المتضررون من طيران التحالف الدولي في الرقة… لا تعويض حتى الآن

الرقة- مصطفى الخليل- NPA
دفع مدنيو الرقة, شمال شرقي سوريا, ثمناً باهظاً, نتيجة ضراوة المعارك التي دارت بين مسلحي تنظيم "الدولة الإسلامية"(داعش) وقوات سوريا الديمقراطية المدعومة من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، بين الفترة من حزيران/يونيو وتشرين الأول/أكتوبر عام 2017, وكانت الضربات الجوية التي نفذها التحالف أشدَّ وطأةً على الكثير من المدنيين.
هُدمت أغلب المنازل السكنية، وفقد الكثير من أهالي الرقة حياتهم, وتعرَّض قسم آخر لإصابات بليغة غيرت مجرى حياتهم إلى الأبد, عدا عن التدمير شبه الكامل للبنية التحتية والمرافق العامة في المدينة.
يقول وليد حمود الغضبان(25 عاماً) من أهالي الرقة, وهو مُقعدٌ نتيجة تعرضه لقصف طائرات التحالف الدولي "اشتد قصف الطائرات على مدينة الرقة، في شهر رمضان عام 2017 لم نستطع الهروب من منازلنا، حُوصرنا من كل الجهات", منوهاً "مقاتلو داعش كانوا يحيطون بحينا ويمنعوننا من الخروج والطائرات تقوم بالقصف بشكل مستمر".
ونتيجة قصف طائرات التحالف الدولي, على منزل أحد جيران أحمد, وقع الحائط الذي يفصل منزله عن منزل الجيران عليه, فأصيب بالشلل الرباعي وفقدان الحس والحركة بالأطراف.
يضيف الغضبان, لـ"نورث برس" والدموع تنهمر من عينيه "الآن أنا عاجز كلياً وعاطل عن العمل، كنت قبل إصابتي أعمل بائع خضار متجول على عربة صغيرة، لأساعد عائلتي بالمصروف، أصبحت اليوم عالة عليهم".
واضطر الغضبان نتيجة سوء الأوضاع المادية, لبيع كرسيه ذي العجلات الذي قدمه له مكتب ذوي الاحتياجات الخاصة التابع للجنة الشؤون الاجتماعية والعمل في مجلس الرقة المدني, كي يستطيع شراء علبة دوائه التي يبلغ سعرها /7,000/ ليرة سورية.
ويبيّن الغضبان أنه لم يحصل على مساعدات من منظمات المجتمع المدني العاملة في الرقة، قائلاً "لم تقدم المنظمات لي أيَة مساعدة، رغم إنني بحاجة ماسة للأدوية وبشكل مستمر".
"خسرنا كل شيء"
زينب العلي(42 عاماً)  من أهالي حارة الشعيب في الرقة, تهدَّم منزلها نتيجة القصف, لتعود إليه بعد طرد تنظيم "الدولة الاسلامية" (داعش) من المدينة, وتحاول ترميمه على نفقتها الخاصة وبمساعدة بعض الأقارب الذين ساعدها البعض منهم.
تقول العلي "عُدنا إلى منزلنا بعد تحرير الرقة من داعش، ووجدناه مُهدماً، حيث لم يكن هناك سقفٌ ولا جدران.. خسرنا كل شيء, حتى أثاث البيت كان تحت الأنقاض فتلف كله".
تضيف العلي "أوضاعنا المادية صعبة؛ فزوجي رجلٌ طاعنٌ بالسن، ولدي ولدٌ وحيد عمره 26// عاماً وهو عامل بسيط, ما يحصل عليه من أجر لا يسد رمقنا و لا يكفي ثمن أدوية وعلاج لزوجي".
تعويض
ويوضح الرئيس المشارك للجنة الشؤون الاجتماعية والعمل التابعة لمجلس الرقة المدني, عبد السلام حمسورك, أنّه "حتى تاريخه لا يوجد تعويضٌ للمتضررين من الحرب في الرقة", مشيراً إلى أنّ جميع أهالي الرقة تضرروا من القصف ولكن بنسب متفاوتة.
ويشير حمسورك إلى أنّهم ناشدوا المنظمات الإنسانية والعالمية ولكن كانت "استجابتهم خجولة"، منوهاً أنّ حالات البتر الموجودة في الرقة غالبيتها من الأطفال، وكل "ما قُدم للناس كان خجولاً ولا يرتقي لحجم المأساة
التي تعرضوا لها".
ويبيّن حمسورك أنّ بعض المنظمات قامت بإصلاحات جزئية للمنازل المتضررة, كإصلاح الأبواب والنوافذ في عدة أحياء بالرقة, لافتاً أن عدد المنازل التي تم ترميمها جزئياً بلغ /531/ منزل.
وعن دور لجنة الشؤون الاجتماعية والعمل في مجلس الرقة المدني في تعويض المتضررين، يشير حمسورك إلى أنّه تم توظيف 9// آلاف شخص حتى الآن ضمن مؤسسات مجلس الرقة المدني والمنظمات والجمعيات في الرقة، من أصل /19,500/ شخص سجلوا أنفسهم في مكتب التشغيل التابع للجنة الشؤون الاجتماعية والعمل, منوهاً إلى أنّ "المنظمات لا تقبل بتشغيل ذوي الاحتياجات الخاصة لديها كون هناك معايير خاصة في التوظيف لديهم".
ويشير تقرير صادر عن منظمة العفو الدولية ومنظمة "أيروورز" في نيسان/أبريل 2019  إلى أنّ طيران التحالف الدولي تسبب بمقتل "ما يزيد على /1,600/ مدني قُتِلوا بشكل مباشر جراء آلاف الضربات الجوية" وتدمير أكثر من /11/ ألف مبنى سكني في الرقة، بالإضافة لإحصائيات تشير إلى أنّ نسبة الدمار الكلي في الرقة تصل لحوالي /95/ بالمئة.