نتائج العودة لزراعة الشوندر في سوريا مخيبة والوعود ظلت على الورق

دمشق ـ نورث برس

أظهرت المشاكل التي واجهتها زراعة الشوندر السكري، أن قرار العودة إلى زراعته وتصنيعه لم تهيأ له البنية التحتية، ولم يدرس كما ينبغي.

توقفت الحكومة السورية عن زراعة الشوندر لمدة سبع سنوات (2015)، بعد إيقاف المعامل لعدم كفاية المزروع منه.

وفي العام الماضي تراجعت الحكومة عن هذا القرار وفتحت المجال مجدداً لزراعة الشوندر وعاد معمل تل سلحب إلى العمل بذات الأدوات والمعدات المهترئة أصلاً.

من الزراعة

بدأت مشاكل العودة إلى زراعة وتصنيع الشوندر من الزراعة، حيث اشتكى مزارعون أن الأسمدة التي حصلوا عليها منتهية الصلاحية ونسبة إنباتها لم تتجاوز 10%.

ثم جاء الصقيع على ما نبت منه, ليجعل المردود قليل والإنتاجية منخفضة، وقد قدر أحد المزارعين في الغاب خسارة الدونم بما لا يقل عن مليون ليرة.

لكن وزير الزراعة في الحكومة السورية حسان قطنا، نفى في تصريحاته أن يكون هنالك أي مشكلة في البذار، وبيَّن أن نتائج الاختبار والحيوية مطابقة للشروط الفنية.

توقعات خاطئة

وكانت وزارة الزراعة أعلنت في بداية الموسم أن المساحة المخصصة لزراعة هذا الموسم تبلغ نحو 4385 هكتاراً، ولكن ما تمت زراعته لم يتجاوز 762 هكتاراً فقط.

وعزا مدير هيئة تطوير الغاب، أوفى وسوف، في تصريحاته أسباب هذا التراجع للظروف المناخية.

وكما خابت توقعات الزراعة في كمية الأقماح المستلمة على مدار السنوات الأخيرة، كذلك كان الحال مع الشوندر، حيث أشارت إحصائيات الوزارة إلى أن الكميات المتوقعة من إنتاج الشوندر لا تقل عن 200 ألف طن، في حين تبين على أرض الواقع أن الإنتاج حتى الآن لم يصل إلى 60 ألف طن.

تسعيرة غير مجدية

رفعت الحكومة تسعير كيلو الشوندر من 175 ليرة إلى 250 ليرة للكيلو مراعاة لارتفاع تكاليف الإنتاج، وكتشجيع على تسويقه للدولة كما جاء في القرار.

إلا أن هذه التسعيرة ظلت غير منصفة كما قال منتجون لنورث برس، حيث بين  المزارع علي حسن، أن كلفة ري الدونم تصل إلى 42 ألف ليرة، مع نقص المازوت والمحصول يحتاج إلى ثلاث ريات, وهذا جزء من التكاليف التي تفوق تسعيرة الشوندر الرسمية.

إضافة إلى ارتفاع تكاليف النقل بما لا يقل عن 100 ليرة للكيلو, وهكذا تصبح كلفة النقل من أقرب مسافة إلى أرض المعمل لا تقل عن 200 ألف ليرة، بحسب “حسن”.

ظلم وحرام

أضاف عضو في الجمعية الفلاحية في منطقة الغاب، أن كيلو الشوندر يحتوي على 120 -150 غرام سكر، وهذا يعني 600 ليرة على أساس سعر الكيلو4 آلاف ليرة, وبالتالي تصبح تسعيرة الحكومة للشوندر غير منصفة.

ووصفها “بالظلم والحرام” وطالب الحكومة أن تتحمل أجور النقل كحد أدنى لتخفيف الخسائر قليلاً عن المنتجين.

وأشار مهندس زراعي في الوحدة الإرشادية ضمن منطقة الغاب، إلى أن تعامل الحكومة مع منتج مثل الشوندر السكري على أنه سكر فقط, ومقارنته مع السعر العالمي “أمر غير اقتصادي ورؤية قاصرة”.

وعلل السبب في ذلك إلى أنه ينتج عن الشوندر السكري علف للأغنام، وكما أن القمح المستورد لا يأتي معه التبن كعلف للحيوانات كذلك الحال مع السكر المستورد.

تلوث وروائح كريهة

عندما وصل الإنتاج إلى مرحلة التصنيع ظهرت المشاكل بالجملة أيضاً. إذ حالما بدأت آلات المعمل “المتهالكة” بالدوران ظهرت مشكلة تلوث مياه نهر العاصي المصدر الأساسي لري المزروعات في منطقة الغاب.

ونتجت روائح كريهة من مخلفات تصنيع الشوندر التي تصب في النهر، وقد طرح بعض الخبراء في المنطقة عدة طرق لمعالجة مشكلة التلوث بأقل الأدوات كلفة، لكن دون جدوى.

بلا صيانة ولا عمال

أقلع المعمل بعد توقف دام 7 سنوات ودون صيانة أو تجهيز لآلاته التي  تجاوز عمرها 40 عاماً، وكان الأسوأ في الموضوع أن أغلب عمال المعمل غادروه بعد سنوات التوقف, الأمر الذي دفع الإدارة للتعاقد مع بعضهم مجدداً ليستمر العمل حسب قول مدير المعمل المكلف رامي عيسى.

وبين “عيسى” أن آلات المعمل كانت تتوقف باستمرار، وأن كل الكميات المسوقة من الشوندر لم تتجاوز 55 ألف طن حتى الآن، ولن تصل إلى 60 ألف طن في أقصى حالاتها.

وأضاف، أن كميات السكر المنتجة لم تتعدى 2000 طن بمتوسط درجة حلاوة 12%.

وفي نهاية كل هذه المراحل، أكد “عيسى”، أن المنتجين ما زالوا بانتظار تحصيل مستحقاتهم لقاء تلك الكميات المسوقة.

إعداد: ليلى الغريب ـ تحرير: قيس العبدالله