعت بريف حلب الشمالي ويعيش في أعزاز، إن المعارضة السورية العسكرية والسياسية ما تزال “مترنحة تتقاذفها الدول كل حسب مصلحتها”.
ويشير إلى أن المعارضة ليس لها قرار “إثبات النفس والتحرر من قيود الدول التي تدعهما”.
ومنذ بدء الحرب السورية، دعمت تركيا فصائل معارضة واستخدمتها في عمليات عسكرية للسيطرة على أراض سورية وزيادة نفوذها.
وتعزز تركيا سياستها في التتريك لتصبغ القطاعات المدنية والثقافية بطابع تركي، ويتخوف سوريون من أن يكون التتريك مشروعاً لضم تلك المناطق إلى تركيا.
وخلال العامين 2018 و2019، شنت عمليات عسكرية ضد السكان الأصليين في عفرين وسري كانيه (رأس العين) وتل أبيض.
وتعمل تركيا، بحسب مختصين في الشؤون السياسية والتاريخ في العاصمة دمشق، منذ زمن على توسيع حدودها ضمن الأراضي السورية وضم مناطق إلى لواء إسكندرون الذي ضمته لأراضيها في ثلاثينات القرن الماضي.
ويرى “بدران” أن الخاسر الأكبر في كل ما يجري في سوريا وما سيحدث ويخطط له في المستقبل هو “الشعب، إذ دفع الضريبة الأكبر في الحرب واستولت على جهوده شخصيات تمارس نمط النظام في التعامل”.
تكرار ما قبل الحرب
ويصف سعيد النبهان، وهو اسم مستعار لمحام في أعزاز، الداعم التركي بأنه “كمرض السرطان ينهش في جسد المعارضة مبدياً وجه الحمل اللطيف، فالمعارضة باتت تنفذ كل أوامر تركيا على حساب مصلحة الشعب”.
ويضيف: “ما حدث خلال الأعوام الماضية من تسليم مناطق، كانت خاضعة لسيطرة المعارضة، للنظام السوري مقابل سيطرة تركيا على مناطق أخرى، يشرح وضع المعارضة بوضوح”.
وكان “النبهان” يأمل من المعارضة أثناء بدء الحرب أن تغير شيئاً في الواقع وتوسم البعض خيراً في المعارضة “لتخليصهم من ظلم النظام السوري، لكن ما يحدث الآن هو تكرار ما عشناه قبل الحرب”.
ويتهم المحامي فصائل المعارضة المسلحة في المدينة بأنها “تسرق وتستغل السكان” عبر فرض ضرائب على البضائع والمحال التجارية في الأسواق أو الاستيلاء على ما يملكه الشخص أثناء القبض عليه بتهمة ما.
ويضيف: “حتى لو كان ذاك الشخص بريئاً من التهمة الموجهة له، تتم مصادرة ما بحوزته من مال أو هاتف وغيره”.
وتفسر قيادات في الفصائل والدوائر التابعة لها عادة أحداث السلب والانتهاكات والفساد التي يجري تداولها بمخالفات فردية.
ووفقاً لتجار بريف حلب، فإن عناصر حواجز فصائل المعارضة المنتشرة على مداخل المدن كالراعي والباب وأعزاز يأخذون ما يروق لهم من بضائع السيارات المحملة بالخضار والفواكه، “وهو ما كان يفعله عناصر القوات الحكومية سابقاً”.
وتختلف الإتاوات من حاجز لآخر، حيث يفرض كل حاجز ما بين 50 و70 دولاراً أميركياً لكل شحنة نقل، وذلك بحسب عدد الشاحنات والبضائع المستوردة، بحسب تجار محليين.
“معارضة فنادق”
وفقد طلال الصن (50 عاماً)، وهو اسم مستعار لنازح من مدينة كفرنبل جنوب إدلب ويعيش حالياً في أعزاز، الثقة بتمكن فصائل المعارضة من استعادة مدينته التي سيطرت عليها القوات الحكومية بداية العام الماضي.
ويقول الرجل الخمسيني: “كنت أتمنى أن تقوم المؤسسات العسكرية والأمنية في المنطقة بعملها الحقيقي وهو الحفاظ على أمن وسلامة وحرية السكان، لكنها تورطت في ملفات فساد بات أغلبها معلوماً للجميع وبدون استثناء”.
ولم يعد يهتم “الصن” بكلام المعارضة السياسية في الخارج والتي باتت على حد تعبيره، “معارضة فنادق، تركض وراء تنفيذ مصالح الضامن والراعي لها”.
ويضيف: “لعل لسان حالنا بات يقول من تحت الدلف لتحت المزراب”، في إشارة منه إلى أنهم فروا من واقع سيء إلى أسوأ منه.
ويستذكر مرهف الإبراهيم، وهو نازح من ريف حماة ويسكن في ريف أعزاز، سيطرة المعارضة على مناطق كبيرة من جغرافية سوريا في عام 2012، “لكن المعارضة وكل الأطياف السياسية اتخذت من تبادل المناصب فيما بينها الشغل الشاغل لها”.
ويضيف: “المعارضة باتت الآن أضعف مما كانت عليه في السابق، هي غير قادرة على حماية نفسها، لم تعد قادرة على إجبار الدول على استقلالية عملها كمعارضة في سوريا دون تدخل خارجي”.