رغم انتهاء تسويات درعا.. الحكومة لا تعيد موظفين مفصولين لوظائفهم
درعا- نورث برس
ما تزال رغد الزعبي (45 عاماً)، وهو اسم مستعار لمعلمة في ريف درعا الشرقي، جنوبي سوريا، هي وزوجها ينتظران منذ العام 2018، قرار إعادتهما إلى مهنتهما التي قضوا فيها حوالي عقدين من حياتهما.
وعام 2013، فُصلت “الزغبي” وزوجها من الوظيفة الحكومية بقرار من مجلس الوزراء على خلفية مشاركة أقربائهما في احتجاجات مناهضة لحكومة دمشق والرئيس السوري بشار الأسد نهاية العام 2011، وفقاً لما ترويه لنورث برس.
وقامت المعلمة التي عملت 18 عاماً في المدارس الحكومية، وزوجها الذي عمل 24 عاماً، بتسوية وضعيهما خلال تسويات عام 2018.
وقالت المعلمة: “وعدونا بإرجاعنا إلى مهنة التدريس ولكن لم يتم ذلك حتى الآن”.
وقال عبد الحكيم المصري، وزير المالية والاقتصاد في الحكومة السورية المؤقتة التابعة للائتلاف المعارض، في تصريح خاص لنورث برس، إنه عندما تمت عملية التسوية في تموز/يوليو 2018 لم يكن هناك بند صريح ينص على إعادة الموظفين الذين تم فصلهم إلى وظائفهم.
وأضاف: “ولكن كان هناك وعود من الجانب الروسي بإعادتهم بعد إتمام عمليات التسوية”.
وأشار “المصري”، إلى أن أكثر من 90 بالمائة من الموظفين لم يتم إعادتهم إلى وظائفهم.
وبحسب قوله، فإن حكومة دمشق أعادت فقط “المنشقين عن القوات الحكومية من أجل استخدامهم في القتال وبعضهم تم سجنهم، فيما تم تسريح عناصر الشرطة والعناصر الأمنية التابعين لوزارة الداخلية”.
ولم يتسنَّ لنورث برس التأكد من مصادر حكومية حول عدد الموظفين الذي تم إعادتهما إلى مهنهم بعد تسوية 2018.
“سياسة العقاب الجماعي”
ورغم عدم توفر إحصائية دقيقة لعدد الموظفين الذين قامت حكومة دمشق بفصلهم إثر مشاركتهم أو مشاركة أقرباء لهم في الاحتجاجات، لكن يقدر سكان في درعا عددهم بالآلاف.
ووفقاً لهؤلاء، فإن حكومة دمشق تماطل في إعادة المفصولين إلى وظائفهم ما يؤثر سلباً على الخدمات المقدمة للسكان ولا سيما في قطاعي التعليم والصحة، حيث تعاني محافظة درعا من نقص كبير في الأطباء ومدرسي المواد العلمية.
وتقول شهادات محلية إن درعا تمر بمشكلات من جهة التعليم والصحة، إذ تعاني المحافظة عموماً من نقص حادّ في الكادر التعليمي، وخاصة مواد الاختصاص مثل الرياضيات واللغتين الإنكليزية والفرنسية، بالإضافة لنقص في أطباء الاختصاص.
وقال عاملون في قطاع التعليم، في وقت سابق لنورث برس، إن نقص الكوادر سببه هجرة بعض المدرسين الشباب إلى خارج البلاد، هرباً من الحرب أو من الالتحاق بالتجنيد الإلزامي.
كما أن الكثير من المعلمين لجؤوا إلى عمل آخر غير التدريس، نظراً لضعف أجور التدريس، حيث يبلغ راتب المدرسين وسطياً 65 ألف ليرة سوري، فيما هناك قسم من المعلمين مفصولون من وظائفهم.
وفُصل “أبو أحمد” (49 عاماً)، وهو من سكان ريف درعا الشرقي عرّف عن نفسه بهذا الاسم، من وظيفته في وحدة مياه عام 2013، “دون تقديم أي سبب عن قرار الفصل”.
وكان “أبو أحمد” مسؤولاً عن تشغيل بئر الماء الموجود في قريته.
طعون مرفوضة
ويعتقد الرجل الأربعيني أن قرار فصله “الجائر دون وجه حق”، يأتي ضمن إطار “سياسة العقاب الجماعي التي تنتهجها الحكومة، والتي أدت إلى فصل الكثير من الموظفين في منطقتي”.
ولم يشارك الموظف السابق بأي أنشطة ضد الحكومة، بحسب قوله.
وعمل هو الآخر على تسوية وضعه عام 2018، إذ كان مطلوباً للخدمة العسكرية الاحتياطية، حينها. وقام بمراجعة وحدة المياه في منطقته للعودة للوظيفة.
وأشار “أبو أحمد” إلى أنه تم إخباره بمراجعة مديرية المياه في درعا، “لكني رفضت ذلك خوفاً من الاعتقال على أحد الحواجز العسكرية المنتشرة على طول الطريق”.
وفي تشرين الأول/ أكتوبر 2016، أصدرت حكومة دمشق ولأول مرة، قراراً يقضي بالتحاق موظفين بالقوات الحكومية لتأدية الخدمة الإلزامية والاحتياطية ومن يتخلف يفصل من وظيفته.
ولكن القرار لم يطبق حينها، ليتم تنفيذه منتصف العام 2018.
ويجد خالد النابلسي، وهو اسم مستعار لمحامٍ في درعا، نفسه من بين المحظوظين الذين تم إعادتهم إلى نقابة المحامين عام 2018 ولكن “بعد دفع رشاوى لأحد الضباط في الأجهزة الأمنية”.
وأشار المحامي، الذي فصل من النقابة عام 2013 إثر مشاركته في الاحتجاجات، إلى أنه لم يستطيع مزاولة مهنة المحاماة بسبب الطلبات الأمنية بحقه والطلب منه مراجعة أحد الأفرع الأمنية في العاصمة دمشق، الأمر الذي يرفضه، على حد قوله.
وذكر أن “عدداً كبيراً” من المحامين لا تزال أسمائهم “مشطوبة من النقابة ولم يتم إرجاعهم حتى الآن، فيما تم رفض طعون عدد آخر كانت شطبت أسمائهم سابقاً”.