بعد تحطيب الزيتون والإتاوات على العنب.. تباين آراء مزارعين من عفرين حول العودة
عفرين – نورث برس
يختلف قرار أبو رفعت، الذي عاد مؤخراً إلى مدينته عفرين، شمال حلب، عن ما ينويه فؤاد هوري الذي بقي في مناطق سيطرة الإدارة الذاتية.
لكن الحيرة في حديث المزارعَين توحي باحتمال ميل أحدهما لرأي الآخر في لحظة ما، بسبب اتفاقهما على “التشبّث بالأرض من جهة وصعوبة التعايش مع الذلِّ من جهة أخرى.”
وتخضع عفرين لسيطرة القوات التركية وفصائل المعارضة المسلّحة التابعة لها بعد اجتياحها في آذار/مارس 2018، وهو ما تسبب بتهجير أكثر من /300/ ألف شخص من سكانها الأصليين.
“الغربة تخنقني”
وقال أبو رفعت حمو (53 عاماً)، وهو اسم مستعار لمزارع من مدينة عفرين، إنه عاد رغم معرفته بأن مسلّحي الفصائل سيجبرونه على دفع الإتاوات هذا العام أيضاً.
وبرر عودته بعدم استطاعته على التأقلم مع العيش خارج عفرين، “جو الغربة يخنقني ولا أستطيع تحمّل البعد عن أرضي.”
ويمتلك “حمو” ما يقارب عشرة دوانم مزروعة بأشجار العنب جنوب مدينة عفرين.
وقال إن مسلّحي المعارضة السورية، الذين يدعوهم بـ”عبيد المال”، سلبوا كامل إنتاج أشجاره من العنب العام الماضي، بعد أن دفع كل التكاليف و”حتى أجور القطاف.”
وأضاف لنورث برس، إن الأمر دفعه آنذاك إلى الفرار مع زوجته وأطفاله إلى مدينة منبج “خشية التعرض لإذلال جديد لمجرّد أنني من أهالي عفرين.”
أتاوات العنب
وفرض فصيل جيش الشرقية هذا العام أتاوة تقدّر بـ/15/ بالمئة على إنتاج العنب للموسم الحالي في مناطق تواجده بعفرين، بحسب المزارع “أبو رفعت”.
ورغم درايته بأن هذه النسبة “ستزيد وقت التنفيذ” إلا أنه يرى الأمر “أهون من سلب المحصول بأكمله وإحراق الأشجار في مدافئ مقرّاتهم ومنازل قادتهم.”
وتمتاز منطقة عفرين بزراعة العنب إلى جانب الزيتون وباقي الأشجار المثمرة كالرمّان الذي لا تزال فصائل المعارضة المسلّحة تشاطر مزارعي المدينة وريفها محصوله كل عام.
كما تقوم الفصائل بتحطيب الأشجار وتضع يدها على كامل محصول الأراضي التي تتهم أصحابها بانتساب أحد أفراد عائلاتهم لحزب الاتحاد الديمقراطي.
وترى تقارير حقوقية لمنظمات كردية ومحلية أن الهدف من اتهام السكان المدنيين بالتعامل مع الإدارة الذاتية السابقة في عفرين هو دفعهم للهجرة والهيمنة على الممتلكات والمحاصيل.
وذكر تقريرٌ صدر في أيلول/سبتمبر العام الماضي عن الأمم المتحدة، أن عناصر من المعارضة السورية يرتكبون جرائم حرب في مدينة عفرين من اختطافٍ وتعذيبٍ وابتزازٍ واغتيالٍ للمدنيين.
“أفظع من أن يُطاق”
وقال فؤاد هوري (46 عاماً)، وهو اسم مستعار لمُهَجَّر من مدينة عفرين ويسكن حالياً في مناطق سيطرة الإدارة الذاتية، إن الأمر داخل منطقة عفرين “أفظع من أن يُطاق.”
وأضاف بانفعال وتحسّر: “انتهاكات متكررة وجشع لا ينتهي، ثمار عفرين وأراضيها بقبضة عناصر تلك الفصائل، تحطيب وقطف الثمر وبيع وشراء بينهم.”
ويرى “هوري” أن عناصر الفصائل، الذين سلبوه منزله وممتلكاته، يفعلون ما يريدون “دون رادع دولي ودون أن تحاول تركيا وضع حدود لطمعهم.”
وتدعم تركيا ممارسات مسلّحي الفصائل سواءً بهدف استمرار مشروعها في التغيير الديموغرافي الذي أعلنه الرئيس التركي عقب السيطرة على منطقة عفرين أو لبيع المنتجات بعد تغيير اسم بلد المنشأ من سوريا إلى تركيا.
وكانت تقارير صحفية غربية قد تحدثت عن أن عائدات تركيا بلغت /19/ مليون يورو من بيع زيت زيتون عفرين لإسبانيا، بعد أن قامت تركيا بتزوير وثيقة بلد المنشأ.
وأشار تقرير لموقع “بي بي سي-عربي” أن أشجار الزيتون التي يتجاوز عددها في عفرين /18/ مليون شجرة “تحوّلت إلى مصدر دخل لفصائل المعارضة السورية ولتركيا منذ احتلالها للمنطقة.”
وقال “هوري”: “كنت أحد ضحايا طمعهم، سلبوا ولا يزالون يسلبون إنتاج أرضي من العنب والزيتون، بتهمة أنني قاتلت ضدهم عند اجتياح عفرين عام.”
وذكر أنه الخوف من “الوقوع بقبضة عديمي الرحمة” يمنعه وأفراد عائلته من التفكير بالعودة.
“أحقاد”
ويحتار سكان أصليّون قليلون بقوا في عفرين بين الهجرة أو البقاء، بينما يصعب على مُهَجَّرين في قرى ريف حلب الشمالي ومناطق الإدارة الذاتية اتخاذ قرار العودة في ظل انتهاكات الفصائل التابعة لتركيا.
وقالت حلا محفوظ (36 عاماً)، وهي من أهالي مدينة عفرين، إن أشد ما يؤلم هذه الفترة هو وضع فصائل المعارضة المسلّحة يدها على بساتين العنب أمام أعين مزارعيها.
وأضافت أن أعمال إحراق الشجر وسرقة المحاصيل تجري في عفرين دون منعهم من قبل أي جهة.