بعد تهجير أهلها منها… فصائل تابعة لتركيا تبيع منازل مُهَجَّري عفرين

عفرين – نورث برس

يقوم عناصر الفصائل المسلّحة التابعة لتركيا في مدينة عفرين بريف حلب الشمالي، باستملاك منازل أهالي المدينة وبيعها لمستوطنين قادمين من أرياف دمشق وحماة وإدلب، لقاء مبالغ تتراوح بين ثلاثة آلاف وخمسة آلاف دولار أمريكي يقبضها أمراء وعناصر تلك الفصائل لجيوبهم الخاصة.

ومنذ سيطرة تركيا على منطقة عفرين في العام 2018، مارست فصائل المعارضة التابعة لها كافة أشكال النهب والابتزاز بحق سكان المنطقة الأصليين وممتلكاتهم، بالإضافة لنهب الأملاك والمرافق العامة والمواقع الأثرية، ما دفع غالبية أهالي المنطقة للفرار منها بسبب الممارسات اللاقانونية والانتهاكات غير الإنسانية.

وقالت أم فوزي، اسم مستعار لامرأة مسنّة في مدينة عفرين، إن فصيل جيش الشرقية اتهم أخاها بفرار أولاده من المدينة عند اجتياحها من قبل القوات التركية والفصائل التابعة لها، “قالوا إن أولاده فرّوا بسبب انتسابهم للحزب، وإن هذا يجعل من منزله في حي الأشرفية غنيمة لجيش الشرقية، وعند انكاره دعوى الفصيل بالانتساب للحزب قاموا بزجّه في سجونهم”.

وأضافت: “بعد اعتقال أخي مباشرة، قاموا بالسيطرة على منزله المليء بالأثاث وجعلوه مقراً لهم، ومن ثم منزلاً لأحد قيادات الفصيل”.

ولفتت “أم فوزي” إلى أن أخاها بقي في السجن قرابة شهرين، ليتم إخراجه وتخييره بين البقاء في المدينة عند أحد أقاربه أو الانتقال لمناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، “اختار الرحيل كي لا يرى بيته منهوباً أمام عينيه دون تمكّنه من تغيير شيء من ذلك الواقع الأليم”.

ويعيش من تبقى من أهالي مدينة عفرين منعزلين دونما اختلاط كبير بالمستوطنين الذين باتوا يشكّلون أكثر من نصف سكان المنطقة، تحت حكم وهيمنة الفصائل المعارِضة المسلّحة التابعة لتركيا على المدينة ومرافقها، حيث يتعرض السكان الأصليون لكل الانتهاكات من ابتزاز ونهب وسلب وتهديد وخطف وقتل، بحسب “أم فوزي” ومُهَجَّرين فرّوا بسبب انتهاكات تلك الفصائل.

وقالت رشا دلو، اسم مستعار لشابة من عفرين، إن عناصر تابعة لجيش الشرقية “استولوا على منازل أخوتها وأقاربها بعد أن هجَّروا قسماً وقتلوا واعتقلوا قسماً آخر دون شفقة أو رحمة”.

وأضافت: “وبسبب خروج أخواني خوفاً من اعتقالهم إلى منبج وبقائي وحيدة في المنزل، مكثت فترة عند اقربائي الذين فضّلوا البقاء في منازلهم رغم اضطهاد أحرار الشرقية لهم واضطرارهم إلى دفع الأتاوات عن محاصيلهم، إذ اعتبروا ترك المنازل والهروب مذلّة لا يستطيعون تحمّلها”.

وبعد إلحاح من عائلتها في منبج وتحذيرها من خطورة الاعتقال أو “أشياء لا تُحمَد عقباها”، على حدِّ وصفها، قررت انتظار تأمين طريق الوصول إلى منبج، لتحمل بعض أغراضها الشخصية وتترك ذكرياتها في مدينتها “التي بقيت فيها عمراً”.

وقال عامر الحموي، وهو نازح من اللطامنة بريف حماة الشمالي، إنه قَدِم بعد نزوحه إلى مدينة أريحا بريف إدلب الجنوبي، لكن ومع تصعيد المعارك بجبل الزاوية قرر الابتعاد عن منطقة الاشتباكات إلى ريف حلب والإقامة في مدينة عفرين.

وأضاف: “اتفقت مع امرأة مسنّة في مدينة عفرين على الأجرة، لكن حاجزاً لجيش الشرقية أوقفني وطلب بطاقتي الشخصية وسأل عن سبب مجيئي إلى عفرين، وعندما أخبرته بقصتي انتفض غاضباً وقال إنني لا أستطيع أصلاً السكن في أي منزل في عفرين قبل أخذ الإذن منه، لأنه المسؤول عن هذا القطاع وليس بإمكاني أن أستأجر بغير تصريحٍ وإذن رسمي منه”.

وغادر “الحموي” خوفاً من التعرض لأذى من قبل مسلحي الفصائل في عفرين، وآثر المكوث في أي منطقة في إدلب “على أن أجلس بين هؤلاء الثلّة الفاسدة”، على حدِّ قوله.

ويقول مستوطنون مدنيون يقيمون في منازل في منطقة عفرين إنهم يدركون أن عمليات البيع والشراء هذه غير قانونية، وأن مجرّد دفع تلك المبالغ لقادة فصائل الجيش الوطني لا يجعلهم مالكين لمنازل المُهَجَّرين ومالكي المنازل الأصليين، إلا أنهم يضمنون بقاءهم في تلك المساكن طيلة سيطرة الفصائل المدعومة من تركيا على المنطقة.

من جانبه، قال أحد المسلّحين المنشقين عن جيش الشرقية، والذي رفض التصريح عن اسمه لدواع أمنية: “بسبب عدم وجود فرص عمل كفيلة لسدّ حاجة منزلي، اضطررت للعمل مع فصيل جيش الشرقية لمدة خمسة أشهر تقريباً، وبسبب المعاملات السيئة لأهالي مدينة عفرين خلال مدة بقائي في الفصيل، قررت ترك العمل معهم حتى لا أكون أداة للنصب والاحتيال على السكان”، على حدِّ قوله.

وأضاف، لـ”نورث برس”، أن “كل أمير وقائد في فصائل الجيش الوطني له سطوته في قواطع قسّموها فيما بينهم ونهبوا وسلبوا ممتلكات بيوتها، حتى البيوت غير المُجهَّزة قام كل قائد بجلب أبواب حديد ووضعها في مدخل البناية أو الشقة ثم الكتابة عليها أنها ملك فلان (من قادة الفصائل)، ليتواصل من يودُّ الاستئجار أو الشراء مع ذلك القائد مباشرةً”