منبج موبوءة باللاشمانيا.. نقص رش المبيدات يتسبب بارتفاع حالات الإصابة
فتاح عيسى – منبج
في غرفة صغيرة بمركز الرعاية الصحية في مدينة منبج، يتوافد السكان للحصول على الجرعات الضرورية لمكافحة مرض اللاشمانيا، المعروف محلياً باسم “حبة حلب”.
وتحكي عيون علي حسين، من سكان قرية عرب حسن بريف منبج الشمالي، عن قسوة المعاناة التي عاشها، فداء اللاشمانيا لم يكن مجرد كابوس يلاحقه محاولاً الوقاية منه، بل تحول إلى واقع مرير عندما غزته الحشرات وانتقلت إليه العدوى.
وداء اللشمانيا أو ما يعرف محلياً باسم بـ “حبة السنة” أو “حبة حلب”، هو مرض طفيلي ينتقل عن طريق لدغات حشرة صغيرة صفراء اللون تعرف بذبابة الرمل.
يشير حسين إلى أنه حقن مكان الإصابة بخمس حقن موضعية، إضافة إلى 16 إبرة عضلية، وأنه مازال بحاجة إلى أربع حقن عضلية لاستكمال العلاج.
ارتفاع في الإصابات
ولا تختلف معاناة عدنان هلو ، من ريف منبج، عن معاناة حسين، حيث يضطر لقطع مسافة 25 كم للحصول على العلاج.
يقول إن المستنقعات المنتشرة في قريتي “الدندانية والجاموسية”، تسبب بإصابته هو وطفله بداء اللاشمانيا إلى جانب إصابة أقرانه في القرية .
ويطالب الرجل برش المبيدات للتخلص من الذبابة وتخفيف عدد الإصابات مشيراً إلى ارتفاع حالات الإصابة في قريته مقارنة بالأعوام السابقة.
من جهته يؤكد سعد الدرج، من ريف منبج الغربي، أن القرى الواقعة في خط نهر الساجور تشهد حالات إصابة مرتفعة، “ففي كل منزل يوجد إصابة أو إصابتين على الأقل”.
يقول إن ابنته مصابة باللاشمانيا وكذلك ابنة أخيه، مما يجعله مضطراً للقدوم إلى المركز الصحي بشكل دوري لتلقي العلاج. لافتاً إلى أن المركز يقدم العلاج مجاناً، لكن المسافة طويلة تثقل كاهلهم.
ويشير الرجل إلى أن القرى الواقعة قرب نهر الساجور والتي يبلغ عددها أكثر من عشرين قرية، تحتاج لمكافحة الحشرات، لافتاً إلى أن أعداد كبيرة من أطفال هذه القرى مصابون باللاشمانيا.
مخاطر مرتقبة
ويعبر قصي شحادة، مدير مركز الرعاية الصحية في مدينة منبج، عن قلقه بسبب ارتفاع حالات الإصابة خلال عام 2024 مشيراً أنه في الأعوام السابقة كانت الإصابات محصورة بمناطق محددة.
ويشير إلى أنه في عام 2023 بلغ عدد الحالات المصابة 14330 حالة، بينما بلغت عدد الحالات في الربع الأول من العام الجاري إلى 6500 حالة بينها 950 حالة جديدة.
ويضيف المدير أن عدة عوامل تساهم في ارتفاع عدد الإصابات ، بينها قلة الوعي الصحي ووجود المستنقعات والجور الفنية المكشوفة، والصرف الصحي غير المنظم بين المنازل في أغلب المناطق، إضافة لانعدام أساليب الوقاية.
ويقول شحادة إلى أن هيئة الصحة في منبج وريفها تقوم بعدة إجراءات بينها توفير العلاج بشكل مجاني ومتابعة الحالات المصابة في مخابرها.
ويشير إلى انهم متخوفون من ارتفاع حالات الإصابة مع حلول فصل الصيف وخاصة أن نحو 950 حالة إصابة جديدة وصلت إلى المراكز خلال ثلاثة أشهر الأولى من العام الحالي.
جهودٌ تحتاج لدعم
علاء المواس، المشرف على قسم مكافحة اللاشمانيا في هيئة البيئة في منبج، يشير إلى أنهم جهودهم في مكافحة الحشرات بدأت العام 2018، وكانوا يحصلون على دعم من المنظمات المختصة.
ويضيف: مع بداية عام 2020، انخفض هذا الدعم، مما أضعف إمكانيات القسم وحد من قدرتهم على التدخل الفعال.
ويشير المشرف إلى أن مناطق منبج وريفها أصبحت موبوءة بالمرض بسبب هذا النقص في الدعم.
ويقول المواس أنهم يستعدون لرش المبيدات في حوالي 12 ألف منزل في المناطق الموبوءة بريف منبج، بدعم من إحدى المنظمات الإنسانية.
ويضيف: “ومع ذلك، نحن بحاجة ماسة إلى دعم من الجهات المعنية والمنظمات الإنسانية الأخرى، بما في ذلك توفير المبيدات، لنتمكن من رش ما يقارب 80 ألف منزل في المناطق المتضررة”.