تكليف طلاب جامعات في التدريس بالسويداء والطلبة يشتكون من ضعف الأداء
السويداء- نورث برس
تشغل مدارس السويداء، وسط سوريا، في الحلقتين الإعدادية والثانوية هذا العام أعداداً من المعلمين الذين مازالوا طلاباً في جامعاتهم ومنهم من قدم من السنة الثانية والثالثة من كليات التربية والرياضيات والفيزياء والعلوم وتخصصات كليات الآداب الأخرى كاللغة العربية والفلسفة.
ويأتي هذا لملء الفراغ الحاصل من قبل معلمين اختصاصيين كانوا داخل الملاك في القطاع التعليمي بالسويداء وتركوا وظائفهم، إذ توجه قسم منهم لمهن أخرى، فيما هاجر آخرون خارج البلاد.
وبحسب مصدر في قسم الشؤون القانونية والإدارية في مديرية التربية بالسويداء فإن عدد طلاب الجامعات المكلفين بالتدريس في مدارس السويداء هذا العام ومن خارج الملاك بلغ ٨٩ طالباً جامعياً، لإعطاء 22 ساعة في البرنامج الأسبوعي موزعين على ست ثانويات و١٠ إعداديات في مدن وبلدات السويداء.
والخميس الماضي، أصدرت وزارة التربية السورية تعميماً طالبت فيه مديرياتها في كافة المحافظات تعيين معلمين وكلاء من طلاب الجامعات (السنة الثالثة والرابعة والخامسة) بوكالة اختصاصية بنصاب 22حصة دراسية في مدارس التعليم الأساسي (الحلقة الثانية) ومدارس التعليم الثانوي والمهني ومعاملتهم مالياً معاملة المعلم الوكيل في الحلقة الأولى.
وقال تعميم الوزارة إن هذا الإجراء يأتي “حرصاً على استقرار العملية التربوية والتعليمية وضبط جودتها ومعالجة النقص في الأطر التدريسية”.
لكن سميح رافعة (55عاماً) وهو اسم مستعار لموظف في قسم الشؤون القانونية والإدارية في مديرية التربية بالسويداء قال إن قرار تعيين طلاب الجامعات وصل إلى المديرية منذ شهر.
ووصف “رافعة” القرار بـ”كارثة تعليمية”، إذا سيؤدي ذلك إلى انخفاض مستوى المخرجات التعليمية للطلاب “وذلك لانعدام المؤهلات التخصصية وضعف التجربة الصفية لدى طلاب الجامعات”.
استقالات
وبحسب الموظف الحكومي فإن 33 مدرساً مختصاً في كل من مواد الرياضيات والفيزياء والعلوم في المدارس الثانوية العلمية في عموم السويداء قد تركوا وظائفهم منذ بداية العام الدراسي وغادروا خارج البلاد.
وذكر الموظف الذي فضل عدم نشر اسمه لأسباب تتعلق بوظيفته الحكومية أن ٢٢ مدرساً مختصاً في مواد اللغة العربية والفلسفة واللغة الإنكليزية في الثانويات الأدبية في السويداء أيضاً قدموا استقالتهم هذا العام وتوجهوا للعمل في أماكن أخرى ومعاهد خاصة وقسم غادر البلاد.
وأضاف أن خمسة عشر مهندساً في كل من الاختصاصات الميكانيكية والكهربائية والمعلوماتية في الثانويات المهنية والمعاهد الصناعية التابعة لمديرية تربية السويداء تركوا وظائفهم الحكومية كمدرسين هذا العام.
وكان عدد المعلمين في السويداء قد انخفض من 15 ألف معلم قبل الحرب في سوريا إلى أقل من 10 آلاف بسبب الاستقالات التي قدمت بغية السفر والهجرة خارج البلد والتفرغ لأعمال أخرى، بحسب مصدر من مكتب الشؤون القانونية في مديرية التربية بالسويداء، اشترط عدم نشر اسمه.
وبحسب المصدر نفسه فإن عدد استقالات المعلمين بلغت حتى عام 2020 قرابة 1240 استقالة لم يتم الموافقة إلا على نصفها.
ويضطر عدد من معلمي السويداء، للتوجه إلى الأسواق لبيع الخضار والفواكه بعد انتهاء دوامهم اليومي في المدارس، وذلك بسبب تدني رواتبهم وارتفاع أسعار كافة المواد الغذائية والأساسية.
ويلجأ قسم آخر من المعلمين غالباً لإعطاء دروس خصوصية سواء في منازلهم أو في منازل الطلاب، أو ممارسة إحدى المهن ليستطيعوا تدبر معيشة عائلاتهم.
“لا خبرات كافية”
ويبلغ وسطي رواتب المعلمين في المدارس الحكومية نحو 70 ألف ليرة سورية، وذلك وسط انهيار قيمة الليرة السورية وغلاء المواد الغذائية.
ورغم أن الرئيس السوري أصدر العام الماضي مراسيم وقرارات بزيادة على أجزاء من تعويضات ضمن رواتب المعلمين، إلا أن الزيادة الفعلية لم تتجاوز بضعة آلاف، خاصة وأن نسب تعديل الرواتب تم احتسابها وفق الأجر الشهري النافذ في العام 2013.
وقال زين حمشو (18عاماً) وهو اسم مستعار لطالب ثالث ثانوي في إحدى مدارس السويداء، إن طلاب الجامعات الذين يقومون بتدريسهم في الثانوية “لا يملكون الخبرات العلمية الكافية، بل إن هناك أخطاء يرتكبونها في حل المسائل العلمية”.
وأضاف: “أعمار طلاب الجامعات المكلفين لإعطاء الدروس التخصصية متقاربة من أعمارنا ولديهم ضعف في الشخصية أمامنا”.
ولم تتمكن نورث برس من الحصول على تصريح من أحد طلاب الجامعات المكلفين بإعطاء دروس في المدارس بسبب رفضهم الإدلاء بأي تصريح والتعليق على شكاوي طلاب المدارس.
وقالت ابتسام رحمة (18عاماً) وهي طالبة تعليم مهني في ثانوية الحاسوب في مدينة السويداء، إن ثلاثة من المهندسين المختصين في مواد المعلوماتية الذين كانوا يعطون الدروس العام الفائت، غير موجودين هذا العام في الثانوية.
وأضافت الطالبة أن المناهج التعليمية الخاصة بهم تحتاج إلى مدرسين مختصين أصحاب كفاءات عالية “وليس طلاباً يدخلون إلى الصف لا يملكون الحد الأدنى من مقومات الإعطاء الصفي إضافة لشح المعلومات لديهم”.
وأشارت في حديث لنورث برس إلى أن العديد من الطلاب بدأوا يفكرون بالتوجه إلى الدروس الخاصة “لتعويض النقص العلمي الحاصل في الثانوية”.