تكاليف علاج باهظة لمرضى كورونا في درعا بسبب نقص الخدمات الصحية
درعا- نورث برس
اضطر جابر الزعبي (56 عاماً)، وهو من سكان درعا، جنوبي سوريا، لتحمل مصاريف شراء أدوية على نفقته الخاصة أثناء إصابته بفيروس كورونا قبل نحو أسبوعين.
يقول إنه بعد تدهور حالته الصحية راجع أحد الأطباء الذي طلب منه إجراء صورة للصدر ومراجعة أحد المشافي الحكومية لإجراء مسحة للكشف عن فيروس كورونا وتلقي العلاج.
لكن ورغم سوء وضعه وازدياد نسبة الالتهابات في رئتيه، اكتفى المشفى الحكومي بتسجيل نتيجة المسحة دون تقديم أي علاج أو أدوية، “قالوا راجع طبيبك الخاص”.
وقام “الزعبي” بشراء وصفة الطبيب على حسابه الخاص، وتجاوزت تكلفة العلاج التي استمرت لأسبوع كامل أكثر من 35 ألف ليرة سورية في اليوم الواحد، وفقاً لما ذكره لنورث برس.
ويعاني القطاع الصحي في السويداء من التراجع ونقص أو فقدان أدوية في المشافي الحكومية، إضافة إلى نقص في المعدات الطبية وأطباء الاختصاص، في ظل ازدياد أعداد الإصابات والوفيات بفيروس كورونا.
والاثنين الماضي، سجلت درعا 32 إصابة جديدة بفيروس كورونا، وفقاً لما أعلنه المكتب الإعلامي لوزارة الصحة في الحكومة السورية.
وقبله بيومين سجلت المحافظة 53 إصابة بالفيروس.
والشهر الماضي سجلت درعا 613 إصابة جديدة بالفيروس، فيما بلغت حالات الوفاة 14 حالة في الشهر نفسه، بحسب إحصائيات وزارة الصحة في الحكومة السورية.
ومنتصف الشهر الماضي، قالمدير الصحة في درعا أشرف البرمو، في تصريح لوكالة الأنباء الرسمية (سانا)، إن نسبة إشغال أقسام العزل في مشافي درعا الحكومية مئة بالمئة، وبعضها تجاوز هذه النسبة في ظل ازدياد أعداد الإصابات بفيروس كورونا.
“خدمات ضعيفة”
وقال صالح المفعلاني، وهو اسم مستعار لطبيب في مشفى حكومي في درعا، إن “القطاع الطبي وخدماته ضعيفة جداً، وإمكانات المشافي الحكومية مديرية الصحة قليلة”.
وأضاف: “نحاول من خلال المجتمع المحلي تأمين الأوكسجين والأدوية، فالأوكسجين غير متوفر إلا بكميات قليلة، وتستخدم فقط للحالات الحرجة لمصابي كورونا”.
ويصف “المفعلاني” الواقع الصحي في درعا بـ”المزري جداً بسبب نقص الكوادر وهجرة الكفاءات في ظل ضعف الإمكانات والدعم”.
ويشير إلى “مماطلة” وزارة الصحة في إعادة الأطباء والممرضين الذين تم فصلهم بعد ربيع 2011 نتيجة آرائهم السياسية، بالرغم من الحاجة الملحة للكوادر الطبية.
ومنذ عام 2011، شهدت سوريا موجة هجرة كبيرة للأطباء إلى خارج البلاد، بحثاً عن ظروف معيشية وفرص عمل برواتب أفضل، فيما هاجر قسم منهم بسبب طلبهم للخدمة الإلزامية والاحتياطية في القوات الحكومية وعدم تحديد سقف لمدة هذه الخدمة.
وفي مقابلة تلفزيونية أجريت معه قبل عدة أشهر، كشف كمال أسد عامر، وهو نقيب الأطباء السوريين، عن أن “عدداً كبيراً” من الأطباء السوريين هاجروا إلى الصومال.
لا إجراءات حكومية
ويقولعاملون في القطاع الصحي وسكان في درعا، إنه لا يوجد أي “تحرك جدي” وأي إجراءات حكومية حازمة لمواجهة انتشار فيروس كورونا.
وبحسب هؤلاء، فإن ما يزيد من أعداد الإصابات هو التجمعات الكبيرة التي تشهدها درعا والتجمع في وسائل النقل المختلفة بسبب ما تفرضه أزمة المواصلات على السكان.
إلى جانب الطوابير أمام مراكز توزيع المواد المدعومة ومحطات الوقود والأفران وفي مديرية الهجرة والجوازات وحفلات الزفاف وخيم العزاء وغيرها.
وأشار أحدهم إلى الحفلة التي أحياها الفنان علي الديك في الثاني عشر من الشهر الماضي بمركز مدينة درعا، “وحضرها الآلاف بدون أدنى إجراءات الوقاية”.
وبدل أن تفرض مديرية صحة درعا قيوداً على نشاطات مماثلة، أقامت هي الأخرى فعالية في الحادي والعشرين من الشهر الماضي على مسرح مدرج مدينة بصرى الشام، تحت عنوان التوعية بالكشف المبكر عن سرطان الثدي، وحضرها المئات من السكان في ظل غياب التباعد الاجتماعي وارتداء الكمامات بشكل كلي.
وتضم المحافظة ثلاثة مشاف خاصة، جميعها موجودة في مركز مدينة درعا.
وتكون حالات الحجر الصحي فيها قليلة بسبب تكاليف العلاج الباهظة, حيث تصل كلفة اليوم الواحد إلى 500 دولار أميركي.
لكن مرضىً من ميسوري الحال يقصدون المشافي الخاصة، بسبب عدم توفر أطباء اختصاص وسوء وقلة الخدمات المقدمة في المشافي الحكومية.
ويرجع طبيب في أحد المشافي الخاصة سبب ارتفاع أسعار الخدمات المقدمة فيها لارتفاع أجور الأطباء وأسعار الأودية “والتي غالباً ما يتم شراؤها من القطاع الخاص أو تأتي عبر طرق تهريب من الدول المجاورة”.