مزارعون يشتكون.. وظروف غير مشجّعة لزراعة الذرة الصفراء في دير الزور
دير الزور – نورث برس
يراقب محمد نباتات الذرة المزروعة بحقله، وفي كل يوم ينظر إلى ثمارها إذ ما نمت قليلاً عن ذي قبل، علها تعوض الخسائر التي تكبدها، إذ يعلق المزارع آماله على إنتاج حقله.
وينتابه الخوف أحياناً، عند مصادفته لنبتةٍ لا تحمل ثمراً، أو أن آفةً ما ضربتها، حيث ضربت الآفات الزراعية موسم الذرة هذا العام.
محمد المذري (33 عاماً) مزارع من قرية حوايج بو مصعة غربي دير الزور، يقول إن زراعته للذرة هذا الموسم أثقلت كاهله، لارتفاع تكاليفها، في ظل أوضاعٍ اقتصادية سيئة يعانيها وكثيرٌ من المزارين أمثاله.
تكاليف إضافية
دفع المزارع تكاليف زراعته بالدولار الأميركي، واضطر لاستدانة بعضٍ منها، وتضاف لـ”المذري” تكاليف نقل محصوله إلى مدينة الرقة، حيث لا يوجد مجفف للذرة في دير الزور.
ويقول إن نقل محصوله من الذرة يكلفه أعباء إضافية، حيث سيدفع 100 دولار أميركي لكل عشرة أطنان، أجرةً لسيارة النقل، كما أن النقل قد يُعرض محصوله للتلف.
وتعتبر الذرة الصفراء من أكثر المنتجات الزراعة حساسية، وبمجرد التأخير في تجفيفها ستتلف. وتحتاج السيارة لقطع المسافة بين دير الزور والرقة ساعتين بالحد الأدنى، عدا عن التأخّر في الاستلام من مجفف الذرة في الرقة.
ويتابع “المذري” بعرض التكاليف التي دفعها هذا الموسم، فكلفة الدونم الواحد 40 ألف حراثة، و30 ألف أجرة يد عاملة، وتكاليف أخرى دفعها بالدولار إلى أن وصلت تكلفة الدونم الواحد من الذرة إلى ما يقارب 120 دولار.
كما يشتكي مزارعو ذرة في دير الزور من قلة دعم المحروقات، واضطر بعضهم لشرائها من السوق السوداء بسعر 1500 ليرة لليتر الواحد، حيث لم تكفِ محروقات الدعم لثلاث ريات، في حين تحتاج الذرة لأكثر من سبع ريات.
فرق شاسع
دفع فقدان التناسب بين تكاليف الزراعة وبين ما تنتجه المحاصيل الزراعية السنوية بالكثير من المزارعين، لإعادة التفكير بالزراعة أو عدمها، وفق مزارعين.
هذا ما بدأ يفكر به فرج سليمان، من قرية حوايج بو مصعة غربي دير الزور، حيث أن زراعة الذرة الصفراء أصبحت مكلفة بشكل كبير مقارنة بالوضع الاقتصادي المتراجع في المنطقة، كما يقول.
ويضيف: “نتعب كثيراً أثناء زراعة المحاصيل، ونتكبد مصاريف طائلة، ولا يوجد ما يدعو للأمل بأننا سنحصل على ما نستحق في نهاية الموسم”.
ويسقي سليمان حقله حوالي 12 ريه، ويضطر لسحب المياه من نهر الفرات بواسطة محركات تحتاج إلى مادة المازوت التي يشتريها بسعر مرتفع، ويستهلك الدونم الواحد طيلة المحصول 50 ليتراً من المازوت.
ويناشد المزارع الجهات المعنية بالزراعة والإدارة الذاتية للنظر في أمرهم كمزارعين، وإنشاء مجفف للذرة في دير الزور لتخفيف التكاليف، كما يطالب أن تتكفل الإدارة بشراء ما تنتجه المنطقة بأسعار تتناسب مع تكاليفها.
المسؤول يؤكد
وأمام مطالبات المزارعين، يقول المهندس دبوس العقلة، رئيس مكتب الري في مديرية الزراعة للريف الغربي في دير الزور، إنهم يدعمون موسم الذرة الصفراء وفق الإمكانيات المتاحة.
ويضيف “العقلة”، أن مجففات الذرة في دير الزور متوقفة عن العمل، لذا يضطر المزارعون لتجفيها محلياً أو نقلها إلى الرقة.
ويجفف مزارعو الذرة محصولهم بطريق بدائية، حيث يفرشونها على الطرقات العامة وهو ما يسبب أزمات للسير. ويضطرون لذلك بسبب فترة الحصاد القصيرة والازدحام في المجففات وقلتها.
وبحسب “العقلة” أن مديرية الزراعة دعمت المزارعين بنسبة 22%، وهذه النسبة تكفي لأربعة ريات، يراه أنها غير كافية، ولكنها ضمن الإمكانيات المتاحة، وفق قوله.
وتبلغ مساحة الأراضي المزروعة بالذرة الصفراء في دير الزور، أكثر من ٣ آلاف دنم، تتركز غالبيتها في منطقة الجزرة، بحسب مديرية الزراعة.
والموسم الماضي، سعّرت الإدارة الذاتية شراء مادة الذرة بـ 1100 ليرة سورية، في حين لم تصدر تسعيرة الذرة الصفراء للموسم الزراعي الحالي حتى إعداد التقرير.
والثلاثاء، سعّرت اللجنة الاقتصادية في حكومة دمشق، شراء مادة الذرة الصفراء بـ 1750 ليرة، وأضافت لها مئتي ليرة مكافأة توريد، ليصبح السعر المعتمد 1950 ليرة سورية.