درعا ـ نورث برس
يقول أحد قادة المجموعات المسلحة المحلية في درعا، جنوبي سوريا، إن تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، حاول الاستفادة من انشغال سكان المحافظة بأعمالهم وتأمين قوت معيشتهم، في سبيل تشكيل إمارة في درعا.
ومنذ إعلان تشكيله عام 2013، يسعى التنظيم لإيجاد موطئ قدم له في الجنوب السوري وخاصة في محافظة درعا والتي تمتد حدودها مع الأردن وفلسطين.
خرج تنظيم “داعش” خريف العام 2018 من محافظة درعا باتفاق مع قوات الحكومة السورية التي قامت بنقل عناصر التنظيم وعائلاتهم إلى ريف السويداء الشرقي، وأبقت على عدد من العناصر الذين اعتقلتهم لفترة قصيرة وأطلقت سراحهم على عكس معارضي الحكومة الذين لا يزال غالبيتهم في السجون منذ العام 2019.
وأد الإمارة قبل قيامها
وأشار قائد المجموعة المسلحة في مدينة جاسم، والذي رفض الكشف عن اسمه لأسباب أمنية، لنورث برس، إلى أن تنظيم “داعش” استغل انشغال السكان والمسلحين المحليين بأعمالهم وتأمين قوت يومهم، لتشكيل إمارة.
وأضاف، أن “معلومات وصلتنا عن وصول التنظيم إلى المدينة حيث تم إلقاء القبض على أحد الأشخاص المبايعين له، والذي اعترف على أسماء وأماكن تواجد عناصر داعش”.
وأفاد أن عناصر التنظيم اعترفوا بأن “داعش” كان ينوي في الثالث والعشرين من شهر تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، الإعلان عن قيام إمارة تابعة للتنظيم ومقرها في مدينة جاسم.
ونوه المصدر إلى أنه “بعد جمع المعلومات أتخذ المسلحون المحليون بعد التشاور مع سكان المدينة قرار يقضي بمداهمة مقرات عناصر التنظيم واجتثاثهم من المدينة قبل الإعلان عن الإمارة المزعومة”.
وأوضح أن عناصر “داعش” وصلوا إلى المدينة “بتسهيل من القوات الحكومية حيث كانوا يتنقلون على الحواجز العسكرية التابعة للقوات ويدفعون مبالغ مالية لقاء السماح لهم بالعبور”.
وذكر أن التنظيم استغل الأوضاع الاقتصادية السيئة والوضع المعيشي للسكان وعمل على “تجنيد الشباب مقابل مبالغ مالية ورواتب شهرية”.
وأكد أن قرار قتال عناصر التنظيم تم بـ”إرادة شعبية” دون أي تدخل أو طلب من القوات الحكومية والأجهزة الأمنية التابعة لها التي “وقفت موقف المتفرج فقط”.
وبدأت عملية ملاحقة خلايا “داعش” في مدينة جاسم فجر الجمعة الماضي، حيث دعا مجموعات مسلحة محلية عبر مكبرات الصوت السكان إلى ضرورة عدم مغادرة منازلهم، معلنين الحملة بمحاصرة عدة منازل.
وعن خسائر “داعش”، أوضح القيادي أن “خمسة عشر عنصراً من التنظيم بينهم تسعة أمراء اثنان عراقيان وآخر لبناني قتلوا بعد أن دخلوا إلى مدينة جاسم وعمل الأمير أيهم الحلقي من المدينة على تسهيل دخولهم وتأمين منازل لهم على أنهم نازحين من محافظات أخرى”.
وخلال الأسبوع الماضي، قتل أكثر من 25 شخصاً في محافظة درعا، معظمهم من عناصر “داعش”، في اشتباكات بمدينة جاسم شمالي درعا.
وأشار القيادي إلى أنه “من بين قتلى داعش الأمير أيوب الجباوي من قرية برقا في ريف درعا الشمالي والذي يعد المسؤول عن عمليات الاغتيال”.
وقال قيادي في اللواء الثامن التابع للفيلق الخامس المدعوم من روسيا، لنورث برس، إن مجموعات من اللواء توجهت إلى مدينة جاسم بريف درعا الشمالي لمؤازرة المسلحين المحليين بعد اشتباكات مع عناصر تنظيم “داعش”.
وأضاف أن إرسال مجموعات إلى مدينة جاسم جاء بناء على طلب المسلحين المحليين وذلك بسبب حاجتهم لأسلحة ثقيلة مثل مضادات 23 الرشاشة.
موقع درعا جعلها هدفاً
عضو في اللجنة المركزية قال لنورث برس، إن سبب استهداف درعا والجنوب عموماً، لاستراتيجية المنطقة وموقعها المرتبط بثلاث دول هي الأردن فلسطين ولبنان.
وأضاف أن هناك صراع حقيقي على النفوذ أو الوجود في المنطقة، “فهم يريدون أن يكون لمشغليهم وداعميهم موطئ قدم في الجنوب سواء في السويداء أو درعا أو القنيطرة”.
وأعرب عن اعتقاده بوجود ارتباط بين المخابرات الجوية ومكتب أمن الفرقة الرابعة التابعين للقوات الحكومية و”داعش”، وأشار إلى أن هذا الاعتقاد جاء مما حصل في مدينة جاسم بريف درعا “حيث عثر المسلحون المحليون على مستودع متفجرات وألغام، كان يوجد مثلها مع عناصر حزب الله اللبناني”.
وقال إنه إلى الآن “لا يوجد أي أرضية شعبية لداعش في المحافظة، سوى بعض ضعاف النفوس وتجار المخدرات”.
وذكر أن ما حصل في مدينة بجاسم بريف درعا الشمالي من الممكن أن يكون له ارتدادات وردة فعل قاسية من قبل عناصر التنظيم، ويجب العمل على استئصالهم أو تحجمهم إلى أبعد حدود.
مصادر محلية في مدينة جاسم بريف درعا الشمالي قالت لنورث برس، إن الأسبوع الماضي، شهد حظراً عاماً للتجوال وتم فيه إغلاق كافة المدارس وتوقف وسائط النقل العامة.
وأضافت أن حظر التجوال تحول يوم السبت، إلى حظر جزئي شمل فقط الحي الشمالي الذي يتوقع تواجد عناصر للتنظيم فيه.
وفي وقت سابق، قال محلل سياسي سوري لنورث برس، إن عناصر “داعش” ما زالوا يتواجدون في أكثر من نقطة ضمن الدولة السورية منها منطقة الجزيرة والحدود مع العراق، إضافة لمناطق أخرى على الحدود الجنوبية.
وأشار إلى أن “المصالح الدولية تقتضي الاحتفاظ بمجموعات منهم في أماكن تواجدهم في سوريا لاستثمارهم عند الضرورة”.