“طردونا حتى من المسجد”.. آلاف السوريين عادوا من تركيا بعد الزلزال
إدلب – نورث برس
من هول الزلزال والرعب الذي أثاره بنفسه، اختار محمد اللجوء إلى أقرب مسجد من منزله الذي تدمر بالكامل. اختياره للمسجد نابع من ثقته بقدسية المكان وإمكانية التضرّع والدعاء لزوجته التي توفيت بعد انهيار المنزل.
محمد جمعة، لاجئ سوري في تركيا، هرب بطفله لـ”بيت الله”، حيث الأمان، لكن بما أنه سوري “لا يحق لي المكوث فيه”، حيث طرده أتراك من المسجد.
يقول “محمد” لنورث برس، إنه كما أقرانه الناجين من الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وسوريا في السادس من شباط/ فبراير الفائت، حاول العثور على مكان يأويه، “لكنهم ظلوا يطاردونا إلى أن وصلنا إلى سوريا”.
ولم يحصل السوريين كما الأتراك على الخيم والمساعدات الإنسانية المقدمة من أكثر من مئة دولة لتركيا بسبب الزلزال، وفقاً لـ”محمد”.
وخلال الأعوام الماضية، تحدثت تقارير إعلامية عن “العنصرية” التي تعرض لها سوريون في تركيا، ولكن وبعد الكارثة، زادت ظاهرة “التمييز العنصري” بشكل واضح ضد السوريين، وتجلّت بحسب شهادات سوريين، في عمليات الإنقاذ وتوزيع المساعدات، والتي اقتصرت في كثير من الأحيان على الأتراك دون السوريين.
اقرأ أيضاً:
- التضييق والعنصرية يزيدان مخاوف الطلاب السوريين في تركيا
- شابٌّ سوري يُوثِّق رحلته إلى أوروبا من تركيا التي غادرها بسبب “الخوف والعنصرية”
- ممارسات “عنصرية” تجبر سوريين للعودة من تركيا “الضامن” إلى إدلب
- ناشط حقوقي: جريمة حرق الشبان السوريين في تركيا كانت عنصرية بامتياز
بين العداء والعودة
وتداولت مواقع التواصل الاجتماعي مظاهر التمييز، وكانت إحداها لسوري بقي صامتاً ولم يتحدث بأي كلمة مع فريق الإنقاذ واكتفى بإشارات أنه على قيد الحياة، وحين سؤاله بعد إنقاذه عن السبب، قال إنه لا يعرف التركية، وخشي أن يُترك تحت الأنقاض.
ومنذ الأربعاء الفائت، سمحت السلطات التركية بالتنسيق مع فصائل معارضة مسلحة موالية لها، في شمال غربي سوريا، للاجئين السوريين بالدخول إلى بلادهم بإجازة لمدة ستة أشهر، للاطمئنان على أقاربهم بعد الزلزال المدمر.
وبلغ عدد اللاجئين السوريين الذين عادو إلى بلادهم من معبر باب الهوى، وباب السلامة من حاملي بطاقة الحماية المؤقتة في الولايات التركية المنكوبة، 6230 شخص، بحسب الصفحات الرسمية للمعبرين.
بينما بقي عدد القادمين من معبر الحمام في عفرين غير الرسمي والمخصص للعسكريين والمنظمات، مجهولاً.
“كأن السوريين السبب!”
وبعد يومين من الزلزال، تمكن أحمد عبدالكريم، وهو لاجئ سوري كان يعيش في هاتاي (انطاكيا)، من العودة إلى إدلب في شمال غربي سوريا، حيث تسيطر هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً)، للاطمئنان على ذويه هناك.
ويروي “عبدالكريم”، لنورث برس، عبر تطبيق الواتساب، ما تعرض له في تركيا لحظة الزلزال، “بقينا أنا وزوجتي وأطفالي الثلاثة لمدة 48 ساعة ننام في الشارع بدون مأوى”.
ويضيف: “كل ذلك لأننا سوريين، فالأتراك كان لهم النصيب الأكبر من المأوى وكانوا يفضلونهم علينا”.
ويصف “عبدالكريم” كيف تعاملت معهم فرق الإنقاذ التركية خلال الزلزال، ويقول: “تعامل معنا رجال الإنقاذ وكأننا نحن سبب الزلزال”.
وفاقمت معاناة سكان المناطق الذي ضربها الزلزال موجة البرد القاسية حيث وصلت درجة الحرارة إلى ما دون الصفر.
وأرجعت مصادر ميدانية في تركيا، سبب ازدياد “العنصرية” تجاه السوريين إلى “تفاقم الوضع المعيشي في تركيا وقلة فرص العمل”.
ولجأ أكثر من ثلاثة ملايين سوري، وفق إحصائية للأمم المتحددة، إلى تركيا بسبب الحرب السورية منذ ما يقارب 12 عاماً.