عفرين – نورث برس
تستمر ظاهرة قطع الأشجار واحتطابها في منطقة عفرين الخاضعة لسيطرة القوات التركية وفصائل المعارضة المسلحة التابعة لها شمال غربي سوريا، حيث تشير تقارير إلى قطع أكثر من نصف مليون شجرة منذ آذار/مارس 2018، ويترافق ذلك مع تحذيرات من اختفاء عدد من الغابات وتأثير ذلك على الواقع البيئي في المنطقة.
وتُعدُّ عفرين من أهم المناطق السورية في زراعة الزيتون، كما تُعرَفُ محلياً بـ”بلاد الزيتون” لكثرة أشجار الزيتون فيها، حيث بلغ عددها حتى نهاية عام ٢٠١٧ أكثر من /١٨/ مليون شجرة زيتون منها /١٦/ مليون في طور الإثمار، حسب الأرقام المعتمدة من قبل الإدارة الذاتية في عفرين آنذاك.
وذكرت منظمة حقوق الانسان في عفرين، في تقريرٍ صدر مطلع العام، أن الفصائل المسلّحة قطعت نحو /500/ ألف شجرة، من بينها أشجار زيتون وسنديان، بالإضافة إلى حرق أكثر من /11/ ألف هكتار من المساحات الزراعية، منذ آذار/مارس 2018.
وتقول أم غريب (45 عاماً)، من سكان مدينة عفرين، إن فصائل المعارضة المسلّحة تقوم منذ اجتياح المنطقة عام 2018، بالاستيلاء على الأراضي العائدة لسكان عفرين، ومن ثم قطع الأشجار وتحطيبها وبيعها.
وتضيف لـ”نورث برس”، أن الفصائل طردت جارها جوان عبدو من المنطقة بحجة انتمائه لأحزاب كردية وذلك للاستيلاء على أرضه المزروعة بأشجار الزيتون في محيط مدينة عفرين، والتي تُقدّر مساحتها بأربعة هكتارات.
وتضيف: “قامت الفصائل بقطع معظم أشجاره وتحطيبها بمناشيرهم الكهربائية، كحال بقية الأراضي التي استولت عليها، حيث لم يشفع اخضرار الأشجار وجمال منظرها لبقائها منتصبة”.
وأدى الاجتياح التركي لمنطقة عفرين في آذار/مارس 2018 إلى تهجير أكثر من /300/ ألف شخص من السكان الأصليين وتوطين الآلاف من عوائل عناصر فصائل المعارضة في منازلهم وأراضيهم.
وفي آذار/مارس العام الماضي، قالت لجنة التحقيق الدولية التابعة للأمم المتحدة إن “الجماعات المسلّحة” في عفرين تقوم بنهب حصاد زيتون المزارعين واختطاف المدنيين مقابل دفع مبالغ مالية وتطرّقت إلى مضايقات متكررة يتعرض لها السكان على أيدي عناصر الفصائل المسلّحة.
ويقول زهير السامي (33 عاماً)، وهو مستوطن من ريف دمشق، لـ”نورث برس”: “بعد قدومي إلى عفرين، اتفقت مع أحد أقربائي من عناصر الفصائل المسلّحة للإقامة في بيت وسط مدينة عفرين والعمل على تحطيب الأشجار لإعالة أسرتي”.
ويتابع أن “الفصائل تمنع الناس من الاقتراب من الأراضي الزراعية وتسمح فقط لعناصرها، لذا أقوم بتحطيب الأشجار ليلاً باتفاق مع قريبي، وأجمعها في مكانٍ محدد وأصدرها لمناطق سيطرة هيئة تحرير الشام”.
ويشير إلى أنه يُصدّر الحطب عبر طرق تهريب، تجنباً لدفع رسوم جمركية على حواجز تابعة لـ”هيئة تحرير الشام” في منطقتي دير بلوط والغزاوية بريف مدينة إدلب.
وتراجعت نسبة السكان الأصليين المقيمين في عفرين إلى /34.8/ بالمئة بعدما كانت تتجاوز /97/ بالمئة قبل عام 2018، فيما وصلت نسبة المستوطنين في عفرين إلى /65.2/ بالمئة، ومعظمهم من سكان الغوطة بريف دمشق، حسب بيانات أوردتها منظمة حقوق الانسان في عفرين.
وحذّر فواز الرحيل، وهو مهندسٌ زراعي من سكان عفرين، من المخاطر التي يشكّلها القطع الجائر للأشجار على طبيعة المنطقة وما تقوم به فصائل المعارضة المسلّحة التابعة لتركيا من أجل كسب المال.
وأضاف أن “قطع الأشجار بأعداد كبيرة يهدد باختفاء غابات بأكملها في المنطقة، ما يؤثر بشكلٍ سلبي على نقاء الجو والواقع البيئي للمنطقة”.