هجوم الحسكة ومؤشرات تورط أنقرة

الرقة- نورث برس

قال مصدر عسكري في قوات سوريا الديمقراطية، الخميس، إن اتهامهم لتركيا بدعم هجوم تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) يستند لأدلة ومؤشرات “بعيداً عن نظرية المؤامرة”.

 واعتبر القيادي أن اعترافات من ألقي القبض عليهم وتزامن هجوم خلايا “داعش” مع ذكرى بدء الهجمات التركية على عفرين 2018، بالإضافة لتصعيد القصف التركي على مناطق شمال وشرقي سوريا أدلة على تورط أنقرة.

وعقب إعلان السيطرة الكاملة على سجن الصناعة يوم أمس الأربعاء، قالت متحدثة باسم قوات سوريا الديمقراطية إن مخطط الهجوم على السجن تم التخطيط له في أماكن مختلفة في تركيا والعراق والبادية السورية.

وأضافت أن ما بين 200 و300 عنصر لداعش جاؤوا من مناطق مختلفة إلى الحسكة، من بينها سري كانيه (رأس العين) وتل أبيض الخاضعتين لسيطرة الفصائل الموالية لتركيا.

“شهادات مهاجمين”

وقد يعتقد من يعيشون خارج شمال وشرق سوريا أن أي اتهام لتركيا هو اعتماد على “نظرية المؤامرة”، ربما لكثرة ما عادت أنقرة المنطقة وتجربة الإدارة الذاتية فيها.

إلا أن القيادة العامة لقوات سوريا الديمقراطية قالت، في بيان بعد ثلاثة أيام من الهجوم، إنها تملك شهادات لمن ألقت القبض عليهم من مهاجمي “داعش” حول قدومهم من سري كانيه (رأس العين) وتل أبيض اللتين تسيطر عليهما أنقرة منذ هجومها على المنطقة عام 2019، إلى جانب آخرين قدموا من الرمادي في العراق المجاور.

وقال البيان إن الاعترافات كشفت عن تواجد قيادات ومسؤولين لخلايا “داعش” في المناطق التي تسيطر عليها تركيا.

واعتبر أن تكثيف تركيا هجماتها على مناطق عين عيسى وتل تمر أبو راسين “ليس مصادفة”، لا سيما بعد اعترافات بعض من ألقي القبض عليهم بقدومهم من المناطق التي تسيطر عليها تركيا ونيتهم الفرار إليها.

وفي ثاني أيام الهجوم، صعدت القوات التركية قصفها على ريف عين عيسى شمال الرقة، ما أسفر عن فقدان مدنيّين حياتهما وإصابة أربعة آخرين في قريتي الجهبل والفاطسة.

وفجر اليوم التالي، أصيبت امرأتان وطفلان من عائلة واحدة، في قصف للقوات التركية والفصائل الموالية لها على قرية “عليمات” بريف عين عيسى الغربي.

كما أن القصف اشتد على ريف الحسكة الشمالي ومنطقة منبج شمالي سوريا.

وقال القيادي، الذي طلب عدم  نشر اسمه، إن “تنظيم داعش يتشارك والسلطة التركية في الاهتمام باختيار التوقيت الملائم للهجمات، وما الذكرى الرابعة للاجتياح التركي وتاريخ استعادة السيطرة على مدينة كوباني، إلا دليل دامغ لا يقبل الشك أن التاريخ لم يكن مصادفة وإنما اختياراً مسبقاً مبنياً على أيديولوجية مشتركة يتحاصصانها”.

“أدلة سابقة”

ولا تبدو الاعترافات حول تواجد قيادات ومسؤولين لخلايا داعش في المناطق التي تسيطر عليها تركيا أمراً جديداً.

فحوادث العام الفائت 2021، تشير بكثرة لتواجد قادة تنظيمي “داعش” والقاعدة في المناطق التي تسيطر عليها تركيا.

وفي تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، أعلنت القيادة الأميركية عن تصفية القيادي في تنظيم القاعدة ‘‘عبدالحميد مطر’’ بضربة جوية، في مفرق عربيد بريف بلدة سلوك  20كيلومتراً شرق تل أبيض.

وعقب ذلك بيومين، استهدفت طائرة بدون طيار، يعتقد أنها أميركية، القيادي البارز في تنظيم داعش صباحي الإبراهيم المصلح والملقب بـ أبو حمزة الشحيل، ليقتل مع اثنين من مرافقيه في قرية العدوانية بريف سري كانيه.

وقبلها في العشرين من أيلول/ سبتمبر، أعلن الجيش الأميركي أن ضربة جوية في منطقة إدلب أسفرت عن مقتل القيادي البارز في تنظيم “القاعدة” سالم أبو أحمد.

وسبق أن شهدت مدينة سري كانيه رفع أعلام تنظيم داعش أثناء احتجاج للسكان بموقف الرئاسة الفرنسية من رسوم كاريكاتيرية طالت النبي محمد، في تشرين الأول/أكتوبر من العام الفائت.

بالإضافة إلى قتل طائرات أميركية عام 2019 زعيم تنظيم “داعش” أبو بكر البغدادي في إدلب.

وفي الثامن والعشرين من تموز/ يوليو الماضي، أعلنت وزارة الخزانة الأميركية عن حزمة جديدة من العقوبات استهدفت فصيل “أحرار الشرقية” الموالي لتركيا، إلى جانب كيانات تابعة لأجهزة مخابرات الحكومة السورية.

وذلك بسبب اتهام قائد الفصيل المدعو أحمد إحسان فياض الهايس الملقب بـ “أبو حاتم الشقرا” بدمج عناصر تنظيم “داعش” السابقين في صفوف فصيله، إلى جانب انتهاكات أبرزها اتهامه بقتل السياسية الكردية هفرين خلف ومرافقين لها، والتمثيل بجثثهم عام 2019.

“استراتيجية جديدة”

واليوم، قال القيادي العسكري لقسد إن تركيا اختارت العام الجديد 2022 التسديد ضربات مباشرة “وعبر أذرعها الاستخباراتية التي تربطها علاقات مميزة مع قادة تنظيم داعش، إلى مشروع الإدارة الذاتية”.

واعتبر أن ذلك توجه لتركيا في هذه المرحلة.

وفي تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أنه سيتم إجراء عملية عسكرية وشيكة أعلن عنها سابقاً ضد مناطق الإدارة الذاتية “عند الحاجة إليها، ليس هناك تردد في ذلك”.

تصريحات “أردوغان” تلك أعقبت تحذيرات من الخارجية الأميركية لتركيا من قيامها بأي عملية أحادية، وتأكيداتها على استمرار دعمها قوات سوريا الديمقراطية لمواجهة مخاطر تنظيم “داعش”.

ويعتقد سياسيون في شمال شرقي سوريا أن استراتيجية تركيا الجديدة قد تعتمد على إثارة قلاقل تهز استقرار المناطق التي تديرها الإدارة الذاتية، وذلك بعد عدم تمكنها من الحصول على ضوء أخضر جديد من  واشنطن وموسكو لتنفيذ عملية عسكرية ضدها.

وفي تموز/ يوليو الماضي، قالت جزيمة محمد، وهي زوجة أحد مقاتلي تنظيم “داعش” من الجنسية المالديفية في مخيم الهول، لنورث برس، إن “ناتاليا باركال” التي هربتها تركيا، كانت قد التحقت مع زوجها بالتنظيم، وكانت من بين النساء اللواتي خرجن من مخيم الباغوز العام 2019.

وقبلها ذكرت وكالة “الأناضول” الرسمية التركية أن “الاستخبارات التركية أنقذت مالدوفية وأبناءها الأربعة”، واتهمت قوات سوريا الديمقراطية باحتجازهم مع أنها جاءت  برفقة زوجها إلى سوريا “بغرض التجارة”.

وعام 2019، كشف المبعوث الأميركي السابق للتحالف الدولي ضد “داعش” بريت ماكغورك، أن تركيا سمحت بعبور 40 ألف داعشي قدموا من عشرات الدول المختلفة للانضمام إلى “داعش” في سوريا.

ومنتصف هذا الشهر، قالت امرأتان (تونسية وروسية) فشلتا في الفرار من مخيم الهول، لنورث برس، إنهما كانتا متجهتين لمدينة جرابلس بريف حلب الشرقي الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة الموالية لأنقرة بهدف الوصول إلى تركيا.

وقالت إحداهما إن جرابلس تضم مخيماً “وهناك تتم مساعدة الأخوات (نساء داعش من جنسيات أجنبية) في الوصول إلى تركيا ومن ثم العودة إلى بلادهن”.

ويرى القيادي في قسد أنه “حان الوقت ليفتح المجتمع الدولي عينيه جيداً ويرى الحقيقة، لأن كل تأخير بعد الآن ينتج ضحايا ويخلق فرص جديدة لعودة تنظيم “داعش” بشكل أو بآخر”.

إعداد: زانا العلي- تحرير: حكيم أحمد