عائلات نازحة في إدلب تبحث عن حلول لارتفاع إيجارات المنازل
إدلب- نورث برس
يبحث ماهر الأصلان (47عاماً)، وهو نازح من مدينة معرة النعمان جنوب إدلب، جاهداً لإيجاد منزل مكسي بإيجار مقبول قبل حلول فصل الشتاء، لكن واقع ارتفاع إيجارات المنازل يدفعه للعودة إلى مسكنه غير المجهز.
وتضطر الأسر النازحة في ريف إدلب لتحمل السكن في منازل مهدمة وآيلة للسقوط أو منازل غير مكسية، نظراً لانخفاض إيجارها مقارنة مع المنازل المجهزة، واعتبارها أفضل من اللجوء إلى المخيمات.
وقال “الأصلان” إن المنزل الذي يقطنه مع عائلته يقع في الطابق الرابع، “وتمتلئ أرضه بالرمل وقطع الطوب، أما الجدران فغير مكسية ومليئة بالثقوب، والأرضية وعرة وغير مستوية.”
وأشار النازح إلى أن صاحب المنزل الذي يقطن فيه حالياً لا يتقاضى منه أجراً، لكن معاناته تزداد في فصل الشتاء “بسبب عدم وجود أبواب ونوافذ لدرء البرد، رغم قيامي بوضع الشوادر والنايلون لبعض المنافذ.”
ولفت إلى أن أصحاب المنازل باتوا يطلبون إيجارات بالدولار وليس بالليرة السورية.
“طلب مني صاحب منزل في أحد الأحياء القديمة وجدته بعد عناء، أن أدفع له /50/ دولاراً شهرياً، مع دفع إيجار ثلاثة أشهر سلفاً على أقل تقدير.”
ويتهم أرباب عائلات نازحة من ريف إدلب أصحاب المنازل باستغلال أوضاعهم وسط زيادة الطلب على المنازل الصالحة للسكن مع اقتراب فصل الشتاء.
وتسكن جميلة الكريدي (37 عاماً)، وهي نازحة من مدينة سراقب بريف إدلب الشرقي، مع أولادها الأربعة وزوجها المريض في منزل بمدينة بنش تهدمت أجزاء منه.
ولم تكلف “الكريدي” نفسها عناء البحث عن منزل مجهز قبل حلول فصل الشتاء، “فإيجارات المنازل مرتفعة جداً ولا قدرة لنا على دفعها.”
وتعاني النازحة من سقوط قطع من الإسمنت من السقف والجدران أحياناً، لتزداد المعاناة في فصل الشتاء، حيث تتسرب المياه من السقف، “ما يحرمنا النوم والراحة.”
وتضيف لنورث برس: “الشتاء الماضي اضطررنا لتوزيع الأواني تحت قطرات المياه، لكنها لم تمنع في كثير من الأحيان من تبلّل الفرش والبطانيات والسجادة.”
كما تعرضت ابنة “الكريدي”، البالغة من العمر ثلاث سنوات، للسقوط من الشرفة غير المسورة منتصف أيلول/ سبتمبر الفائت، “فأصيبت بكسور ورضوض.”
وتشير النازحة إلى أنها قامت وبمساعدة أولادها بسد التشققات الموجودة في سقف المنزل بالرمل والإسمنت، ووضعت الستائر القماشية وقطع الكرتون على النوافذ والجدران المهدمة “أملاً في أن ينعم أولادي ببعض الدفء هذا الشتاء.”
لكن بعض النازحين، ممن انقضت مدة عقود استئجارهم، لجؤوا إلى السكن في مخيمات عشوائية، وذلك بعد رفع أصحاب المنازل لإيجاراتها.
واضطر جميل الأسود (55عاماً)، وهو نازح من مدينة كفرنبل جنوب إدلب، منذ قرابة شهرين، لترك المنزل الذي كان قد استأجره منذ نزوحه مطلع العام الحالي والانتقال إلى أحد المخيمات العشوائية على أطراف المدينة.
وقال “الأسود” إنه كان يدفع شهرياً مبلغ /25/ ألف ليرة سورية لمالك المنزل، “لكن صاحب المنزل خيّرني بين دفع /50/ ألف ليرة أو إخلاء المنزل.”
ولفت إلى أن جميع أصحاب المنازل يعمدون لرفع أجرة منازلهم من جديد في حال تجديد العقد، “بحجة انخفاض قيمة الليرة السورية.”
إقرأ ايضا: بعد تهجير أهلها منها… فصائل تابعة لتركيا تبيع منازل مُهَجَّري عفرين
من جانبه، قال أحمد الشيخ (34 عاماً)، وهو صاحب مكتب عقاري في مدينة إدلب، إن متوسط قيمة الإيجارات كان لا يتعدى العام الماضي /30/ ألف ليرة سورية.
وأضاف: “حالياً تتعدى قيمة الإيجار في بعض الأحياء حاجز/200/ دولار مع دفع الإيجار سلفًا لعدة أشهر.”
ويرجع صاحب المكتب العقاري أيضاً سبب ارتفاع أسعار إيجار المنازل إلى “استغلال أصحابها لحاجة النازحين.”
أمام هذا الواقع، فضلت العديد من العائلات النازحة، المتحدرة من أرياف خارج سيطرة الحكومة، العودة إلى منازلها رغم ما طالها من قصف وتدمير.
وقال أبو محمد (50 عاماً)، وهو اسم مستعار لأحد سكان بلدة أحسم بريف إدلب الجنوبي، إنه عاد إلى منزله في البلدة منذ أيلول/ سبتمبر الماضي رغم قلة العائدين والقصف المتكرر على البلدة.
وأضاف: “مللنا حياة النزوح والتشرد والبرد، عدت إلى منزلي وقمت باستصلاح غرفة واحدة مع المنتفعات، لأتخلص من الاستغلال في مناطق النزوح.”