أرزاقُ صيادين ومزارعين غربي حماة تهددها مخلفات معمل حكومي لوّثت نهر العاصي

حماة – نورث برس

لم يتمكن ربيع المنصور (28 عاماً)، وهو من سكان قرية خربة الناقوس بسهل الغاب غربي حماة، وعلى مدار الأيام الأربعة الماضية، من صيد سوى خمسة كيلو غرام من السمك، من الأنواع غير المرغوب فيها”، وذلك بسبب نفوق كميات كبيرة من الأنواع الجيدة مثل، الكرب والمشط “.

وقبل ذلك كان “المنصور” يصيد يومياً ما يقارب العشرة كيلو غرام من السمك من نهر العاصي، ولكن بعد نفوقها إثر تلوث طال النهر مؤخراً، بدأ نتاجه من الصيد يتقلص يوماً بعد يوم.

والأسبوع الفائت، تداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي صوراً ومقاطع مرئية تظهر نفوق أطنان من الأسماك بمختلف أنواعها في نهر العاصي بمنطقة سهل الغاب في أقصى شمال غربي محافظة حماة.

وتلوث العاصي كان بسبب قيام إدارة معمل سكر تل سلحب، الذي أعادت الحكومة تشغيله العام الجاري، بعد توقفه لنحو سبع سنوات، بتحويل مخلفات المعمل الكيميائية السامة إلى النهر الذي يمر بالقرب منه، ما انعكس على الثروة السمكية فيه، بحسب صيادين.

“نتائج كارثية”

يقول “المنصور”، إن المبلغ الذي كان يجنيه من بيع  صيده من السمك خلال يوم واحد، كان يتراوح بين “25 و30 دولاراً”، وهو مبلغ يعتبره “ممتازاً” بالنسبة له ولعائلته الصغيرة، ولكن ما وصفه  بـ”الكارثة” التي حلت على النهر انعكست سلباً على دخله اليومي.

واليوم، بات الرجل يفكر بالبحث عن عمل آخر، لأن استمرار الوضع على ما هو عليه سيحرمه من مصدر رزقه لاحقاً”.

ويحتاج عودة الأسماك إلى نهر العاصي لسابق عهدها، لسنوات، “لأن الكميات التي نفقت تعتبر ضخمة جداً، وسوف تأثر بالتأكيد على تكاثر الأسماك”، بحسب “المنصور”.

وعزف محمد الأغا، وهو من سكان منطقة سهل الغاب، عن صيد الأسماك وخاصة  بعد أن أصدرت السلطات المحلية الصحية في شمال غربي سوريا، قراراً يقضي بمنع الصيد، خوفاً من الأمراض التي قد تلحق بالسكان من تناول الأسماك المصابة.

والأربعاء الماضي، أصدرت وزارة الصحة في حكومة “الإنقاذ ” الجناح المدني لهيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً)، والتي تسيطر على أجزاء واسعة من محافظة إدلب وأجزاء أخرى من أرياف حماة وحلب واللاذقية، قراراً حذرت فيه السكان من تناول الأسماك النافقة بفعل التلوث و الابلاغ عن كل من يقوم ببيعها.

ويقول  “محمد الأغا” (32 عاماً) وهو من سكان بلدة قسطون بسهل الغاب، لنورث برس، إنه يعتمد على الصيد في تأمين  قوت أطفاله  شأنه شأن الكثير من السكان، وذلك لمرور نهر العاصي بالقرب من البلدة.

ويضيف أنه تفاجأ وأبناء بلدته في صباح يوم الثلاثاء الفائت، بآلاف الأسماك تطفو على سطح مياه النهر جميعها نافقة لأسباب كانت مجهولة حينها.

و”بحكم خبرة البعض من سكان المنطقة، تبين أن معظم الأسماك ماتت خنقاً نتيجة انقطاع الأوكسجين عنها، والبعض الآخر بفعل المواد الكيميائية السامة بشكل مباشر”، بحسب “الأغا”.

وأعرب الصياد عن قلقه من استمرار ما حدث، وخاصة أنه لا يمكنهم بيع تلك الأسماك، “والحية منها أصبح عددها قليل ناهيك عن صعوبة صيدها”.

أضرار طالت الزراعة

ولم يقتصر تأثير تلوث مياه نهر العاصي، بسبب مخلفات معمل سكر سلحب على الثروة السمكية في المنطقة، بل طال المحاصيل الزراعية أيضاً، بحسب مزارعين  في المنطقة.

وتحول لون المياه “إلى سوداء، وذات رائحة كريهة، مشكلة طبقة زيتية على المحاصيل الزراعية بمختلف أنواعها”.

ويعتمد أكثر من 80 بالمئة من مزارعي منطقة سهل الغاب على مياه نهر العاصي في ري محاصيلهم الزراعية، بحسب مزارعين.

وبدأ مزارعون يعزفون عن ري محاصيلهم من مياه النهر بسبب الأمراض الكثيرة التي باتت تلحق بالمحاصيل، كما أن بعض تلك المحاصيل توقفت عن الإنتاج بشكل كامل بعد ريها من مياه النهر، بحسب أحد المزارعين الذي فضل عدم ذكر اسمه.

إعداد: بهاء النوباني- تحرير: فنصة تمو