ناشطون يصفون تتريك الشمال السوري “بالخطر الأكبر” على الهوية السورية

إدلب – نورث برس

يرى ناشطون من مناطق سورية تقع تحت سيطرة تركيا والفصائل الموالية لها، شمالي البلاد، إن تركيا تعزز سياستها في التتريك لتصبغ القطاعات المدنية والثقافية بطابع تركي.

ويتخوف هؤلاء من أن يكون التتريك مشروعاً لضم تلك المناطق إلى تركيا، وهو ما يناقض التصريحات التركية الرسمية التي لا تنفك تتحدث عن وحدة وسلامة الأراضي السورية.

وقال وليد أبو يعرب، وهو اسم مستعار لمدرس من مدينة جرابلس، إن ما تقوم به تركيا على أرض الواقع من سياسة تتريك ممنهجة يتناقض مع التصريحات التركية بشأن الحرص على وحدة الأراضي السورية.

وأضاف لنورث برس أن مخطط تركيا يهدف بشكل واضح لسلخ أراض سورية عبر تغيير ديموغرافية المناطق وأسمائها الأصلية.

ويرى “أبو يعرب” أنه في الوقت الذي باتت فيه سياسة التتريك “خطراً حقيقياً على الهوية السورية شمالي سوريا، ينشغل معظم السوريين بالبحث عن مكان آمن ولقمة عيش .”

وترفع تركيا علمها على المنشآت والدوائر الرسمية في مناطق سيطرتها شمالي سوريا، بالإضافة إلى تعليق صور للرئيس التركي رجب طيب أردوغان ومؤسس تركيا مصطفى كمال أتاتورك في بعضها.

واعتبر جمال حمو (49عاماً)، وهو اسم مستعار لمحام من مدينة عفرين، أن التوغل التركي هو “الأشد خطراً على البلاد” من بين ما تعرضت له في سنوات الحرب.

وقال لنورث برس: “ألزمت تركيا السكان على استخراج بطاقات هوية جديدة، لاستخدامها في الدوائر الرسمية بالمدينة، متوعدةً المتخلفين عن حيازتها بالعقاب، ما أثار مخاوف الأهالي من إمكانية ضم أنقرة لتلك المدن للأراضي التركية.”

وكانت تركيا قد قامت بتغيير أسماء قرى ومعالم في عفرين وريفها من أسماء كردية إلى أسماء تركية، كتغيير تسميات الساحات الثلاث الرئيسة في المدينة لتحمل إحداها اسم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

وتعمل تركيا في مناطق أخرى تسيطر عليها بريف حلب على تغيير أسماء الحدائق والمدارس والساحات إلى أسماء تركية، فحديقة “الأمّة العثمانية” في اعزاز، ومدرسة “بولانت آل بيرق” في الباب وغيرها الكثير من الأسماء باتت أمراً مفروضاً.

ولفت “حمو” إلى أنّ تعيين القضاة والمحامين السوريين في مناطق سيطرة تركيا والجيش الوطني التابع لها لا يتم إلا بالتنسيق مع وزارة العدل التركية.

كما تدير تركيا المجالس المحلية في سري كانيه (رأس العين) وتل أبيض وجرابلس والباب وعفرين ويتم تدريب ضباط الشرطة وغيرهم من العسكريين من قبل السلطات التركية، بينما تتخذ الحكومة السورية المؤقتة من تركيا مقرًا لها.

وفي المدارس، باتت اللغة التركية “إلزامية” يدرسها الطلاب في المدارس، إلى جانب ﺗﻐﻴﻴﺮ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﻟﻤﺪﺭﺳﻴﺔ ﻭﺗﺪﺭﻳﺲ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﻮﺍﺩ الدراسية الأخرى أيضاً ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺔ، وذلك منذ بداية العام الدراسي 2017-2018.

وافتتحت تركيا أواخر عام 2018، فرعاً لجامعة حران في الباب، إلى جانب إنشاء ثلاث كليات جديدة تتبع لجامعة “غازي عنتاب” في سوريا في العام 2019، وتضمنت كلية العلوم الاقتصادية والإدارية في مدينة الباب، وكلية العلوم الإسلامية في مدينة أعزاز، وكلية التربية والتعليم في مدينة عفرين.

ولم تسلم إدلب من التتريك عبر تعزيز التواجد العسكري للقوات التركية، وهو ما يراه ناشطون تمهيداً ﻟﺘﻘﺒﻞ ﻓﻜﺮﺓ ﻋﻮﺩﺓ ﺍﻟﺨﻼﻓﺔ العثمانية، وإبقاء إدلب منطقة خاضعة لفصائل سياسية وعسكرية موالية من تركيا.

وقال أحمد أبو الجود (45 عاماً)، وهو ناشط حقوقي من مدينة إدلب، إن أنقرة كثفت من خططها لتغيير هوية الشمال السوري، من خلال دفع السوريين لتداول العملة التركية بدل العملة المحلية، بحجج متعلقة بهبوط العملة المحلية.

وأضاف: ” وتعزز تركيا ذلك عبر ضخ كميات كبيرة من الفئات الصغيرة للعملة التركية عبر مراكز البريد التابعة للحكومة التركية في عفرين وأرياف حلب الشمالية والشمالية الشرقية، وعبر شركات الصرافة في إدلب.”

من جانبها، كانت هيئة تحرير الشام قد أعلنت في حزيران /يونيو الماضي اعتماد الليرة التركية في مناطق سيطرتها بدل الليرة السورية.

ويرى “أبو الجود” إلى أن هذه العملية هي جزء من “تتريك للبلاد، وإﻧﻘﺎﺫ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﻟﺘﺮﻛﻲ ﺍﻟﺬي عانى من ﺭﻛﻮﺩ ﺣﺎﺩ خلال السنواﺕ ﺍﻟﻤﺎﺿﻴﺔ .”

إعداد: حلا الشيخ أحمد – تحرير: حكيم أحمد