الحسكة – نورث برس
تعيش مخيمات في شمال شرقي سوريا واقعاً مأساوياً ينذر بكارثة إنسانية، حيث يواجه النازحون الفارين من الصراع المسلح ظروفاً قاسية تتفاقم يوماً بعد يوم.
ويوجد في شمال شرقي سوريا نحو 78 مخيماً، منها 58 مخيماً عشوائياً، تشرف الإدارة الذاتية على 16 مخيماً في المنطقة، ويقدر عدد النازحين فيها بنحو 200 ألف شخص.
نزوح ومرض
“عدلة شعبان الكردي”، نازحة تعيش في مخيم واشوكاني في الحسكة، لم تكن تعلم أن النزوح لن تكون نهاية معاناتها، بل ستزيدها تعقيداً بعد اكتشاف إصابتها بمرض السرطان قبل نحو عام.
وكانت المرأة معلمة في مدرسة ابتدائية في مدينة سري كانيه/ رأس العين، إلا أنها وجدت نفسها بين الخيام، بعد أن أجبرت على النزوح إثر اجتياح مدينتها من قبل تركيا والفصائل المسلحة المرتبطة بها.
ومع ضعف الإمكانيات وقلة الدعم الصحي داخل المخيم، وبالنظر إلى ظروفها المادية الصعبة التي تجعلها غير قادرة على تحمل تكاليف العلاج من السرطان، تعتمد عدلة على بيع المنظفات لتأمين تكاليف علاجها وإنقاذها من انتشار المرض إلى باقي جسدها.
واكتشفت المرأة مرضها بعد إجراء عملية قيصرية، إذ وجد الأطباء كتلة في معدتها وأجرت على أثرها عملية استئصال للمعدة، وتضطر حالياً للسفر إلى دمشق لتلقي العلاج، مشيرةً إلى ارتفاع تكاليف العلاج بالنسبة لها.
تقول لنورث برس: “لا نتلقى المساعدة من المنظمات، وهناك عشرات المرضى مثلي، ولا تدعمنا المنظمات”.
وفي إشارة لإهمال المنظمات لحالتها تشير إلى أنها حاولت عرض حالتها الصحية على جميع المنظمات ولكنها لم تتلقى إلا الوعود المؤجلة.

لا خدمات طبية
أما شمسة أحمد (42 عاماً) وهي أيضاً نازحة تعيش في المخيم، تشتكي من قلة الرعاية الصحية في المخيم، قائلة: من يمرض في المخيم يعطونه مسكناً للألم، لا توجد خدمات طبية، لقد خسرنا كل شيء، وضعنا في المخيم مأساوي”.
ويعاني ابن شمسة من سعال مستمر دون أن يتم تشخيص حالته، وتشير إلى عدم قدرتها على تحمل تكاليف الكشف عنه وعلاجه.
وتطالب المرأة بالاهتمام بالمخيم ودعمهم في الحصول على رعاية صحية في ظل ظروف معيشية صعبة.
وترى أن “قلة العناية الصحية سبباً في انتقال بعض الأمراض بين سكان المخيم”، مما يزيد من معاناتهم بشكل يومي، مطالبةً بتحسين مستوى الدعم الطبي لهم.
الخمسيني أحمد محمود، وهو من نازحي سري كانيه ويعيش في المخيم، قائلاً: “المنظمات العاملة في المخيم مدعومة الإمكانيات، ولا تستطيع تقديم الرعاية الصحية كما هو مطلوب”.
ويعاني الرجل من قصور حاد في البصر بسبب إصابته بالتهاب الشبكية الصباغي مما يفقد القدرة على تمييز أثناء النظر، “أخبرني الطبيب أنه يتوجب أن أجري عملية جراحية ولكن لا أستطيع تحمل تكاليفها”.
وتبلغ قيمة العملية نحو 5 مليون ليرة سورية، في ظل انعدام قدرة الرجل على العمل بسبب وضعه الصحي.
ويضيف: “لا تستقبل المنظمات العاملة في المخيم الحالات البادرة، كحالتي بالضبط، أرجو أن يتحسن الوضع في المستقبل”.
إهمال وتهميش
ومن جانبها تشير مسؤولة فريق الهلال الأحمر الكردي في المخيم خناف أحمد أنهم يقدمون بعض خدمات الرعاية الصحية الأولية، وتتضمن العيادات النسائية والداخلية والأطفال وقسم الإسعاف.
وعلى الرغم من قلة إمكانياتها، تقدم منظمة الهلال الأحمر الكردي الرعاية الصحية الأولية. بينما توقفت منظمات الأمم المتحدة، بما في ذلك منظمة الصحة العالمية، عن تقديم الخدمات الصحية بشكل مستمر.
وتشير إحصائية قدمتها المسؤولة، تفيد بانتشار بعض الأمراض في المخيم وهي الجرب والسرطانات وأمراض القلب والضغط وحالات الإسهال والتسمم وغيرها.

وتقول أحمد أن نحو 200 مريض يستفيد من الرعاية الصحية المقدمة من قبل المنظمة يومياً.
أما ملك صالح وهي إدارية في المخيم التي تديرها الإدارة الذاتية تقول إنهم يعانون من قلة الخدمات الصحية المقدمة لهم، مشيرةً إلى أنه “رغم وجود 400 منظمة في المنطقة, إلا أن أربعة منظمات فقط تقدم الرعاية الصحية وبإمكانيات خجولة”.
وتخشى الإدارية أن تؤثر سوء الخدمات الصحية والتغذية ونقص مياه الشرب وسوء شبكات الصرف الصحي على الصحة العامة للسكان وخاصة مع اقتراب فصل الصيف وما ينذر بانتشار أمراض موسمية.
وتضيف: “معظم المخيمات أنشأت في مناطق نائية تفتقد إلى الخدمات الصحية, وبسبب قلة تقديم الدعم الصحي هناك مخاوف من انتشار بعض الأمراض كاللشمانيا والجرب والالتهابات الصدرية والأمراض الموسمية وغيرها التي تهدد حياة نحو 160 – 170 ألف شخص بينهم ما يقارب 8500 طفل يعيشون في المخيم.