قلة وسائل النقل الداخلي في حلب وسائقون لا يلتزمون بالتسعيرة الحكومية
حلب – نورث برس
من منزله في حي الحمدانية إلى حي السبع بحرات في حلب القديمة، شمالي سوريا، يقضي سامي محمد العاصي (39عاماً) أكثر من ساعة ونصف للوصول إلى مكان عمله في دائرة النفوس ومثلها في طريق عودته للمنزل.
وتدفع قلة وسائل النقل الداخلي والازدحام الشديد وارتفاع أجور سيارات الأجرة الخاصة، الموظف الحكومي أحياناً لقطع نصف المسافة سيراً على الأقدام أو الانتظار لأكثر من ساعة لركوب حافلة نقل تابعة للحكومة أو سرافيس نقل عامة تعود ملكيتها لأشخاص ويعلمون على خطوط النقل العام.
ويشتكي “العاصي” وآخرون من عدم كفاية حافلات النقل العامة، وخاصة أن معظم السكان يعتمدون عليها في كافة تنقلاتهم، وهو ما يتسبب بأزمة مواصلات وخاصة في ساعات ذهاب وعودة الموظفين من دوامهم.
وتشهد حلب كما باقي مناطق سيطرة حكومة دمشق أزمة مواصلات خانقة بسبب قلة وسائل النقل الداخلي العاملة على الخطوط الرابطة بين أحياء المدينة.
وتعج المواقف العامة بتجمعات ضخمة للسكان تستمر لساعات طويلة بانتظار السرافيس لنقلهم لوجهتهم.
وقال الموظف الحكومي إن الأمر لا يقتصر على الازدحام الكبير والانتظار لساعات، بل يتعداه إلى عدم التزام السائقين بالتسعيرة المحددة من قبل الحكومة، “ليس هناك ضوابط وقوانين تلزم السائقين بالتسعيرة.”
وتبلغ التسعيرة الحكومية من حي الحمدانية إلى حي باب جنين 75 ليرة سورية، إلا أن كل راكب يدفع أكثر 100 ليرة سورية، بحسب سكان محليين.
“مخصصات غير كافية”
ولا يجد “العاصي” مشكلة في دفع 100 ليرة بسبب تدني قيمة العملة وغياب النقود من الفئات الصغيرة، “لكن بعض السائقين يفرضون 200 ليرة على الراكب الواحد، وهذا يعني دفع راتبي 55 ألف على وسائل النقل التي نحشر فيها كالغنم.”
لكن عبد العزيز الجردي (46عاماً) وهو سائق حافلة على خط الحمدانية أرجع سبب عدم الالتزام بالتسعيرة الحكومية إلى قلة مخصصاتهم من مادة المازوت المدعوم واضطرارهم لشرائها من السوق السوداء “بأضعاف سعر المدعوم.”
وتبلغ مخصصات حافلات النقل العام 30 لتراً من المازوت كل يومين، “لكننا نشتري كميات مماثلة بـ2500 ليرة للتر الواحد من السوق السوداء”، بحسب السائق.
ورأى سائقون آخرون أنه حتى 100 ليرة غير كافية بسبب ارتفاع أسعار المحروقات وتكاليف أعمال الصيانة.
وفيما يتعلق بالازدحام الشديد داخل الحافلة، أرجع سائقون السبب إلى قلة عدد الحافلات والسرافيس وحاجة السكان. ويكمن الحل وفقاً لهؤلاء في زيادة مخصصاتهم من المازوت وأعداد الحافلات العاملة على خطوط النقل.
وفي آذار/ مارس الماضي، أقر مجلس الشعب، مشروع قانون تضمن السماح لسيارات الركوب الصغيرة السياحية والمتوسطة الميكروباص التي لا يزيد عدد ركابها عن عشرة ركاب عدا السائق والمسجلة في الفئة الخاصة، بنقل الركاب وفق نظام التطبيق الإلكتروني لنقل الركاب.
“حافلات مجانية”
وفي الثالث عشر من نيسان/أبريل الماضي، خصص الحزب حافلات نقل بالمجان وذلك بأمر من أحمد منصور، أمين حزب البعث في حلب واستمر ذلك لمدة أسبوعين فقط.
وتم تخصيص 15 حافلة حينها للعمل “لتقليل أزمة المواصلات العامة”، ولكن فعلياً لم تعمل إلاَّ ثمانية منها، وهذه كانت بعد انتهاء دوام الموظفين وانقضاء ساعات الذروة، بحسب سكان.
واعتبر سكان من حلب حينها، أن الحافلات التي قدهما حزب البعث في المدينة لنقل الركاب مجاناً في ظل أزمة المواصلات الحادة، ما هي “إلا دعائية لتحقيق مكاسب في الانتخابات.”
ولا يجد محمود محي الدين (44عاماً) وهو موظف حكومي في مديرية التربية بحلب ويسكن في حي سيف الدولة، حلاً سوى دفع ما يطلبه السائقين وتحمل الازدحام في سرافيس النقل في سبيل عدم التأخر على دوامه.
وقال “محي الدين” إن معظم الحافلات على خط سيف الدولة تتسع لـ24 راكباً، “لكن السائقين يضعون فيها أكثر من 60 شخصاً وأحياناً لا نحصل على مقعد بعد انتظار قد يطول لساعتين.”
ويفضل “محي الدين” دفع 200 ليرة أحياناً على الانتظار الطويل على مواقف السيارات، لكنه قلما يجد مقعداً للجلوس، “في معظم الأوقات أضطر للوقوف في الحافلة حيث لا مكان للجلوس.”